مصر تدار بالعشوائية ..ومفهوم "إدارة الأزمات" لم يصل للمسئولين إدارة الأزمات علم ومجال يجب أن يكون موجودًا في الحكومات بشكل أساسي؛ لأنه لا توجد دولة لا تهددها الأزمات والكوارث؛ لذلك تسعى حكومات الدول المتقدمة إلى تفعيل هذا المفهوم؛ ليكون هو طوق النجاة، فيجنب الدولة، أو يقلل بقدر الإمكان، حجم الخسائر. ولكن في مصر الوضع مختلف، حيث شهدت الأيام الماضية سلسلة من الأزمات والمشاكل الكبرى التي كشفت عن غياب الرؤية وعدم وجود خطة للتصدي للأزمات، بجانب جهل المسئولين بعلم إدارة الأزمات. ولعل أبرز الحوادث التي وقعت خلال الأيام الماضية هي كارثة سقوط 500 طن فوسفات في مياه النيل، فكانت الطريقة الغريبة التي تعاملت بها الدولة وخروج أحد الوزراء ليصرح أن الفوسفات غير ضار، وبعدها تلوث مياه الشرب بمحافظة الشرقية والذي نتج عنه حالة وفاة وإصابة ما يقرب من 1500 حالة بالتسمم، وخرج بعض المسئولين يشرب الماء أمام وسائل الإعلام؛ ليثبتوا أنه لا توجد مشكلة في الماء، بالإضافة إلى حريق أحد مصانع الخل في محافظة الغربية، واستمراره ما يقرب من 16 ساعة. أما من ناحية المشاكل العادية التي يعاني منها المواطن، فلا حصر لها ما بين نقص في أساسيات الحياة من غاز ووسيلة مواصلات آدمية وانقطاع الكهرباء، وغيرها من الأزمات والمشاكل التي لا تجد سوى المسكنات. يقول الدكتور عمرو ربيع هاشم أستاذ العلوم السياسية إن النظام المصري يعمل عن طريق المركزية، سواء من الرئيس أو الوزير أو المحافظ، ورغم وجود دستور جديد، إلا أنه لم يفعَّل على أرض الواقع. وتابع أن في مصر جهات معينة هي صاحبة التصرف والقرار، ومن بينها مؤسسة الرئاسة والجيش والجهات الأمنية، كالمخابرات، وهي التي تتخذ القرارات في الأزمات. وعلي الرغم من وجود لجان تحت مسمى إدارة الأزمات، إلا أنها في أوقات كثيرة تكون هي الأزمة؛ بسبب اتخاذ قرارات غير مدروسة، ولا يعرف مدى تأثيرها. وأشار إلى أن الحل في هذه المشكلة هو انتخاب مجلس النواب، بجانب البعد عن المركزية في اتخاذ القرار، وتفعيل اللجان الموجودة في الحكومة والوزارات المختلفة التي تكلف الدولة مصروفات ورواتب. وقال أحمد بهاء شعبان الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري إن الحكومات والأنظمة في مصر تغيرت، ولكنها جميعها اتفقت على الطريقة التي تدار بها، فلا يوجد مسئول حتى الآن يعمل بطريقة مختلفة، أو يحاول التفكير بشكل مبتكر، فالروتين والبيروقراطية هما الأصل، مشيرًا إلى أن النظام في مصر يعمل كرد فعل للأزمة، ويتحرك بقوة الدفع، ولا توجد لديه رؤية ولا خطة. وتابع شعبان أن الإدارة في مصر تعمل بشكل غير واضح، ولا توجد قواعد ثابتة يمكن أن تتعامل بها في حالة وجود أزمة، وهناك الآلاف من المشاكل المزمنة بمصر، والتي يعاني منها المواطن في ظل غياب الحكومة واستمرار الحلول التقليدية التي يعمل بها المسئول، مشيرًا إلى أن تغيير النظام المصري والبعد عن الروتين والبيروقراطية المصرية إحدى آليات الحل. وقال الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية "من أكبر الأزمات التي تواجه الدولة المصرية غياب التخطيط ووضع إدارة لمواجهة الأزمات. وعلى الرغم من محاولات البعض إنشاء إدارة للأزمات، إلا أنها لم تستطع أن تعمل في ظل سلسلة من المعوقات الموجودة في القوانين واللوائح المصرية". وأكد أن الدولة تعمل بعشوائية، مشيرًا إلى أن كم الحوادث التي وقعت خلال السنوات الماضية تكشف مدى خطورة الوضع، بجانب أنه لا توجد خطة ولا استراتيجية من الممكن أن نعمل بها في الأزمات والكوارث. وحذر نافعة من الطريقة التي تعمل بها الحكومة. ولفت إلى أن هناك دولاً كثيرة، من الممكن أن نتعلم منها كيف يدار ملف الأزمات، كالصين واليابان وكوريا، وغيرها من الدول المتقدمة في هذا المجال.