مشهد مأساوي صادم أقرب إلى الفوضى والعبث منه إلى الجد والنظام والعناية والاهتمام، حيث الكلاب والقطط وغيرها من الحيوانات الأخرى، تتمركز أمام الباب الرئيس لمستشفى حميات حلوان، فضلًا عما يشهده المستشفى من مخالفات على المستوى الصحي، لبعده الجغرافي عن العاصمة. قامت "البديل" بجولة ميدانية بمستشفى حميات حلوان، ورصدت العديد من المخالفات والإهمال الصحي على المستويات كافة، فمن المتعارف عليه أن مستشفى الحميات من المستشفيات النوعية، المخصصة لاستقبال الحالات المرضية التي تهدد الأشخاص المعافين بالأصالة من عدوى الأمراض، بالإضافة إلى عدة مخالفات أخرى منها "المباني المتهالكة والعنابر غير المجهزة للعزل الصحي، بجانب كونه المستشفى الوحيد الذي يخدم قطاعًا جغرافيًّا كبيرًا، سكان محافظة حلوان ومحافظتي الفيوم وبنى سويف، فمعدلات مكافحة العدوى به ضعيفة، لا تسمح بتحصين حياة المواطنين الذين يزورون المستشفى؛ فيسهل انتقال العدوى منهم إلى المعافين بدنيًّا؛ لعدم المتابعة من قِبَل الوزارة، وإهمالها لتلك المستشفيات البعيدة رغم الضغط الكبير عليه من المواطنين بالمناطق النائية عن العاصمة. قال "م . أ" أحد المرضى المحتجزين بالمستشفى: هناك بعض المشكلات التي أعانيها أثناء توجهي إلى المستشفي للكشف، حيث أقف وقتًا كبيرًا جدًّا؛ لتزايد أعداد المرضى، فأتحمل عذاب الانتظار وعذاب المرض. الزوار معرضون للإصابة بالأمراض وفي سياق متصل قال محمد كمال، ذو صلة قرابة بأحد نزلاء المستشفى: أقارب المرضى لا يتم الاهتمام بهم، فلا توجد مكافحة عدوى، وفي الوقت نفسه الأدوية التي يتم طلبها من الزائرين نحضرها من الخارج؛ لأنها تكون غير موجودة بصيدلية المستشفى، وهذا يدل على عدم وجود إمكانيات للمحافظة على حياة المرضى، ومنع نقل العدوى إلى المواطنين المعافين. بينما قالت "س .م" أحدى النزيلات بالمستشفى تعاني من الحمى: المستشفى مقبول إلى حدما بالنسبة إلى مستوى الخدمة الطبية المقدمة، فأنا لا أستطيع تحمل تكاليف العلاج في المستشفيات الاستثمارية أو الخاصة، والأطباء بالمستشفى جيدون ويهتمون بي وبمحاولة تشخيص الأمراض ومساعدتي على التماثل للشفاء بدون تكلفة. من جانب آخر قال الدكتور محمود أحمد، طبيب حميات: مستشفى الحميات من المستشفيات المتخصصة أو النوعية، وهي تستقبل حالات خاصة مثل "أنفلونزا الطيور والخنازير وحميات البحر المتوسط" لاحتياج تلك الحالات إلى العزل عن الأخرى؛ لمنع انتقال العدوى إليهم. وأكمل: هذه المستشفيات يجب أن تكون مجهزة لاستقبال الحالات المرضية الحرجة، والحميات التي تتطلب عزل المرضى عن المواطنين الآخرين؛ لعدم نقل العدوى المرضية إليهم. وأكد أحمد أن عوامل مكافحة العدوي متعددة؛ منها ضرورة توفر أدوية الأنفلونزا بأنواعها المختلفة، وتوفر أسرة بغرف العناية المركزة بالمستشفيات، وأيضًا التأكد من وجود فرق ذات كفاءة عالية وهم المسؤولون عن infection controlتكون وظيفتهم الأساسية توفير وسائل مكافحة العدوى والتأكد من استخدامها وتطبيقها داخل المستشفيات، مثل وجود الجونتيات واستخدامها من قِبَل الطواقم الطبية والعاملين والفنيين، والتأكد من وجود القطن النظيف، وتغيير إبر الخياطة، وعزل القمامة الموجودة بالمستشفى، كل صندوق لنوع معين، والتخلص من القمامة بشكل دوري وبطرق صحية حتى لا تكون سببًا رئيسًا في نقل العدوى وانتشار الأمراض والأوبئة، والتأكد من مسح الأرضيات بفنيك والديتول ومواد التنظيف بصفة مستمرة؛ لزيادة معدل الأمان ومكافحة العدوى. المستشفى يخدم حلون وبني سويف والفيوم وبالتواصل مع مديرة مستشفى حميات حلوان الدكتورة علا عبد الرحمن، رفضت الإدلاء بأي تصريحات صحفية وطلبت من محررة "البديل" الحضور إلى الإدارة المركزية للشؤون الصحية بحلوان، وبعد الالتقاء بالدكتور أيمن جاد، رئيس الإدارة المركزية، الذي أوضح عدة نقاط، منها أن المستشفى يخدّم على منطقة سكنية كبيرة، فإن منطقة حلوان من أكبر المناطق ازدحامًا من حيث عدد السكان القاطنين بها، مشيرًا إلى أن المستشفى أيضًا يخدّم على عدد من المحافظات الأخرى مثل بني سويف والفيوم، موضحًا أنه لا توجد أي مشكلات أو عقبات تواجه المستشفى سوى فى بعض حالات لنقل المرضى إلى مستشفى آخر؛ لعدم وجود بعض التخصصات مثل الأوعية الدموية والجراحات المعقدة، التي لا يسهل وجودها بالمستشفيات التابعة لوزارة الصحة، لكنها تواجد بشكل دائم بالمستشفيات التعليمية والجامعية؛ لتواجد هذه التخصصات بوفرة، ولذلك تعقد الوزارة بعض الاتفاقيات لتقديم سبل التعاون بينها وبين الجهات الأخرى كالمعاهد التعليمية والمستشفيات الجامعية؛ لتوفير الأطباء في التخصصات اللازمة، التي يكون بها العجز. وأشار جاد إلى أن هناك عبئًا كبيرًا على نقص الميزانية الخاصة بالصحة في مصر، وأنها النقطة الرئيسة في التدهور الذي أصاب المنظومة الصحية، ولذلك نجد الوزارة دائمًا تطالب بزيادة الميزانية المخصصة للقطاع الصحي من إجمالي الناتج القومي، بالإضافة إلى أن مصر لم تصل إلى متوسط الحد الأدنى للمخصصات الصحية في الدول المحيطة أو النامية، حيث بلغت مقدرات المخصصات المالية للقطاع الصحي في السودان 7.3% من إجمالي الناتج القومى، وبلغت في مصر 4.8% من إجمالى قيمة الناتج القومي، وهو ما يتسبب في وجود هذه الخدمة الطبية السيئة، ولذلك فإن زادت المطالب بزيادة المخصصات الصحية ستتحسن المنظومة، وسترتفع درجة الخدمة المقدمة للمواطنين، وسيشعر الجميع في هذا الوقت بطفرة في الوضع الصحي بمصر؛ وذلك لمعالجة سبب المشكلة الأساسي وهو ضعف الموارد المالية، وسوء التوزيع الثروات على القطاعات المختلفة. وأكدت الدكتورة علا عبد الرحمن أن هناك تواصلًا مستمرًا بين المسؤولين عن المستشفيات ورؤوسائهم المباشرين في العمل أو بالوزارة لصالح المواطن المصري، وحفاظًا منهم على صحته، مشيرة إلى أن هناك تعليمات من قِبَل الوزارة بعدم الإدلاء بأي تصريحات صحفية إلَّا عن طريق المكتب الإعلامي لوزارة الصحة.