عهد جديد تدخله إيران سواء على مستوى العلاقات الدولية أو الاقتصادية، حيث فتح الاتفاق النووي آفاقًا جديدة في العلاقات الدولية والدبلوماسية وتبادلات اقتصادية وتجارية تجعل طهران تعود مجددًا إلى لعب دور فعال وقوي ومؤثر في الاقتصاد العالمي، وهو ما بدأت بوادره تظهر من خلال انطلاق وفود من جميع دول العالم إلى طهران لتعزيز العلاقات الدبلوماسية وإعادة العلاقات الاقتصادية والتجارية. اعتراف دولي بالاتفاق النووي بجانب اعتراف رؤساء الدول العربية والأوروبية بالانجاز التاريخي الذي حققته إيران والمجموعة السداسية في فيينا، جاء اعتراف المنظمات والبرلمانات الدولية بهذا الاتفاق كجزء مكمل ومبارك ومؤيد له، حيث أقر الاتحاد الاوربي حصيلة المفاوضات النووية بين إيران والدول الست، كما صوت مجلس الأمن الدولي بالإجماع على القرار 2231 بشأن حصيلة المفاوضات النووية وعبر غالبية أعضاء المجلس عن دعمهم للاتفاق الحالي، وبحسب نص القرار، سيتم وقف العمل تدريجيًا بسبعة قرارات صادرة عن المجلس منذ 2006 تتضمن عقوبات ضد إيران. يعتبر هذا التصويت وهذه الإقرارات أحد المراحل المفصلية في تاريخ برنامج إيران النووي الذي استمر الجدل جوله لعدة سنوات، كما أنه يمهد الطريق أمام رفع الحظر الدولي عن إيران. على صعيد متصل؛ بدأ البرلمان الإيراني الثلاثاء، جلسات علنية ومغلقة لمناقشة حصيلة المفاوضات النووية، وسيقدم وزير الخارجية "محمد جواد ظريف"، ورئيس منظمة الطاقة الذرية "علي أكبر صالحي"، تقريرهما للبرلمان حول محصلة مفاوضات فيينا الأخيرة، كما سيقدم وزير الخارجية نص حصيلة المفاوضات إلى البرلمان الإيراني لمناقشته ومن ثم التصويت عليه. انطلاقة اقتصادية في هذه الأثناء أصبحت طهران قبلة المسئولين الأوروبيين، حيث سبقت ألمانيا الدول الأوروبية في زيارة إيران، حيث وصل وزير الاقتصاد الألماني "زيغمار غابريل" على رأس وفد مؤلف من 60 ممثلاً عن كبريات الشركات الألمانية إلى طهران، في زيارة تستمر لمدة 3 أيام هي الأولى من نوعها بعد حصيلة مفاوضات فيينا، وترمي الزيارة إلى تنمية العلاقات السياسية والاقتصادية مع طهران، حيث يضم هذا الوفد عشرة شركات كبيرة منها "فولكس فاجن" و"زيمنس" و"ليندة" وعدد آخر من الشركات الصغرى التي تتمتع بقدرات وامكانيات واسعة في المجالات التكنولوجية وانتاج المعدات والأجهزة الحديثة. خلال الزيارة جرى لقاء بين وزير النفط الإيراني ونظيره الألماني لبحث سبل تطوير وتوسيع أطر التعاون التجاري الثنائي والاستثمار في البلدين، حيث أكد الجانبان عزمهم على التعاون في جميع المجالات ومنها النفط والغاز والبتروكيمياويات، وقال الوزير الإيراني "علاقات اقتصادية وتجارية وثقافية جيدة جمعت إيرانوألمانيا وآمل أن يكون هذا الاتفاق عاملا لرفع الركود في علاقاتنا"، كما تم عقد ملتقى التعاون الاقتصادي بين إيرانوألمانيا بحضور التجار والمستثمرين والشركات الألمانية والإيرانية بهدف رفع الحواجز الموجودة على طريق التعامل الاقتصادي وتعزيز العلاقات التجارية. قبل عام 2005، كان حجم التبادل التجاري بين ألمانياوإيران نحو أربعة مليارات يورو، ليصل إلى ما دون ملياري يورو نهاية 2013، بفعل الحظر النووي الذي فرض على إيران، أما اليوم، فيجري الحديث عن صادرات ألمانية إلى إيران ستصل في نهاية 2019 إلى 10 مليارات. من جانبه أعلن وزير الخارجية الفرنسي "لوران فابيوس" أنه سيتوجه إلى إيران الأسبوع المقبل، حيث سيلتقي الرئيس "حسن روحاني"، مؤكدًا أن كل العناصر متوفرة لذهابه إلى هناك، وأضاف "فابيوس" أن اتفاق فيينا لن يحرم إيران من حقها في تطوير الطاقة النووية السلمية وهذا من حقها، معبرًا عن عن أمله في أن يحسن الاتفاق الأوضاع في المنطقة. أما إيطاليا فقد أعلنت عن توجه وفدًا تجاريًا اقتصاديًا إيطاليًا إلى إيران للبحث مع طهران بشأن تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، وأعربت وزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية "فدريكا غويدي"، عن سرورها للاتفاق النووي، معربة عن الأمل بالوصول قريبًا إلى مسار للتعاون الثنائي يعيد العلاقات إلى المستويات الماضية وما كانت عليه قبل الحظر. من جهتها، أكدت روسيا على لسان وزير خارجيتها "سيرجي لافروف"، أنها مستعدة للتعاون مع طهران في مختلف القطاعات الحيوية ما يفسح المجال للبلدين بتنفس الصعداء، أما شركات الطيران الأوروبية والأمريكية إيرباص وبوينغ، فتنتظر إمكان بيع قطع الغيار لطهران الراغبة في تطوير وتحسين أسطولها الجوي. علاقات دولية جديدة بادر وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" بأول جولة إقليمية له في المنطقة عقب انتهاء مفاوضات إيران والدول الست في فيينا، حيث يقوم "ظريف" بجولة في المنطقة تقوده إلى كل من سلطنة عمان وقطر، مؤكدًا أن أهم أولوية لبلاده تتمثل في تطوير العلاقات مع دول الجوار والتعاون معها لمواجهة التحديات التي تقف بوجه المنطقة وعلى رأسها الإرهاب، حيث تسعى الدبلوماسية الإيرانية إلى العمل الجاد باتجاه إنشاء منظومة إقليمية صالحة لموائمة المصالح المشتركة لبلدان وشعوب المنطقة، وقادرة على دفع الأخطار وإجهاض أي عامل لإثارة الصراعات الوهمية التي تهدد أمن ومستقبل هذه البلدان. 12 عام من العزلة السياسية والعقوبات الاقتصادية التي أوجعت الدول الأوروبية مثلما أثرت على طهران، لكن يأتي الاتفاق النووي ليكسر هذه العزلة ويمحي العقوبات، فتفتح طهران أسواقها من جديد أمام دول العالم، وتعود التبادلات التجارية وينتعش الاقتصاد وتنهض العلاقات الدبلوماسية من جديد، وهو ما انطلقت بوادره بمجرد إقرار الاتفاق النووي في فيينا، حيث صعدت البورصة الإيرانية وارتفع مؤشرها، وهبطت أسعار النفط استقبالًا لصادرات إيران النفطية.