تستعد حكومة «محلب» لاحتفالية ضخمة، في افتتاح «قناة السويس الجديدة»، المقرر له الخميس المقبل، يشارك فيها كافة أطياف الشعب، وألوان الفن والرقص والطرب، فضلًا عن الضيوف الأجانب الذين تلقوا الدعوات لهذا الكرنفال الشعبي، الذي كان مبررًا لإصدار الحكومة قرارًا بكون ال6 من أغسطس الجاري عطلة رسمية. هذه الأيام لا تشبه فحسب حفل الخديوي إسماعيل، بعد حفر القناة، إذ يشهد التاريخ على أكثر من «قناة سويس جديدة»، مثلما يطلقون عليها دائما، وكلما بدأوا في مشروع توسعة جديد للقناة.. هكذا يخبرنا التاريخ. وتذكرنا صحافة العام 1949، حدثًا كالذي نشهده هذه الأيام، عندما خرجت الصحافة تبارك قناة السويس الجديدة «قناة فاروق»، والتي لم تكن سوى تفريعة أولى من القناة، لها قصة يرويها عدد مجلة المصور بتاريخ 11 نوفمبر 1949، إذ يحكي ويبارك إنجاز الملك في ذلك الوقت، الذي جاء بعد انتهاء الحرب العالمية، وكذلك هزيمة عام 1948.. وإليكم التقرير الذي كان عنوانه «قناة السويس تلد قناة جديدة»: في كل يوم تجتاز قناة السويس 26 سفينة، نصفها آت من الشرق، ونصفها ذاهب إليه، ومع ذلك ليس في استطاعة سفينتين أن تلتقيا في عرض القناة، وذلك هو العيب الذي رؤى تلافيه بإنشاء «قناة فاروق»، التي نحدثك عنها فيما يلي منذ أيام بدأت شركة قناة السويس في حفر قناة جديدة، بدأت الحفر من الطرفين، وبعد قليل يلتقي العمال في منتصف الطريق. ولهذه القناة الجديدة قصة قديمة، ففي سنة 1859 أخذ «فرديناند ديليسيبس» في حفر قناة السويس مبتدئًا من بورسعيد، فلما أتم العمال حفر الخمسين كيلومترًا الأولى، اصطدمت معاولهم بمنطقة صخرية لا يسهل الحفر فيها بأدوات ذلك العهد، فرأى المهندس أن يتفاداها بالحفر حولها على شكل قوس بلغ طوله 12 كيلومترًا، وقد استغرق حفر القناة من بورسعيد إلى السويس 10 سنوات. وعندما فتحت القناة لمرور السفن كان عرضها 22 مترًا، وعمقها 8 أمتار، ومع أن السفن منذ 80 سنة لم تكن في ضخامة سفن اليوم، فلم يكن في استطاعة سفينتين أن تلتقيا في عرض القناة، وإذا دخلت سفينة من بورسعيد ذاهبة إلى السويس، وجب أن ترسو السفن الآتية من الناحية الأخرى في بحيرة التمساح وتنتظر. وتقدم الزمن، وازدادت السفن التي تعبر القناة، وكبرت، فظلت الشركة توسع القناة حتى صار عرضها 60 مترًا وعمقها 10 أمتار. كانت السفينة التي تعبر القناة لا تتجاوز حمولتها ألفي طن، واليوم تعبرها السفينة الضخمة، التي تبلغ حمولتها 8 آلاف، لا بل عبرتها الباخرة الكبرى "ايل دي فرانس"، وحمولتها 46.500 طن، وعبرتها حاملة الطائرات "فالي فورج" وطولها 271 مترا، وعبرتها المدينة العائمة. رأت الشركة مد القناة الجديدة بين طرفي القوس في خط مستقيم، ستمدها في الصخرة التي تفاداها ديليسيبس، يوم كانت الآلات التي تحفر الصخر غير موجودة، وسيكون طولها 10 كيلومترات. ومساحة القناة الجديدة 2.400.000 متر مربع، ولذلك أذنت الحكومة للشركة، وفي سنة 1938 بلغ عدد السفن التي اجتازت القناة 1817، وفي سنة 1948 مرت بها 8686 سفينة، ثلثها حاملات البترول، مائة ألف طن تجتاز القناة كل يوم، يصدره الشرق إلى الغرب، كما تجتازها كل يوم 26 سفينة، نصفها آت من الشرق والنصف الباقي ذاهب إليه.