الوجبات مسممة والجهات متعددة والرقابة غائبة.. والفقير هو الضحية موائد الرحمن عمل خيري يهدف للتقرب إلى الله عز وجل في شهر رمضان الكريم ونيل الأجر والثواب على إفطار صائم أيًّا كانت حالته المادية، فأي شخص يدركه أذان المغرب وهو بالشارع يمكنه كسر صيامه ولو بتمره من المائدة، وهي عادة يحرص عليها المواطنون بالمناطق الشعبية عنها في الأحياء الراقية. وقد صار شراء وجبة جاهزة أمرًا صعبًا بالنسبة لعشرات الآلاف من المواطنين الذين يكدون ويعملون بالشوارع في ظل ظروفهم المعيشية الصعبة، وبالطبع عندما تسوء أحوالهم أكثر تصير موائد الرحمن، التي يقدمها رجال الأعمال الأثرياء والشركات أثناء شهر رمضان، بمثابة إنقاذ كبير للكثير من الفقراء والعاطلين. وندرك جميعًا أن الرقابة معدومة على موائد الرحمن وشنط رمضان، على اعتبار أنها عمل خيري يقدم في الشهر الكريم، لكن منذ يومين فجرت حادثة تقديم وجبات سمك مسممة لرجال حراسة في أحد البنوك بميدان الدقي، ملف الرقابة على موائد الرحمن، في ظل غياب الإشراف الصحي على هذه الموائد، التي تقدم بها في كثير من الأحياء مواد فاسدة أو منتهية الصلاحية، مما يتطلب في النهاية إشراف جهه رسمية على هذة الأنشطة. في البداية يروي أحمد النجار، أحد رجال الأمن الذين أصيبوا بالتسمم: عملنا في البنك يتطلب التواجد أمامه 12 ساعة، ولا يوفر لنا إفطارًا، ومع أذان المغرب نجد الكثير ممن يقومون بالأعمال الخيرية يقدمون إلينا وجبات أو عصائر أو غيره، ونحن نأخذها منهم على اعتبار أنهم فاعلو خير. وتابع: في نهاية الأسبوع الماضي فؤجئنا بتقديم وجبة سمك لنا، وبعد أن أكلناها جميعًا كنا حوالي 7 أشخاص، اتضح أن تلك الوجبة مسممة، وفقًا للأعراض التي ظهرت علينا". وأكد النجار أنه يجب التشديد في الرقابة على موائد الرحمن، وأن تكون هناك متابعات من رئاسة الأحياء؛ حتى يشعر الناس بالأمان عند تناولهم الإفطار. ويقول محمد عبد الحميد، أحد رجال الأمن الذين أصيبوا بتسمم: لابد من تكثيف الحملات لمراقبة السلع الغذائية التي توزع في نهار رمضان، خاصة أنها لم تكن تلك المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، فقد فؤجئنا منذ أيام بتوزيع عصير مضروب. وأشار إلى أهمية مراقبة أماكن عرض ياميش رمضان وموائد الرحمن كافة، بالاشتراك مع مديرية التموين للتأكد من صحة الغذاء المطروح للمواطنين خلال شهر رمضان؛ لتفادي تعرضهم لمخاطر التلوث والتسمم والضرر، الذي يصيبهم جراء استهلاك مواد غذائية فاسدة. من ناحية أخرى قال محمود فكري، مدير إدارة الرقابة التجارية بوزارة التموين: نحن نتابع تاريخ صلاحية السلع، بالإضافة للرقابة من الطب البيطري ومسؤولي الصحة على موائد الرحمن التي تقام بالشوارع. وتابع: بالنسبة لنا كمديرية التموين فهناك شنط توزع بالمجان بالاشتراك مع شركة الأهرامات والنيل، تحتوى على لحوم ودواجن، وتخضع لإشراف مديرية تموين القاهرة والطب البيطري، من حيث الكشف على اللحوم وتحديد مدى صلاحية السلع الغذائية. وأوضح عبد القادر أشرف، مدير عام التفتيش بالطب البيطري، أن هناك رقابة صارمة متمثلة في الإدارة البيطرية، خاصة بكل حي؛ للتفتيش على الأطعمة التي تقدم في موائد الرحمن، وكل ما يتناوله المواطن من لحوم ودواجن قبل طهيه كل صباح، بالإضافة إلى حملات يومية من قِبَل المديرية على أماكن عرض اللحوم في الأسواق، وما حدث من تسمم ربما يعود لتناول وجبات من أشخاص مجهولين، وهذا أمر لا يمكن التحكم فيه على أي مستوى. وتابع: كل المديريات بها قسم يسمى التفتيش على اللحوم، وبه أطباء مكلفون من قِبَل المديرية بمساعدة شرطة السياحة ومباحث التموين في التفتيش على المجازر والمحال والمستشفيات والمطاعم، ولهم الضبطية القضائية. وأكد مدير عام التفتيش بالطب البيطري ضرورة تكثيف المرور والرقابة على أماكن الإفطار الجماعي، في المطاعم والفنادق والنوادي وموائد الرحمن؛ للتأكد من استيفائها للاشتراطات الصحية، وسحب عينات من المعروضات الغذائية كافة المتعلقة بالشهر الكريم، واتخاذ الإجراءات كافة الوقائية والقانونية. ورد على ذلك محمد عارف، مسؤول قطاع حماية المستهلك بالجيزة، بأنه من المستبعد أن يتم تقديم طعام مسمم في موائد الرحمن؛ نظرًا لأن أصحابها معروفون بالاسم ومسجلون لدى الحي ملكيتهم للشادر ومسؤوليتهم الكاملة عن الوجبات التي تقدم فيه، فلا داعي إلى الخوف منها، أما الخطر الحقيقي فمصدره الوجبات التي يوزعها مجهولون غير معروفين لأهالي المنطقة ولا يمكن التوصل إليهم في حالة وقوع حالات تسمم. وتابع: من الصعب الرقابة على موائد الرحمن كافة، خاصة ذات الحجم الصغير، التي تقام لمدة يوم واحد فقط بدافع الصدقة أو الوفاء بندر معين، التي تجعل القادرين يشعرون بحالة الفقراء ويزيدون من تعاطفهم ويوسعون من مجالات الخير، حتى لا تقتصر على شهر رمضان فقط. وشدد مسؤول قطاع حماية المستهلك بالجيزة على توجيه التوعية الكاملة للمواطنين بعدم التوجه إلى أي موائد رحمن، إلَّا بعد التأكد من القائم عليها.