يُمثل القضاء في أي دولة ركنًا مهمًا في نظامها السياسي؛ ومؤشرًا صادقًا على ديمقراطيتها والعدالة التي تقدمها لمواطنيها، لكن فى مصر هناك خللا واضحا، أصبحت مهنية وسمعة ميزان العدل فى مصر على المحك بعد سلسلة من الأحكام التي اتخذت خلال الفترة الماضية وأثارت جدلا على جميع الأصعدة. هناك حزمة تشريعية جديدة من المقرر أن يتقدم بها المستشار أحمد الزند، وزير العدل، للجنة التشريعية بمجلس الوزراء، تتضمن إجراءات لتسريع معدلات إصدار الأحكام في قضايا الإرهاب المنظورة أمام محاكم النقض والجنايات. وتتضمن حزمة التشريعات الجديدة "قانون لتقليل مدة التقاضي" الذي ينص على أن محكمة النقض هي محكمة الموضوع في أول مرة يحال إليها الحكم دون أن تعيد القضية إلى محكمة الجنايات في المرة الأولى لإعادة المحاكمة، بحيث تنظر محكمة النقض الطعن والموضوع ويصبح حكمها الصادر من البداية نهائيا ويتم تنفيذه. يقول الدكتور عصام الإسلامبولي، الفقيه الدستوري، إن تقليل فترة التقاضي لا يخل بدولة القانون، فالإخلال بدولة القانون يتمثل في تأجيل القضايا لمدة زمنية طويلة، مشيرًا إلى أن هناك بعض القضايا تظل منظورة أمام المحاكم حتي يتوفي صاحبها وتصدر الأحكام لصالح الورثة، بالإضافة إلى أن إطالة أمد المنازعات المدنية والجنائية، يخل بالعدالة. وأضاف "الإسلامبولي" أن مصر تحتاج إلى مراجعة شاملة للمنظومة القضائية بالكامل سواء على قانون محكمة النقض أو مجلس الدولة أو المجالس النيابية أو الإدارية، وأيضًا ثورة على المفاهيم القضائية حتى يكون لدينا عدالة ناجزة وسريعة وتكون حقيقية. وأوضح الفقيه الدستوري، أن العدالة الناجزة يجب ألا تأتي على حساب العدالة الحقيقية، لكن لابد من تطبيقها لتتماشي مع الإيقاع السريع الذي نعيشه، حتى نصل إلى دولة عدالة حقيقية فى مصر، وطالب الإسلامبولي بتقليل فترة التقاضي لجميع القضايا وليس الإرهاب فقط؛ حتى لا يكون هناك أشبه بالعدالة المزيفة، لافتًا إلى ضرورة إصلاح القضاء داخل مصر حتى لا يؤدي إلى نتائج عكسية على جميع الأصعدة. ومن الناحية الأخري، يقول المستشار حسن رضوان، رئيس محكمة الجنايات وأمن الدولة العليا، إن تقليل فترة التقاضي يجب أن يحدث في القضايا الخاصة بالإرهاب بشكل عاجل، مشددًا على ضرورة إلغاء الطعن بالنقض لمرتين والاكتفاء بمرة واحدة في حال إذا ما نقض الحكم في أول مرة تحدد جلسة ولا تعاد إلى جلسة أخرى، وفي قضايا الإرهاب يلغى النقض تماماً ويكتفى بحكم محكمة الجنايات فقط، على أن يتم تنفيذ الحكم في أسرع وقت. وتابع "رضوان" أن البطء في تنفيذ الأحكام، يعد نوعا من الظلم الاجتماعي الكبير الذي يقع على جميع أطراف القضية، مشيرًا إلى أن تباطؤ القانون في كثير من الأحيان يفقد المتهمين والقضايا الشائكة الأهمية بعد أن حركت رأي عام بأكمله. من جانبه، أكد المستشار بهاء الدين أبوشقة، المحامي والفقية الدستوري، أن القوانين المصرية في الوقت الحالي، تعاني من سوء سمعة؛ لما تتخذه المحاكم من طول مدة في العديد من القضايا، موضحا أن عملية اغتيال النائب العام أكدت غضب الجميع من القوانين المغلولة التي تؤثر سلبًا على حركة المجتمع؛ لأنها تأخذ الكثير من الوقت ما بين النقض والاستئناف وغيره دون مبرر واضح لذلك. وأوضح "بهاء الدين" أن الثورة التشريعية التي طالب بها الجميع بداية إنجازها العمل على تحقيق العدالة الناجزة، لكن بشرط ألا تأتي على حساب العدالة الواقعية.