حولت واقعة مصرع أمين مخزن مستشفى المنيا الجامعي إثر مشادة كلامية بينه وطبيب امتياز المشفى إلى دائرة صدام بين الأطباء والعاملين، انتهت بالمقاضاة والحبس الاحتياطي لتتسع دوائر الصدام، وقد أثارت الواقعة جدلا واسعا بالمحافظة، كما أثرت على أوجه تقديم الخدمة للمرضى نظرا للعلاقة المتوترة بين الطرفين تطورت لإضراب عن العمل. في محاولة للوصول لحقيقة الأحداث جمعت البديل شهادات شهود الواقعة من الأطباء والعاملين، وما آلت إليه الأوضاع، وخطوات حل المشكلة. بداية اتفق الأطباء والعاملون على أن مشادة كلامية وقعت بين نادي عبد الخالق ثروت (54 سنة أمين مخازن) يقيم بقرية اتقا مركز ملوي، وكلا من الدكتور محمد أحمد محمد محمود (26 سنة نائب رئيس قسم الجراحة) يقيم ديرمواس، والدكتور محمد جلال الدين حنفي (22 سنة طبيب امتياز بقسم الجراحة) يقيم مدينة المنيا، بسبب الخلاف على صرف أدوية من المخزن. أما الاختلاف كان حول ما انتهت إليه المشاجرة وسبب وفاة العامل فالعاملين ومنهم شهود عيان قالوا إن المشادة تطورت لمشاجرة تبادل خلالها المتوفى والطبيب محمد جلال التعدي بالضرب والشتم ليلفظ الأول أنفاسه الأخيرة، ما نفاه أطباء منهم شهود عيان وقالوا إن الوفاة جاءت نتيجة سكتة قلبية. مدير المستشفى الدكتور أشرف عثمان أخطر بدوره مدير أمن المنيا لواء محمد الهلباوي بالواقعة، وعليه انتقل الرائد محمد رشدي، والنقيب هشام عسقلاني معاونا مباحث قسم المنيا وألقيا القبض على الطبيبين المتهمين، وقررت النيابة حبس الطبيب محمد جلال 4 أيام وأخلت سبيل الآخر، بعدها جددت حبس المذكور 15 يوما، وانتهت بالإفراج عنه بكفالة مالية قدرها 50 ألف جنيها. في خضم الأحداث أصدر رئيس جامعة المنيا الدكتور جمال الدين أبو المجد، قراره بإيقاف الطبيبين عن العمل لحين انتهاء التحقيقات. شاهدا الواقعة الدكتور رامي الرويدي والدكتور أحمد وافدي قالوا إن مشادة كلامية بسيطة لم تتعدي حد الألفاظ وقعت بين الطبيب وأمين المخزن لرفض الأخير مرور الأول بإحدى أبواب استقبال الجراحة، وعليها تدخل موظفي المستشفى والأطباء واقتادوا الطبيب محمد جلال إلى الاستقبال حتى تهدأ الأمور بعدها تتبع أمين المخزن الطبيب حتى الاستقبال وأخذ يتعدي عليه بأشد الألفاظ ولما تدخل نائب قسم الجراحة ليفصل بينهما لاقى من الشتم ما دفعه للتوجه نحو الإدارة لتحرير مذكرة عرض بينما توجه الموظف نحو نقطة الشرطة لتحرير محضر، وفي أثناء تواجده بالنقطة تعرض لأزمة قلبية مفاجئة استدعت نقله إلى غرفة الإنعاش القلبي الرئوي وحاول الأطباء إنقاذ حياته إلا أنه فارق الحياة بعدها تجمهر الموظفين والعمال والتمريض خارج مكتب المدير متهمين الأطباء بقتل الموظف رغم أنه لم تحدث حتى مجرد اشتباك بسيط بالأيدي وحاول المتجمهرون اقتحام المكتب وإلحاق الأذى بالطبيبين لولا تدخل قوات الأمن وإخراجهما. وعلى نقيض الشهادة قال أحد العاملين شهود عين الواقعة –رفض ذكر اسمه- إن الطبيب تعدى بالضرب على المجني عليه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة وأنه كان شاهدا على الواقعة منذ بدايتها، مضيفا أنه سجل وبعض زملائه شهاداتهم في محضر رسمي. رد أطباء على تلك الشهادة متسائلين كيف يضرب الطبيب الموظف حتى الموت في وجود شهود عيان، فهل أحدا منهم لم يتحرك لإنقاذه أو يتدخل للتهدئة أو حتى يستعين بأشخاص من الخارج، معتبرين تلك الشهادة إنما تنم عن حقد دفين وموقف غير مفهوم، محذرين من عاقبة شهادة الزور. تحريات مفتش الصحة أثبتت عدم وجود شبهة جنائية وأن بالجثة تضخم في عضلة القلب مما يوضح أن المتوفى كان مريض قلب وأن سبب الوفاة هبوط حاد في الدورة الدموية، وذلك وفقا لما ذكره الطبيب أيوب عوني ل"البديل". "الفترة اللي فاتت من ساعة موضوع رئيس الوزراء وعايزين يشوهوا صورتنا" التصريح الذي جاء على لسان أكثر من طبيب، ليعكس زاوية أخرى في تعامل الأطباء مع الموقف، كما يدخل دائرة الصدام ليرمي إلى اعتقاد يوسع تلك الدائرة، في المقابل جاءت تصريحات عدد من العاملين لترمي إلي اعتقاد بأن الأطباء يسكنون الأدوار العليا ويتعاملون معهم على أنهم فئة أقل "هو عشان طبيب وعامل عايزين ياكلوا حقه ويدوسوا عليه". أمين الشرطة محرر محضر الواقعة رفض التحدث ل"البديل"، في حين أن عددا من الأطباء قالوا إن أمين المخزن توفى أمامه في أثناء تحرير المحضر غير أنه رفض يشهد بذلك بحجة عدم الدخول في صدام وعداوة. وفي خطوة لرأب الصدع وإعادة وتيرة الاستقرار للمستشفى وبين العاملين والأطباء وجه مدير عام شئون الأفراد بالجامعة أحمد فريد العدوى طالب عائلتي الطبيب والمجني عليه إنهاء الصدام بصورة ودية ترضي الجميع وتعيد الوئام لأسرة المستشفي ويكون ذلك تحت رعاية رئيس الجامعة، فيما خرجت مبادرة تطالب بالصلح والتنازل عن المحاضر الرسمية للإفراج عن الطبيب أما إن ثبتت إدانته فدية القتل الخطأ أنفع لأهله وللطبيب حرصا على مستقبله ويمكن جمعها بالتكافل ومعرفة الدية عن طريق علماء الأزهر، وتعيين نجل المتوفى ليساعد الأسرة في النفقت، وأخيرا التحدث بإيجابية لإبقاء روح الود والتعاون بين الجميع من الأطقم الطبية والإدارية لخدمة المرضى. ويترقب الأطباء قرار نيابة بندر المنيا بعد قرار المحكمة بالإفراج عنه بكفالة 50 ألف جنيها لحين انتهاء التحقيق في القضية.