أعلنت الحكومة الليبية المعترف بها دوليًا مؤخرا مقتل الجزائري المرتبط بتنظيم القاعدة "مختار بلمختار" مع مجموعة من الليبيين التابعين لإحدى المجموعات الإرهابية بشرق البلاد في غارة جوية، وقالت الحكومة في بيان إن "الطائرات الأمريكية قامت بمهمة نتج عنها مقتل المدعو المختار بلمختار، ومجموعة من الليبيين التابعين لإحدى المجموعات الإرهابية بشرق ليبيا"، وأضاف البيان، أن الغارة الأمريكية تمت "بعد التشاور مع الحكومة الليبية الموقتة للقيام بهذه العملية التي تساهم في القضاء على قادة الإرهاب المتواجدين على الأراضي الليبية". ووفق مصدر مسئول في الحكومة الليبية فإن الغارة جرت فجر الأحد الماضي في مدينة أجدابيا، التي تبعد 160 كلم غرب مدينة بنغازي، كبرى مدن الشرق الليبي، واستهدفت الغارة إحدى المزارع حيث كان يعقد "بلمختار" اجتماعًا مع قادة تنظيمات متطرفة من بينها أعضاء في جماعة "أنصار الشريعة"، التي تعتبرها الأممالمتحدة منظمة إرهابية. "مختار بلمختار" أو كما يدعى "أبو العباس خالد"، الجزائريّ الجنسية ولد في يونيو عام 1972 في غرداية الواقعة على أبواب الصحراء الكبرى، ولم يكن قد اتم عقده الثاني حين ذهب للقتال في أفغانستان 1991 حيث فقد عينه اليمنى، واكتسب لقب "الأعور" حينها. يعتبر "بلمختار" هو القائد السابق لما يسمى ب"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب"، قبل أن ينشق عنه، ويؤسس في نهاية 2012 تنظيم "الموقعون بالدم"، وفي عام 2013 اندمج تنظيم "الأعور" مع حركة "التوحيد والجهاد" في غرب أفريقيا، إحدى المجموعات الجهادية التي سيطرت على شمال مالي لحوالي عام بين خريف 2012 ومطلع 2013، لتولد بذلك جماعة "المرابطون" التي تزعمها "بلمختار". امتلئ تاريخ "بلمختار" بالإرهاب منذ صباه، حيث قاد وشارك في عدة هجمات وكمائن، منها الهجوم على ثكنة "لمغيطي" بولاية تيرس زمور في موريتانيا في يونيو عام 2005، وقد سُميت هذه العملية ب"غزوة بدر موريتانيا" حيثُ قتل فيها 18 عسكريًا موريتانيًا، وعدداً من الجرحى وأسر 30 جنديًا أطلق سراحم لاحقًا، وغنم "بلمختار" وجماعته كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر التي أُستعملت في هجمات أخرى. في أبريل عام 2006، نفذ "بلمختار" هجوم على كمين جمركي بمنطقة "الشبوبة" بمدينة "المنيعة" التابعة لولاية غرداية بالصحراء الجزائرية، وحينها أودى هذا الهجوم بحياة 13 جمركيًا وجرح 8 أخرون وكان من بين القتلى أربعة مسئولين كبار في المديرية الجهوية للجمارك بولايتَي "بشار" و"أدرار". في ديسمبر عام 2008، اختطفت جماعة "بلمختار" باختطاف دبلوماسيين كنديين يعملان في الأممالمتحدة بالنيجر، وهما "روبرت فولير"، وزميله "لويس غواي"، وبعد أكثر من أربعة أشهر في الأسر، أطلق سراحهما بفضل وساطة قام بها مفاوض مالي. في يناير عام 2013، هاجم40 عنصر من كتيبة "الموقعون بالدماء" التي كان يترأسها "بلمختار" موقعًا للغاز في "عين أميناس" في جنوب شرق الجزائر، حيث قتلت الحارس وأحتجزت العمال من الجنسيات الغربية وأخلت سبيل العمال الجزائريين، وهي الحادثة التي قتل فيها حوالي 37 رهينة اجنبيًا وجزائري واحد و29 مهاجمًا. في مايو عام 2013، استهدفت كتيبة "الموقعون بالدماء" بالتنسيق مع حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا في عمليتين متزامنتين قاعدة عسكرية في منطقة "أغاديس" كبرى مدن الشمال النيجري، إضافة لشركة اليورانيوم الفرنسية "آرافا" في منطقة أورليت، مما أدى إلى قتل 23 شخصا من بينهم 18 جنديا نيجريًا وعدد آخر من الجرحى، وسُمَّيت هذه العملية بغزوة "أبو زيد" نسبة إلى القيادي في قاعدة المغرب الإسلامي "عبد الحميد أبو زيد" الذي قُتل في مالي، وجاء هذا الهجوم المزدوج ردًا على الغزو الفرنسي لشمال مالي. فضلًا عن هذه العمليات الإرهابية التي كان "بلمختار" فيها بمثابة العقل المدبر، ساهم أيضًا بشكل كبير في العديد من عمليات الاختطاف التي طالت السُياح الأجانب، كما شارك في عمليات تهريب وتمرير الأسلحة والذخيرة من منطقة الساحل إلى معاقل تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي في شمال الجزائر. سطع نجم" بلمختار" على الساحة الدولية، وبات في قائمة أخطر المطلوبين دوليًا، حتى أن واشنطن رصدت خمسة ملايين دولار لمن يأتي به حيًا أو ميتًا. كما تم إدراج اسم "بلمختار" في القائمة المُوحدة التي وضعتها لجنة مجلس الأمن بشأن تنظيم القاعدة وحركة طالبان بسبب "المشاركة في تمويل الأعمال أو الأنشطة أو التخطيط لها أو تسهيل القيام بها أو الإعداد لها أو ارتكابها، بالاقتران مع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي أو باسمها أو بالنيابة عنها أو دعما لها والتجنيد لها"، وذلك في 11 نوفمبر عام 2003. وفي 2004 أصدرت محكمة في "إيليزي" بالجزائر حكمًا غيابيًا ضد "بلمختار" بالسجن مدى الحياة للقيام "بتشكيل جماعات إرهابية، وارتكابه لأعمال سطو، وحيازته لأسلحة غير مشروعة وإستخدامها"،وفي عام 2007 أصدرت محكمة جنائية في الجزائر حكمًا غيابيًا جديدًا ضد "بلمختار" بالسجن لمدة 20 عامًا عقوبة له على "تشكيل مجموعات إرهابية واختطاف أجانب واستيراد أسلحة غير مشروعة والاتجار بها"، وفي ديسمبر عام 2014، أصدرت محكمة جنايات الجزائر، حكماً غيابياً ب20 سنة سجنًا نافذاً في حق "بلمختار".