قبل ساعات قليلة من المهلة الممنوحة له، استطاع نتنياهو بعد مارثون طويل وحوارات متواصلة لأسابيع متعددة مع كل قوى اليمين المتطرف تشكيل حكومة ضيقة، تنذر بسياسات صهيونية أكثر تطرفاً من سابقاتها إزاء القضية الفلسطينية. 1- حكومة صهيونية بالحد الادني خضع نتنياهو خلال المفاوضات للكثير من الإبتزازات خاصة من قبل حزب "البيت اليهودي" بزعامة نفتالي بينت، حيث استسلم نتنياهو واستجاب لكل مطالبه تحت ضغط الوقت، وبفعل المفاجأة التي صفعه بها رئيس «إسرائيل بيتنا»، أفيجدور ليبرمان بعد استقالته، اضطر نتنياهو إلى التنازل أمام رئيس «البيت اليهودي»، نفتالي بينيت، الذي لم يكن من دون تأييده قادراً على تشكيل حكومته، التي هي أبعد ما يكون عما كان يطمح إليه. استطاع زعيم حزب (الليكود)، بنيامين نتنياهو، عقد صفقة في اللحظات الأخيرة من المهلة الثانية، ضمت ائتلافاً ضيقاً من أحزاب اليمين الإسرائيلي المتطرف، تحظى بدعم النصف + 1 فقط من مجموع أعضاء الكنيست البالغ عددهم 120 عضواً، ولعب حزب (البيت اليهودي) اليميني المتشدد، بزعامة نفتالي بينت، دور "بيضة القبان" في عملية توفير نصاب الحد الأدنى المطلوب، وحصل بالمقابل على حصة كبيرة من الحقائب الوزارية ونواب الوزراء، أهمها وزارة "العدل" كشرط أساسي في الاتفاق مع (الليكود). 2- استمرار الاستيطان والانتهاكات ويتوقع أن تندفع هذه الحكومة نحو المزيد من الممارسات الاستيطانية والاحتلال، ومن مواصلة سياسة إدارة الصراع بدلاً من حله، كما فعل نتنياهو منذ توليه الحكم، أما إزاء فلسطينيو الداخل، فيتوقع أن تكون هذه الحكومة أكثر عدائية تجاههم فهي تضم كل الشخصيات والأحزاب المعروفة بعنصريتها وتشددها في هذا المجال. وترى القيادة الفلسطينية أن شكل الحكومة الجديدة يدفع نحو مواجهات مفتوحة مع الفلسطينيين، على خلفية استمرار انهيار العملية التفاوضية مع السلطة الفلسطينية، ومواصلة الحكومة الصهيونية للأعمال الاستيطانية في القدسالشرقية وباقي أراضي الضفة الغربية، المحتلة عام 1967. هذان النقطتان الأخيرتان تشكلان مصدر قلق عميق لدى رئاسة وحكومة السلطة الفلسطينية في رام الله، فنتنياهو استبق استكمال صفقة الائتلاف الحكومي بالإعلان عن إقامة المئات من الوحدات الاستيطانية في مستعمرة "رمات شلومو"، في القدسالشرقية، وينتوي إقامة المزيد من الوحدات الاستيطانية في المستوطنة نفسها ومستوطنات أخرى. تدل العديد من المؤشرات على أن التشكيلة الجديدة لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، في ائتلاف بين اليمين واليمين المتطرف، لن تتردد في الخروج إلى حرب جديدة ضد قطاع غزة للهروب من المآزق الداخلية التي ستعصف بها، الأمر الذي يملي على الفلسطينيين توحيد صفوفهم واستعادة وحدتهم بسرعة، لاستجماع عناصر قوتهم وحث المجتمع الدولي على التضامن معهم، في مواجهة سياسات الحكومة الإسرائيلية القادمة. 3- تفعيل قانون برافر.. ويهودية التعليم في المدارس العربية تعتزم الحكومة الصهيونية الجديدة بناء على البند الذي أدخل في الإتفاق بين نتنياهو وبينت بتفعيل قانون "برافر" العنصري التهويدي المستهدف للوجود العربي الفلسطيني في النقب، وذلك من خلال مصادرة (800،000) دونم من أراض الشعب الفسلطينيى في النقب، وترحيل 30 ألف من المواطنين العرب، وهدم أكثر من أربعين قرية عربية غير معترف بها، وهو ما استشهد به المحللون في عودة بيني بيغن مهندس ومؤيد تطبيق القانون إلى "الكنيست" وتولي أوري ارئيل المنوط به تطبيق القانون لوزارة الزراعة وشاكيد وزارة العدل، وفي هذا الإطار فإن الكثير من البيوت العربية في الداخل الفلسطيني-48- ستصبح مهددة بخطر الهدم. كما أن وجود نفتالي بينت في وزارة التعليم، يعني سن المزيد من القوانين والتشريعات التي تفرض على العرب في الداخل الفلسطيني- 48 المزيد من التعليم اليهودي على المناهج الدراسية في المدارس العربية. 4- صراعات داخلية حادة بالمقابل ثمة تقديرات بأن الحكومة ستعيش صراعات داخلية حادة، ستثيرها مطالب الأحزاب الأكثر تطرفاً، بما سيؤدي إلى حالة من الشلل في الكثير من نواحي العمل الحكومي، فضلاً عن أن حكومة تستند إلى قاعدة الحد الأدنى لن يكون بمقدورها اتخاذ أي قرارات استراتيجية، ومن شأن السياسات المتخبطة التي ستسير عليها أن توتر العلاقات الدولية.