»مقدرش أوافق على مشروع الموازنة بالشكل اللي قدمته الحكومة.. وجدت عجز الموازنة بيزيد.. يعني المديونية هترتفع إلى أكثر 2 تريليون جنيه».. كلمات قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي، في يونيو 2014، معلنًا رفضه التام لمشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2014/2015، والبالغ 288 مليار جنيه. لكن عقب أول 10 أشهر من العام المالي، فاجئتنا وزارة المالية بارتفاع عجز الموازنة بواقع 41.4% عن العام السابق، ليصل إلى 230.8 مليار جنيه، ضاربًا كل الإجراءات التقشفية لحكومة المهندس إبراهيم محلب، عرض الحائط، لتثبت لنا الأرقام أن الأخير عاد ب"خفي حُنَين"، وأن العجز فى زيادة مستمرة رغم رفع الدعم التدريجي عن المواد البترولية، والخدمات كالكهرباء والمياه، بخلاف ارتفاع جميع أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية متأثرة بزيادة تعريفة النقل، ليرجع لنا الخبراء سبب ارتفاع عجز الموازنة إلى انخفاض إيرادات قناة السويس، وتراجع السياحة، وهروب الاستثمارات الأجنبية، بجانب توقف عجلة الإنتاج القومي. كان تقرير لوزارة المالية، أكد ارتفاع العجز الكلي للموازنة العامة للدولة، خلال أول 10 أشهر من العام المالي الجارى "2014 – 2015″ بنسبة 41.4%، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وأوضح التقرير الشهري للمالية، المنشور على الموقع الإلكتروني للوزارة، أن عجز الموازنة سجل نحو 230.8 مليار جنيه خلال أول 10 أشهر من العام المالي الجارى من "يوليو 2014 حتى أبريل 2015″، مقارنة بعجز يقدر ب163.2 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام المالي السابق له "2013 – 2014″، كما ارتفع عجز الموازنة بنسبة 9.9 % من الناتج المحلي خلال أول 10 أشهر من العام الحالي، مقارنة بعجز 8.2 % من الناتج المحلي خلال نفس الفترة من العام المالي الماضي. وعلى الرغم من اتخاذ الحكومة بعض الإجراءات في ترشيد الإنفاق، كخفض الدعم، والتوسع في السياسة الضريبية، إلا أن العجز مازال يسجل معدلًا مرتفعًا مقارنة بنفس الفترة من العام المالي الماضي. وتستهدف الحكومة خفض العجز بنسبة 10 % خلال العام المالي الحالي، حيث خفضت المالية العجز المتوقع في موازنة "2014 – 2015″ إلى 240 مليار جنيه، وبلغت جملة المصروفات المتوقعة نحو 789 مليار جنيه، وبلغت جملة الإيرادات العامة نحو 549 مليار جنيه، وكان العجز الكلي سجل في الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة خلال العام المالي الماضي نحو 255.4 مليار جنيه بنسبة 12.8 % من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بعجز بلغ نحو 239.5 مليار جنيه خلال العام المالي السابق له بنسبة 13.7 % من الناتج المحلي الإجمالي. أرجع الدكتور سرحان سليمان، الخبير الاقتصادى، السبب الرئيسى فى عجز موازنة الدولة؛ إلى قلة "الدخل القومى" المرتبط بالسياحة، والاستثمارات الأجنبية، وعائد قناة السويس، والإيرادت الضريبية، مؤكدا أن التحسن الاقتصادي مرتبطًا بمعدلات نمو الناتج القومي، وفي حال تخطى المعدلات حاجز ال7% سيشعر المواطن البسيط بتحسن اقتصادي يظهر على الأسعار وتوافر فرص العمل. وأضاف "سليمان" أن ارتفاع الناتج القومي يتسبب في تراجع المؤشر العام لأسعار المستهلكين "معدل التضخم"، وترتفع القيمة الحقيقية للنقود، ومعها القدرة على شراء سلع وخدمات أكبر، واتساع فرص تحسين المعيشة، ويتبع ذلك ارتفاع في جميع المؤشرات الخاصة بالمستهلك، حتى المتعلقة بخدمات الصحة والتعليم والسياحة وجميع قطاعات النشاط الاقتصادي، بالإضافة إلى أن معدل النمو في مصر حبيس الوضع السياسي وتحقيق المعدلات المرتبطة بوجود مناخ سياسي وأمني مستقر وأوضح "سليمان" أن الاقتصاد المصري لديه موارد تمكنه من تحقيق معدلات أكثر من ال7%، مشيرًا إلى الوضع الاقتصادي فى البرازيل، الذى كان أسوأ مما مرت به مصر، لكن تمكنت خلال 8 سنوات من التحول لأقوى الاقتصاديات في العالم، قائلًا: "مصر لن تنهض إلا بمحاربة الفساد المالي والإداري". من جانبه، قال الدكتور إيهاب الدسوقى، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات، إن حل الأزمة يكمن في تخفيض النفقات، والبحث عن تزويد الإيرادات، من خلال تنشيط الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتحصيل الضرائب من كبار رجال الأعمال، وتسهيل إجراءات دخول مستثمرين جدد للسوق المصري، إلي جانب النظر إلي الثروة المعدنية المهدرة التى تدر لمصر عائدا ماديًا كبيرًا يساهم في خفض عجز الموازنة. وأكد "الدسوقى" أن اتجاه الحكومة إلى تقليص الدعم يمثل عبئا جديدا على محدودى الدخل والفقراء، موضحًا أن دخل المواطن البسيط لا يتناسب مع احتياجاته اليومية؛ بسبب غلاء الأسعار، وتوجه خطط الحكومة واعتمادها على معونات الخليج، بالإضافة إلى هروب المستثمرين من السوق المصرى؛ بسبب التعقيدات التى تمارسها الحكومة وعدم وضوح الخطة الاستراتيجة لهم.