بينما تلوح في الأفق مجهودات أممية في محاولة لعقد «جنيف3» لحل الأزمة السورية التي اندلعت منذ أكثر من 4 أعوام، يستأنف المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا اتصالاته ومشاوراته في عدد من الدول التي لها نفوذ سياسي في هذا البلد العربي الذي عانى في الفترة الأخيرة من شح المبادرات السياسية التي تهدف في مضمونها إلى حل الأزمة بطريقة سلمية وترضي جميع الأطراف، وما يزيد التفاؤل حول هذه الجهود الاتفاق الأخير بين إيران والقوى الكبرى والذي قد يلقي بظلاله على ملفات من ضمنها الملف السوري. توجه المبعوث الأممي دي ميستورا إلى العاصمة الإيرانيةطهران، واجتمع مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ونائبه حسين أمير عبد اللهيان، وبحث ظريف ودي ميستورا تطورات الأوضاع في الملف السوري، وأكد ظريف أن الحل السلمي هو السبيل الوحيد لحل الأزمة، مشددا على ضرورة مكافحة الإرهاب. وأعلنت جيسي شاهين المتحدثة باسم دي ميستورا أن زيارة المبعوث الأممي إلى طهران تأتي في إطار مشاوراته بشأن الأزمة السورية، وفي بيان لها، ذكرت شاهين أن دي ميستورا أكد خلال اللقاء على "الحاجة الملحة لإيجاد حل سياسي للصراع في سوريا، وتبادل وجهات النظر بشأن كيفية المضي قدما في العملية السياسية بدعم من مجلس الأمن". وينتقل ديمستورا إلى سوريا لإجراء محادثات لعدة أيام مع المسؤولين السوريين، وأطياف المعارضة الداخلية وناشطين محليين، ويبدأ دي ميستورا زيارته لدمشق، بعد جولة له شملت عدد من الدول، أبرزها مصر والأردن حيث التقى عدداً من ممثلي المعارضة السياسية والعسكرية في البلدين. وسيضع المسؤول الأممي، وفقاً لبعض التقارير التي ظهرت في الصحافة القريبة من الملف، الجانب السوري في ضوء اتصالاته ولقاءاته خلال الجولة الماضية، كما التوقعات المبنية على انعقاد جولة ثالثة من المحادثات الدولية بين الأطراف السورية والإقليمية بخصوص سوريا، وعلق مسؤول سوري بأن دمشق سبق وأبلغت المبعوث الدولي عن استعدادها للمشاركة في «جنيف 3 شرط أن يسبق هذا المؤتمر تحضيرات جيدة»، وذلك باعتبار «الفشل أمر طعماً من عدم الانعقاد، وسيترك أثراً سلبيا أكثر». ويرى المسؤولين في دمشق أن «التحضيرات الجيدة» تعني مشاركة كل الأطراف المعنية، بما فيها إيران بالطبع، كما يعني التزاماً سورياَ، من مختلف الأطياف المشاركة وإقليمياً ودولياً «بمكافحة الإرهاب باعتباره أولوية»، ودون استثناء تنظيمات معارضة قريبة من تركيا وقطر والسعودية، مثل «جبهة النصرة» و «أحرار الشام» و «جيش الإسلام» وغيرها. وثمة مؤشرات ظهرت تتحدث أن التغيرات الإقليمية لاسيما بعد الاتفاق النووي الإيراني، ربما «تترك أثرها الايجابي» على هذه المساعي، وستكون فرصة لسماع الرأي والآخر لبحث الملف السوري، كما أن المبعوث الأممي سيسعى بدوره، وفقا لمصدر ديبلوماسي غربي، إلى «تلمس مزاج المسئولين السوريين وانطباعاتهم بعد توقيع الاتفاق»، ولاسيما أن دمشق تعتبر نفسها «مستفيدة منه». اعتبر المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي المحامي حسن عبد العظيم، أن المساعي الرامية إلى بلورة حل سياسي للأزمة السورية تتكثف حالياً، كاشفاً أن المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أكد للهيئة ولجهات معارضة أخرى حرصه على إنجاح مؤتمر «جنيف 3» لأنه إذا ما أخفق في مهمته فإن الغرب سينسى سوريا ويلتفت إلى أمور أخرى بحسب تعبير دي ميستورا، وفي الوقت ذاته رأى عبد العظيم أن توقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى سينعكس إيجاباً على حل الأزمات في المنطقة. وفي حديث لصحيفة الوطن السورية قال عبد العظيم: إن «دي ميستورا يقوم بمساعيه من أجل تطبيق وتنفيذ أفكاره لحل الأزمة السورية، بالتالي المساعي الآن باتجاه بلورة حل سياسي للأزمة تتكاثر عبر جهود أو مبادرات عديدة منها مبادرة مصر لتوحيد المعارضة وتوحيد رؤيتها وجهودها من أجل وضع تصور للحل السياسي وفق بيان جنيف ينهي الأزمة السورية، وفي الوقت نفسه روسيا تسعى على طريقتها ودي ميستورا يسعى على طريقته حتى السعودية بدأت الآن تنسق مع مصر وتحاول أن تتكامل مع مصر باتجاه الحل السياسي». وأضاف: «دي ميستورا هو الوسيط الأممي الأخير الذي يحرص الآن على أن يتم تطبيق وتنفيذ الخطة التي وضعها بتوافق دولي وإقليمي وعربي ووطني، فهو يزور الدول المهتمة بالأزمة سواء كانت تلك الدول حليفة للسلطة أو حليفة للمعارضة الخارجية، وهو يقوم أيضاً بزيارات حتى لتركيا للقاء (القوى السورية المعارضة) التي لا تريد مقابلته في جنيف بشكل مباشر، لافتا إلى أن دي ميستورا صرح لأطراف معارضة ومنها هيئة التنسيق بأنه «يحرص على نجاح وتنفيذ جنيف 3 حتى لا يفشل لأن الفشل سيجعل الدول تغض النظر عن حل الأزمة السورية وتنشغل بأمور أخرى».