الحماقي: لا توجد إدارة للأزمات في مصر وتوظيفها لخدمة الدولة شلبي: خطة الإصلاح التي أعدها صندوق النقد الدولي لليونان لم تكن مقبولة تسبب اندلاع الأزمة المالية العالمية، في عام 2008، في حدوث أزمة داخل منطقة اليورو، أثرت على إسبانيا وإيطاليا والبرتغال واليونان بشكل أكبر؛ لتأتي أزمة 2012 العالمية، وتعمق من شدة الجرح لدى تلك الدول. ربما خرجت تلك البلاد من الأزمة بعض الشيء، اللهم إلا دولة اليونان التي لم تمتص تلك الصدمات الاقتصادية تباعًا، لتستعين بعدها بصندوق النقد الدولي والاتحاد الأوربي ليعيطيها قبلة الحياة في صورة قروض بمليارات الدولارات؛ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بشرط تطبيق خطة للتقشف الاقتصادي، ليتزايدمع تطبيق تلك الإجراءات التي كان من المفترض تطبيقها في مصر أيضًا للحصول علي مساعدات مالية ب 4.8 مليار دولار عقب اندلاع ثورة 25 يناير 2011، ارتفاع معدلات البطالة والفقر والنمو الاقتصادي المتدني. فاليونان كما هو ليس بخافٍ على أحد بعد تلك الأزمات والتراجع قامت بها تظاهرات شهدتها ميادين العاصمة "أثينا"؛ لرفض خطة التقشف التي فرضتها الحكومة والدائنون الأوربيون، وذلك بعد تهديدات ألمانيا بخروج "اليونان" من منطقة اليورو ولو بشكل مؤقت، وسط رفض تام وقاطع من حكومة فرنسا بذلك؛ لتؤكد أنها ستعمل ما في وسعها للحيلولة دون ذلك، وبالرغم من حالة الشد والجذب لبقاء اليونان داخل منطقة اليورو، إلا أن خبراء الاقتصاد أكدوا أنه من مصلحة اليونان الخروج من تلك المنطقة لتحقيق نمو اقتصادي والتخلص من هيمنة التبعية لصندوق النقد الدولي ودول "اليورو". وعن مدى تأثير خروج اليونان من "اليورو" وكيفية الاستفادة منها تقول الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد والضرائب بجامعة عين شمس، إنها لن تتعدى الاستثمارات، موضحة أن خروج اليونان من منطقة اليورو يعني استمرار تراجع عملة اليورو مقابل صعود الدولار. وأضافت أنه من المتوقع ارتفاع حجم الاستثمارات المشتركة بين البلدين حال خروجها عن تبعية منطقة اليورو، في ظل عدم وجود قدرة تنافسية مع أوربا حاليًّا لدى مصر. وأوضحت الحماقي أن الاتحاد الأوربي يعد شريكًا أساسيًّا لدى مصر، لكن ما حدث في الفترات الأخيرة كان مجرد انخفاض في حجم الصادرات المصرية لأوربا بواقع 28 مليار دولار، معتبرة أن تلك القيمة تعد هزيلة جدًّا، مقارنة بصادرات ماليزيا لأوربا. وأشارت الحماقي إلى أنه لا توجد إدارة للأزمات في مصر وتوظيفها لخدمة الدولة، خصوصًا وأنه يمكن الاستفادة من أزمة اليونان، والاستفادة من الجانب الإيجابي منها، ولكن لا توجد أية دراسات لما يحدث. وتوقعت أن تكون هناك فرص كبيرة للتعاون مع اليونان حال خروجها من "اليورو"، ومن خلال التعامل بعملتها الوطنية الجديدة، مشيرة إلي أنه يمكن التعاون معهم في دعم قطاع السياحة على سبيل المثال. وطالبت الحماقي الحكومة بالعمل على تحسين المناخ الاستثماري، خصوصًا وأن هناك دولاً أوربية بما في ذلك إيطاليا تبحث عن الاستثمار في مصر بعد تأثير الأزمة المالية العالمية عليها منذ عامي 2008 و2012. وقالت الدكتورة ماجدة شلبي، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الوضع الراهن لعملة اليورو هو الانخفاض، موضحة أن كلاًّ من المفوضية الأوربية والبنك المركزي الأوربي وصندوق النقد الدولي كلها جهات دائمةفي اليونان. وأوضحت أن الشعب اليوناني يرى أن خروجه من تلك التبيعية يعد الأفضل لتحرير اقتصاده وكذلك الحال لعملته الوطنية؛ مما يعني تلاشي الأزمة الاقتصادية. وأضافت شلبي أن ذلك يعزز من فرص التنافسية بين الاقتصاد المصري واليوناني، مما يعني زيادة الصادرات بنسبة تصل ل 40%، معتبرة أن اليونان تعتبر شريكًا تجاريًّا لمصر، وبالتالي فإن هذا يعني زيادة فرص التجارة البينية للدولتين. وأوضحت شلبي أن خروج اليونان من منطقة اليورو يعني إعادة هيكلة اقتصادها والتخلص من مشروطيات صندوق النقد الدولي التي كان من المقرر فرضها على مصر للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار في أوقات سابقة. وأشارت شلبي إلى أن الشعب اليوناني لم يعد يتحمل السياسات التقشفية الصعبة التي كان يتبعها صندوق النقد الدولي، بل إن الأمور تطورت لاتباع سياسات أكثر تقشفًا؛ مما يعني تجويع المواطنين، خصوصًا الفئات الفقيرة، وهو ما ظهر من ارتفاع معدلات الفقر إلى 50% والبطالة ل 23% والدين العام إلى 140% خلال السنوات الأخيرة، وهي أمور لم تعد مقبولة لدى اليونانيين. وأوضحت شلبي أن فاتورة الإصلاح التي أعدها صندوق النقد الدولي لليونان لم تكن مقبولة، مشيرة إلى أنه من مصلحة تلك الدولة الخروج من " اليورو"، لافتة إلى أنه في ظل انتشار ظاهرة العولمة، فإن الاقتصاد المصري يتأثر بأي سبب خارجي، سواء دول العالم أو حتى مع دول البحر المتوسط والتي تتبعها اليونان ومصر أيضًا. من جهة أخري توقعت دراسة صادرة عن المجلس المصري للدراسات الاقتصادية والاجتماعية أنه فى حالة خروج اليونان من منطقة اليورو، فإن ذلك سيقلل من فرص الاستثمار الداخلي بتلك الدولة، مما يوفر مزيداً من الموارد للأسواق الصاعدة التى تتسم بارتفاع معدلات العائد الحقيقية. وأوضحت الدراسة إمكانية إصدار مصر لسندات بعملة اليورو بنحو 7 مليارات لتغطية 25% من العجز المالى لديها، مشيرة إلى اضطرار مصر فى ظل ضعف اليورو لخفض سعر الصرف، كى تحافظ على القدرة التنافسية للصادرات المصرية. وأشار المركز إلى أنه من المتوقع أن تعود اليونان إلى عملتها "الدراخم"، متوقعًا فقدها ل 40% من قيمتها؛ مما يعمل على زيادة عائدات الصادرات والسياحة، ويؤثر أيضاً على ارتفاع تكاليف الاقتراض بالنسبة لإيطاليا وإسبانيا والبرتغال. أما فى حالة بقاء اليونان فى منطقة اليورو، فإنها ستتبنى سياسات تقشفية من خلال زيادة معدلات ضريبة القيمة المضافة وخفض المصروفات الحكومية وإعادة هيكلة نظام المعاشات. وأشار المركز إلى أن الاتحاد الأوربى سيتفاوض مع اليونان على حزمة إنقاذ مالى ثالثة وإعادة هيكلة الديون المتبقية، ومن ثم استعادة ثقة المستثمرين فى الاقتصاد اليونانى.