عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من والٍ إلا وله بطانتان، بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه خبالا، فمن وُقي شرها فقد وُقي، وهو من التي تغلب عليه منهما". يلتف حول كل حاكم بطانة توجهه وتشير عليه، منهم الصالح ومنهم الفاسد، أما بطانة السوء فتوجه صاحبها إلى الخراب والدمار، وتمنع الحاكم عن رؤية الحق وتزين له الباطل، وتشجعه على التمادى في ظلمه، بينما تقود البطانة الصالحة الحاكم إلى خير البلاد والعباد، فتأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر. التف حول الرئيس المخلوع حسنى مبارك حاشية، كانت سببًا فى إفساد الحياة بمصر على جميع الأصعدة، سياسية واقتصادية واجتماعية، وعجلوا بمآله الذى عليه اليوم، فمثّل العقد الأخير من حكم مبارك نقطة فارقة فى عهده الرئاسى؛ بعدما ترك مصر لزوجته سوزان ونجله جمال، ومن خلفهما مجموعة تعيث فى الأرض فسادًا، أمثال أحمد عز وزكريا عزمى وصفوت الشريف وفتحى سرور وحسين سالم. سار على نفس الدرب الرئيس المعزول محمد مرسى، الذى بدا منذ الوهلة الأولى أنه أُلعوبة فى يد جماعة الإخوان، عندما ارتضى لنفسه أن يكون بديلًا "استبن" للرجل الأول فى الجماعة، خيرت الشاطر، المستبعد من الانتخابات الرئاسية عام 2012، حتى شاءت الأقدار وجاء على عرش مصر، ودنت له السلطة على طبق من ذهب، فلم يكن رئيسًا لكل المصريين، وأبى إلا أن يرتمى فى أحضان الجماعة، يتلقى من مرشدها العام، محمد بديع، ورجلها القوى، خيرت الشاطر، التعليمات والأوامر؛ حتى نزع الله منه الملك، ليقبع خلف القطبان. يبدو أن دروس الماضى لا يستوعبها غالبية المصريين، خاصة من يتقلد السلطة منهم، ليسير الرئيس السيسى على نفس طريق سابقيه، بالابتعاد عن المطحونين والبسطاء ممن ثاروا على نظامين، ولن يترددوا فى إزاحة الثالث، معتمدا في حكمه على أهل الحظوة والنفوذ "المطبلاتية"، وانعكس ذلك بالسلب على الأوضاع، فارتبك المشهد السياسى وعجزت دولة بحجم مصر عن وضع قانون ينظم الانتخابات البرلمانية على مدار عام، وانعدمت الحريات حتى امتلأت السجون بالمعارضين، وازداد الإرهاب الذى يحصد أروح الأبرياء يوميًا، وتلوث الجو العام؛ بفضل سموم الإعلام، وتدهورت الأوضاع الاقتصادية، وأصبحنا على شفا الإفلاس، نرتكن على بضعة مليارات من مساعدات دول الخليج كاحتياطى نقدى فى البنك المركزى. لم يختلف الرئيس السيسى كثيرًا عن سابقه مرسى فى تمكين المقربين منه "أهل الثقة وليس أهل الخبرة"، فالأخير عمل لأهله وعشيرته من الإخوان، محاولًا تمكينهم من مفاصل الدولة بأسرع وقت، والأول يعمل أيضًا على تمكين أهله وعشيرته من الجيش، مغدقًا عليهم كل المنح والعطايا، حتى وصل راتب المتطوع الذى لا يملك من التعليم سوى الإعدادية، 4 آلاف جنيه، فى حين لا يجد حملة الماجستير والدكتوراه فتات العيش. وجاء تعيين المستشار أحمد الزند، وزيرًا للعدل، كقشة قسمت ظهر البعير، كونه زعيمًا للعنصرية والطبقية فى مصر؛ بعدما وصف المصريين بالعبيد، ودعى لتوريث القضاء، وكأن الرئيس السيسى لا يستمع سوى للأصوات التى تنافق وتهلل، وابتعد عن العقلانيين ممن يبتغون مصلحة الوطن.. إنها بداية النهاية.