في ظل محاولات الرياض الحثيثة للتقرب من موسكو خلال الفترة الراهنة، خاصة بعد العدوان السعودي على اليمن الذي أفقد الأخيرة جزءا كبيرا من نفوذها وسيطرتها وهيبتها وسط دول العالم وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي، وصل وزير الخارجية السعوي "عادل الجبير" إلى موسكو الثلاثاء، في زيارة تأتي بعد أقل من شهرين على زيارة ولي ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" إلى روسيا، وتمهد في الوقت نفسه بزيارة العاهل السعودي الملك "سلمان" أواخر العام الجاري. ناقش الطرفان السعودي والروسي خلال الزيارة العديد من القضايا والأزمات في المنطقة، لكن جاءت الأزمة السورية واليمنية على رأس القائمة، حيث تحدث الجانبين عن الوضع في سوريا وليبيا واليمن والعراق، وأكد وزير الخارجية الروسى، أن هناك حاجة ملحة لوقف القتال فى اليمن واستئناف العملية السياسية، قائلا "أطلعنا السعودية على فحوى الاتصالات بين روسيا وبعض الأطراف اليمنية"، مطالبًا بدعم المبادرة العربية للسلام فى المنطقة التى اقترحتها السعودية. كما بحثا الطرفان تسوية الأزمات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، وسبل التعاون في مجالات الاستثمارات والطاقة النووية السلمية والزراعة والهندسة المدنية، بالإضافة إلى تطوير التنسيق بين الجانبين في أسواق الطاقة العالمية. سوريا في صلب المحادثات الخلاف حول الأزمة السورية ومصير الرئيس السوري "بشار الأسد" خيم على المحادثات بين الجانبين، ففي الوقت الذي أكد فيه كلا الوزيرين السعودي "عادل الجبير" والروسي "سيرجي لافروف"، على وجود توافق بالنسبة لبعض جوانب الأزمة السورية، جدد كل منهما التأكيد على موقف بلاده بالنسبة لمصير الرئيس السوري "بشار الأسد". "لافروف" أكد على وجود خلاف مع السعودية حول مصير "الأسد"، وشدد على أن السوريين أنفسهم يجب أن يقرروا مصير "الأسد"، وذلك من خلال حوار شامل بمشاركة جميع الأطراف المعنية من أجل تحديد ملامح المرحلة الانتقالية، وقال "لدينا اختلافات حول مصير الرئيس بشار الأسد، ويكمن موقفنا في ضرورة تقرير جميع مسائل المرحلة الانتقالية من قبل السوريين أنفسهم على أساس الحوار". تابع "لافروف" أن روسيا والسعودية نسقتا خطوات عملية لتسوية الأزمة السورية، وأوضح أن الطرفين اتفقا على تنسيق الخطوات العملية لاستئناف الحوار السوري-السوري الشامل برعاية المبعوث الأممي "دي ميستورا"، وأكد وزير الخارجية الروسي أن المناقشات التي تجريها موسكو مع أطياف المعارضة السورية تصب في المجرى المشترك الذي يجري تنسيقه مع الرياض والأطراف الدولية الأخرى. في الوقت نفسه نفى "لافروف" وجود أي خطط لدى موسكو لاستضافة اجتماع واسع لأطياف المعارضة السورية، ووصف أنباء نشرت بهذا الشأن بأنها غير صحيحة، وأعاد إلى الأذهان أن موسكو استضافت لقائين تنسيقيين للمعارضة السورية في يناير وأبريل الماضيين، أما الآن فتواصل روسيا الاتصالات مع كل طيف من أطياف المعارضة على حدة. توافق حول مبادرة "بوتين" من جانب آخر؛ أكد وزير الخارجية الروسي عقب المحادثات أنه جرى تحقيق بعض النتائج الأولية فيما يتعلق بمبادرة الرئيس "بوتين" الخاصة بإنشاء تحالف إقليمي لمحاربة "داعش"، وقال "لافروف"، "أنا واثق من أننا سنواصل بحث المبادرة، وقد تم تحقيق نتائج أولية محددة"، وأضاف "لدينا موقف متطابق من ضرورة توحيد الجهود في مكافحة الخطر الذي يهدد الجميع والمتمثل في تنظيم "داعش" وجماعات إرهابية أخرى، إنه خطر واقعي على روسيا وعلى المملكة العربية السعودية ودول أخرى في المنطقة وخارجها". "سلمان" في روسيا نهاية العام بحث الجانبين زيارة مرتقبة للعاهل السعودي الملك "سلمان بن عبد العزيز" إلى روسيا، والمخطط لها أواخر العام الجاري، وفي هذا الشأن قال وزير الخارجية السعودي إن الرياض تتوقع أن تعود الزيارة المرتقبة للعاهل السعودي الملك "سلمان بن عبد العزيز" إلى روسيا بنتائج مميزة. الرياض تسعى لتقارب مع روسيا أكد الوزير السعودي أن المستوى الحالي للعلاقات بين الدولتين لا يتناسب مع دورهما على الساحة الدولية، مضيفًا أن موسكووالرياض قررتا تفعيل التعاون في كافة المجالات بما في ذلك الأمن والتعاون العسكري والتعاون السياسي، واعتبر أن زيارة ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي "محمد بن سلمان" إلى روسيا في يونيو الماضي كان لها أهمية محورية في تطور العلاقات الثنائية. توقيت الزيارة زيارة "الجبير" إلى موسكو تأتي بعد مرور أسبوع على لقاء ثلاثي في الدوحة جمعه مع نظيريه الروسي "سيرجي لافروف" والأمريكي "جون كيري"، كما تأتي قبل وصول عدة وفود من المعارضة السورية إلى روسيا، منهم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي "صالح مسلم"، وعضو لجنة المتابعة لمؤتمر القاهرة-2 "هيثم مناع"، ورئيس ما يعرف بالائتلاف الوطني السوري "خالد خوجة".