في مشهد يوضح مدى التصعيد الخطير في المواجهة بين الأكراد والحكومة التركية خلال الفترة الأخيرة بشان داعش والأزمة السورية، تبنى حزب العمال الكردستاني، قتل شرطيين تركيين عثر على جثتيهما قرب الحدود السورية، بزعم ردهم الفوري على هجوم سوروتش الانتحاري الدموي الذي نسب إلى تنظيم «داعش»، متهمين الضابطين بالتنسيق مع داعش في التفجير. ويأتي هذا التصعيد في وقت تشهد فيه تركيا حالة استنفار على حدودها مع سوريا، كما في ساحاتها السياسية تشهد تبلد من قبل الفرقاء السياسيين لاسيما مع التباطئ في تشكيل الحكومة التركية، لذا انعكاسات انفجار سورتش الذي وقع في جنوب شرق تركيا، كانت سيئة جدًا على كل الداخل التركي، لما مثله من تهديد بدخول الإرهاب إلى عقر دار أنقرة. نائب في "حزب العدالة والتنمية" الحاكم يقولها صراحة:" إذا كان داعش وراء العملية فإنه لن يبقى في سروج فقط بل قد تنتهي تركيا كلها بسرعة إلى مصير كذاك الذي تعيشه سوريا"، ولا تأتي هذه المخاوف من عدم، فالتفجير حصل في وقت يتهيأ فيه زعيم "حزب العدالة والتنمية" أحمد داود أوغلو الملكف بتشكيل الحكومة، للبدء بالجولة الثانية من المحادثات مع باقي الفرقاء السياسيين، وأيضاً في وقت تقول السلطات إنها تطلق حملة أمنية كبيرة على "خلايا" داعش في عدد من المدن التركية. ويأتي تبني "حزب العمال الكردستاني" اغتيال ضابطين تركيين، ليعرب عن استعداده للتصعيد في مواجهة سياسة مع "حزب العدالة والتنمية" ضد مشكلة الأكراد في سورياوتركيا، حيث حمل الحزب الحكومة التركية المسؤولية عن مجزرة "سوروتش" في الأراضي التركية، وانتقل من دعم الكُرد في سوريا ضد "داعش"، إلى قتال أجهزة المخابرات التركية التي يتهمها الكُرد بدعم "داعش" . وعلى خلفية هذه التطورات الأمنية، دعا رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إلى جلسة استثنائية لحكومته بهدف مناقشة خطة تتضمن إجراءات جديدة لتعزيز الأمن على الحدود مع سوريا. وكان تفجير سروج قد استهدف تجمعا لشبان يساريين أكراد للمشاركة في إعادة إعمار مدينة كوباني السورية التي دمرتها معارك سابقة بين وحدات حماية الشعب الكردي ومقاتلي داعش، وقد سارعت الحكومة التركية إلى توجيه أصابع الاتهام إلى مقاتلي التنظيم الإرهابي مشيرة إلى أن منفذ العملية الانتحارية تركي في العشرين من عمره، لكن لم يشفع لها أمام مئات المحتجين الأكراد الذين خرجوا في مناطق مختلفة من البلاد متهمين السلطات التركية بدعم "داعش" لتتحول احتجاجاتهم إلى صدامات عنيفة مع قوات الشرطة ومكافحة الشغب. هذه الجملة من التطورات يرى فيها مراقبون إمكانية لنسف الهدنة المعلنة منذ أكثر من عامين بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية، وعودة الطرفين إلى المواجهة المسلحة في ظل الاحتقان الكردي المتصاعد في هذه الدولة. وفي هذا السياق يرتكب "داعش" جريمته ضد الكُرد على الأراضي التركية لأول مرّة، فهو يتمدّد إلى الأراضي التركية ضد الكُرد على خلاف تمدّده في باقي البلدان العربية ضد نظام الحكم، ورأى "حزب الشعوب الديمقراطي" هذا التمدّد نتيجة إهمال الحكومة وتقصيرها لكن حزب العمال رآه توسعاً تركياً في صراعها مع الكُرد بتركيا، في المقابل تعهّد رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو بالاستمرار في مكافحة التنظيم، لكن القيادة العسكرية في "حزب العمال" تقول إذا لم تغيّر الحكومة علاقتها "بداعش" سنستمر في العمليات العسكرية.