مضي عام على الفراغ الرئاسي في لبنان، ولم يحدث أي اختراق يذكر بين الفرقاء السياسين في هذا الملف حتى الآن، وعلى الرغم من الحوارات واللقاءات الدائرة بين حزب الله والمستقبل، إلا أن الواقع السياسي والأمني والخارجي على لبنان يؤثر بشكل أقوى على نتائج هذا الحوار. يدخل الشغور الرئاسي في لبنان الإثنين عامه الثاني من دون أن يتمكن المجلس النيابي، وخلال 23 جلسة تم دعوة النواب إليها، لتأمين النصاب لانتخاب الرئيس، وهي المرة الثالثة منذ أواخر الحرب الأهلية يشغر منصب الرئاسة في لبنان مثل هذه المدة، ولا ينتظر أن تحدث عملية الانتخاب في الجلسة ال24 المقررة في 3 يونيو المقبل. حدث الشغور الأول عام 1988 بعد انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل واستمر حتى 1989 حين انتخب الرئيس الراحل رينيه معوض بعد انجاز اتفاق الطائف، والشغور الثاني وقع بعد انتهاء الولاية الممدة للرئيس اميل لحود في 2007 واستمر حتى 2008 بانتخاب الرئيس ميشال سليمان بعد التوصل إلى اتفاق الدوحة. وفيما تحولت الدعوة إلى انتخاب الرئيس منذ شغور المنصب، لتقليد لا بد منه كما يكرر رئيس الحكومة تمام سلام في مستهل كل جلسة لمجلس الوزراء والبطريرك الماروني بشارة الراعي في كل عظة يلقيها والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في خطاباته ، فإن السجال الدائر حول هذه الأزمة مستمر، ولكن يتمنى اللبنانيون انفراجة قريبة في الأفق خصوصاً مع مبادرة تقدم بها مؤخرا المرشح إلى الرئاسة رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النيابي ميشال عون . على الرغم من أن رئيس الجمهورية لا يتمتع بصلاحيات واسعة في لبنان، إلا أن شغور المنصب ينعكس بالسلب على باقي المؤسسات الحكومية في هذه الفترة؛ لأن المسيحيين الذين يعود لهم المنصب (للطائفة المارونية تحديدا) بموجب التركيبة الطائفيةاللبنانية، يرفضون المشاركة في أي جلسات تشريعية قبل انتخاب الرئيس، ورغم تولى الحكومة برئاسة تمام سلام "مجتمعة" بموجب الدستور، صلاحيات الرئيس، إلا أن الانقسامات السياسية تحول غالبا دون حصول اجماع على قرارات عادية مثل التعيينات الأمنية والموازنة وحتى إقرار قانون الايجارات. يرى مراقبون سياسيون من الداخل اللبناني أنه على الرغم من الأزمة السياسية المحتدمة في الداخل وأصوات المدافع القريبة، فإن الوضع الأمني مستقر نسبيا منذ عدة أشهر في البلد الصغير الذي شهد في السنوات الأولى لاندلاع الأزمة السورية سلسلة توترات أمنية خطيرة وتفجيرات انتحارية.