بين حارس خائن وطالب للمال دون أخلاق، تستمر وقائع سرقة الجثث بالمنيا، الأول يحركه إغراء المال، والثاني يبحث عن مستقبله في حرمات الموتى، وأكدت محاضر شرطية، إلى جانب اعتماد وضع أقفال وأبواب حديدية على المقابر، بالإضافة لاعترافات أطباء وأهالي ومتعهدي المقابر، شواهد انتشار سرقة الجثث. ذكر محمود عرفان، طبيب بالمنيا، أن شراء جثث الموتى من متعهدي المقابر أمر معلوم للجميع، فالطالب مكلف بإحضار جثة، والحارس يتعامل مع الجثث على أنها سلعة تباع وتشترى، وعندما يجد الحارس استهانة الطالب الذي يعتبره طبيبًا بحرمة الموتى، يستهين هو الآخر ويشعر كأنه يقدم خدمة للناس عن طريق بيع الجثث. وأضاف أن الجثة إما أن تباع بأكملها أو تباع أجزاء منها بحسب حاجة الزبون، وليس بالضرورة أن يكون طبيبًا، فبعض الدجالين يطلبون أشياءً غريبة كقطعة من لحم الميت أو سنة من أسنانه، وغير ذلك، وبالتالي يكون الاتفاق بين الحارس والمواطن العادي وبالمزاد السري. أهالي بقرية سوادة مركز المنيا حرروا محضرًا ضد متعهد المقابر، اتهموه ببيع جثة ذويهم لطلاب كلية الطب، بعدما فوجئوا باختفاء الجثة عقب تشييعهم رفات آخر في نفس المقبرة، موضحين أن المقبرة بناية الطوب اللبن كما أن بابها مكون من الطوب، بالتالي لا يوجد به باب وقفل حديدي، مما سهل مهمة السارق. أقفال حديدية ورصدت البديل في القرية ذاتها وضع أبواب حديدية محكمة الغلق من خلال أقفال حديدية بالمقابر كافة، رغم اعتياد الأهالي بمعظم القرى غلق مقابرهم بواسطة طلاء طيني من الطوب اللبن، وفسر الأهالي ذلك كنتيجة لتخوفهم من سرقة الجثث بعد الواقعة المذكورة، وقالوا إن الأبواب الحديدية الضامن الوحيد لحفظ موتاهم. بيع المقبرة بالجثث المحضر رقم 21 أحوال ملوي المحرر ضد متعهد مقابر قرية جلال الشرقية بالمركز، سجل إحدى وقائع سرقة رفات الموتى، فمحررو المحضر اتهموا المتعهد ببيع مقابرهم لأكثر من شخص في نفس الوقت، والتخلص من جثث الموتى في أماكن غير معلومة، وأضاف الأهالي في بلاغهم أن المتعهد باع عدة مقابر رغم شرائهم لها ب1500 جنيه. وأوضح عدد من الأهالي أن معظم وقائع سرقة الجثث تقع ب"مقابر الصدقة" المخصصة لدفن الفقراء ممن لا يمتلكون مقابر لدفن موتاهم، وبالتالي لا يكون لأحد الحق في اختيار مقبرة معينة لدفن ذويه، ولو كان مدفونًا به أحد أقاربه الآخرون، فالأصل في تلك المقابر أنها ملك للجميع من الفقراء، ويحدد متعهدها المقبرة التي سيدفن بها الميت الأخير.