أكثر من 600 عامل استفاقوا يوم 6 إبريل الجاري من سباتهم الذي دام نحو 15 سنة، كانوا أهم أداة إنتاج بشركة غاز مصر بالإسكندرية، ليجدوا أنفسهم مستغلين من قِبَل الإدارة، حيث اكتشفوا مؤخرًا وقبل 3 سنوات أن زملاءهم الذين بدءوا عملهم في نفس الوقت يشغلون مناصب أعلى منهم، وبالتالي يتقاضون رواتب مرتفعة، بينما هم مازالوا يحاولون جاهدين نيل فرصة في التثبيت. ويواصل اليوم الثلاثاء مئات العاملين بفرع شركة غاز مصر بالإسكندرية إضرابهم عن العمل لليوم السادس عشر على التوالي، بعد فشل المفاوضات التي سعوا إليها منذ ثلاث سنوات، وبعد لجوئهم إلى القضاء الذي أحال الدعوى إلى لجنة التفاوض؛ لعدم الاختصاص. وقال أكرم جودة، الأمين العام للنقابة المستقلة للعاملين بشركة غاز مصر، إن الشركة أنشئت عام 1983، وبدأت عملها بالإسكندرية عام 1996، ومنذ وقتها هذا وهي تطبق على العاملين بها اللائحة التي وضعت منذ إنشائها، ولا يعلم أحد منهم أي القوانين تطبق عليهم؛ نظرًا لتعتيم الإدارة؛ لإهدار حقوقهم. "إحنا الشاطرة اللي بتغزل برجل حمار". هذا هو الوصف الذي اختاره محمد عبده، أحد العاملين بالشركة، لحاله وزملائه الذين يملكون كفاءة النهوض بشركة كاملة، ولكن على النقيض من ذلك تحاول الإدارة هدمها بعدم السماح بتطوير آليات العمل، بالإضافة إلى أنهم لا يعلمون القانون الذي يحكمهم أو الحقوق المكفولة لهم، ولكن ما يطبق عليهم فقط هو الجزاءات. وأضاف عبده أنهم يعملون أكثر من ساعات العمل اليومية، ولا يتقاضون أجرًا مقابل تلك الساعات، فضلاً عن أيام السبت التي تُحسب ضمن ساعات العمل ودون إخطارهم بأنها ضمن الإجازات الأسبوعية، مستنكرًا الكيل بمكيالين في تطبيق الجزاءات على القسم الفني الذي يتعرض لمخاطر كبيرة، وخاصة فنيي التركيبات الخارجية، دون القسم الخاص بأصحاب الوظائف العليا. ورغم أنها أولى الشركات التي تعمل في مجال توصيل الغاز الطبيعي للمنازل وتدريب العاملين بالقطاع على أيدي عمالها، إلا أن العاملين بغاز مصر ناشدوا الإدارة مرارًا بمساواتهم بزملائهم ممن يعملون في نفس المجال بالشركات الأخرى. ويرى محمد عبد المقصود، نائب رئيس النقابة المستقلة للعاملين بشركة غاز مصر، أن العاملين بالشركة هم العمود الفقاري لمهنة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل، إلا أنه بدلاً من مكافأتهم، يتم على النقيض حرمانهم من مستحقاتهم، مضيفًا أن حصة الشركة من توصيل الغاز ل 2 مليون عميل العام الماضي بلغت مليون و200 ألف جنيه بالأمر المباشر، وذلك بخلاف امتلاكها نحو ما يزيد على 49% من حصص شركة يونيون جاز الإماراتية. وتظاهر عمال غاز مصر على مدار ثلاثة أيام متوالية أمام مقر الشركة القابضة، معلنين استمرارهم في الإضراب عن العمل لحين معاملتهم وفقًا للقانون، وكشف عبد المقصود أنه عقب الاجتماع الذي عُقد بمقر الشركة القابضة يوم الأربعاء الماضي أدرك العمال أنهم ليس لديهم لائحة تطبق عليهم، وأنه من المحتمل وضع لائحة محددة في شهر يوليو القادم. وأضاف عبد المقصود أن الإدارة ردت عليهم عقب اجتماعها بالشركة القابضة:"عايزين تشتغلوا اشتغلوا، مش عايزين براحتكم". مستنكرًا ما وصفه ب "التعنت" الممارس ضدهم من قِبَل الإدارة، مؤكدًا على مواصلة الإضراب حتى تتحقق مطالبهم. وأوضح هشام مريد إبراهيم، عامل بشركة غاز مصر، أن الشركة تقوم بعمليات التنفيذ فقط، من توصيل مواسير الغاز إلى المنازل، ولا علاقة لها بالانقطاع الذي حدث منذ أيام في الخدمة، مشيرًا إلى أن المسئولية تقع على عاتق شركة تاون جاز التي يوجد بمقرها بمنطقة أبيس محابس الفتح والغلق، وأنه حدث بطريق الخطأ. لم يختلف الوضع كثيرًا بالنسبة للعاملين بشركة بترومنت، حيث قال محمد سعيد، رئيس النقابة المستقلة للعاملين بالشركة، إن العمال غير مؤمن عليهم ضد المخاطر التي يتعرضون لها، فالغالبية أصابتهم الأمراض، والمفاوضات لم تُفِدْ. من جانبه قال حسين حمدان، عضو المؤتمر الدائم لعمال الإسكندرية، إن قطاع الغاز في غاية الحساسية والحيوية، إلا أن حقوق العمال لا تقل في أهميتها عن القطاع، وأقل ما يمكن أن يقدم لهم هو حقهم في تطوير وسائل الإنتاج وتطبيق وسائل الحماية المهنية، وتطبيق لائحة موحدة تحقق نفس الربحية التي يحصل عليها العمال والشركات الأخرى، وتحافظ على حقوقهم وما لهم وما عليهم. واستنكر حمدان إحالة محكمة القضاء الإداري الدعوى المقامة من العمال ضد الإدارة إلى لجنة التفاوض لعدم الاختصاص، في حين أن القانون ينص على إحالتها للمحكمة المختصة، واصفًا حكمها بالمنحاز لصالح الطرف الآخر، معتبرًا على الجانب الآخر أن التراخي في منح العمال لحقوقهم في الترقيات ما هو إلا ظلم وإجحاف.