لا تنحصر مأساة أهالي شمال سيناء في الموت الذي يلاحقهم ليل نهار، خاصة في المناطق التي تشهد مواجهات دامية بين قوات الأمن والعناصر الإرهابية، بل أيضًا انقطاع الخدمات يعزز الأزمة، لينتظر الأهالي إما أن تحصد القذائف الخاطئة أرواحهم بسرعة، أو يهلكهم تردي الخدمات فيموتون بالبطيئ. تشهد محافظة شمال سيناء، خاصة مدينتي رفح والشيخ زويد، أزمة حقيقية في الخدمات، إذ تنقطع مياه الشرب والوقود والشبكات وغيرها، مما يعزل السكان عن العالم الخارجي. إغلاق كباري وميادين قررت قوات الأمن بمحافظة شمال سيناء إغلاق 6 ميادين رئيسة، لقربها من ارتكازات أمنية، بعد تعرض قوات الأمن لهجمات متكررة في العريش والشيخ زويد عقب ثورة 30 يونيو، كما تواصل غلق 2 من الكباري الحيوية على مجرى وادي العريش، التي تربط بين شرق المدينة وغربها، كإجراء أمني احترازي، مما يتسبب في عائق كبير أمام المارة وأصحاب المحال التجارية ويكبدهم خسائر فادحة. وأدى إغلاق الكباري إلى إضفاء معاناة شديدة على حركة المواطنين، ما يضطرهم إلى السير لنحو 3 كيلو مترات، لعبور أحد الكباري البعيدة بمحور مستشفى العريش العام ومحور غرناطة الذي تخضع لرقابة أمنية. وأوضح علي كمال، موظف، أن الشرطة أغلقت الكوبري الذي يربط وسط البلد بالموقف الجديد، ويضطر السائق للالتفاف مسافة حوالي 3 كم ليصل إلى الموقف، مما يعطل حركة سير السيارات ويكبد المواطنين مصاريف زائدة للوصول إلى الموقف. وعبَّر إبراهيم عزازي، مقيم بضاحية السلام، عن استيائه الشديد من هذه الإجراءات التي اعتبرها فشلًا من الأجهزة الأمنية، مشيرًا إلى أنهم أغلقوا الطرق والكباري حرصًا على حياتهم وليس خوفًا على المواطنين. من جانبه، أكد المهندس محمد فهمي البيك، رئيس مدينة العريش، أن إغلاق كوبري العبور وكوبري الموقف الجديد إجراء أمني، ولا علاقة لمجلس المدينة بالأمر، مشيرًا إلى أنهم يلتزمون بالإجراءات الأمنية. انقطاع الكهرباء تشهد مدينتا رفح والشيخ زويد في الأشهر الأخيرة، انقطاعًا متكررًا للتيار الكهربائي، تنتج منه خسائر كبيرة للأهالي، ويتسبب في انقطاع إمدادات المياه والغاز والوقود لفترات طويلة. وشهدت مدينة الشيخ زويد الأسبوع الماضي انقطاعًا تامًّا للتيار الكهربائي، مما تسبب في شلل بشتى مناحي الحياة بعدد من مناطق شمال سيناء . ويؤثر انقطاع الكهرباء بشكل مباشر ليس فقط على أداء الأعمال، لكن بتوقف ماكينات الرفع التي تؤثر على ضخ الماء وتتسبب في قطعها، مما يسبب شللًا للحياة بشكل عام. أزمة الغاز تضيق الخناق تعالت صرخات أهالي مركزي الشيخ زويد ورفح بشمال سيناء، بحثًا عن حلول بعد تفاقم أزمة انقطاع إمدادات الغاز عن المدينتين للشهر الثاني على التوالي. وأبدى المواطنون غضبهم الشديد لعدم وجود بدائل لانقطاع الغاز، بعد توقف شاحنات شركات نقل الغاز عن تزويد المحطتين الوحيدتين في رفح والشيخ زويد بالغاز، وتعرض شاحنتين للشركات لإطلاق الرصاص. وأوضح الأهالي أنه يتم إرسال الأنابيب الفارغة إلى محطة العريش، من خلال تجار محليين لا يحملون تراخيص لنقل الغاز، مما يعرضهم لأكمنة الأمن، مطالبين بأن يتم وضع حد لتلك الأزمة . من جهته قال فتحي أبو حمدة، مدير عام التموين بشمال سيناء: تم طرح القضية أمام اللواء عبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، الذي يسعى لحل الأزمة بالتواصل مع شركات النقل والجهات الأمنية، لإعادة الإمدادات للمدينتين، لافتًا إلى أن نصيب شمال سيناء من الغاز يبلغ 105 أطنان، ونصيب الشيخ زويد منها 15 طنًّا و10 أطنان لرفح. وأكد أن المشكلة أمنية بالدرجة الأولى، فسائقو سيارات صهاريج الغاز والبنزين، يخشون التوجه لتلك المدن، تخوفًا من استهداف العناصر المسلحة لهم، فضلًا عن مشكلة المعديات على قناة السويس، التي تزدحم بشكل مستمر طوال اليوم، مما يؤخر وصول الصهاريج للمحافظة. العطش يحاصر الأهالي سادت حالة من الاستياء والغضب بين أهالي مدن الشيخ زويد ورفح بشمال سيناء، لتوقف سائقي "فناطيس المياه" التي تنقل لهم المياه العذبة من الشركة، وبالتالي توقف السيارات الخاصة أيضًا عن ري ظمأهم نتيجة لتكرار سرقتها وتفخيخها واستخدامها في اقتحام مقار أمنية بالمحافظة، لتضاف إلى معاناة أهالي المدينتين مأساة جديدة، ويبات العطش الشبح الجديد الذي يخيم على المحافظة. يقول محمد أبو سلامة، من أهالي جنوب رفح: لا نجد مسؤولًا نشكو إليه، فالجميع يعرف أننا بلا ماء أو كهرباء، وأصبحنا نستخدم الحمير لنقل جراكن المياه، ناهيًا: نتمنى أن ينظر إلينا مسؤول بعين الرحمة. وبيّن مصدر أمني، أن قرار امتناع الشركة عن تسيير سياراتها لنقل المياه جاء لسببين، تدهور الوضع الأمني، والتكلفة التي تتحملها الشركة؛ بسبب سرقة تلك السيارات، التي تستخدم في عمليات إرهابية، كالتي تمت مؤخرًا باستهداف مقر الكتيبة 101 ومديرية أمن شمال سيناءبالعريش. إغلاق نقاط الإسعاف يشعل الأزمة بعد سرقة مسلحين سيارة إسعاف بمستشفى الشيخ زويد الشهر الجاري، صدرت تعليمات بإغلاق نقاط الإسعاف على الطرق الدولية السريعة، وسحب جميع السيارات من المستشفيات، ووضعها داخل المرفق الرئيس بمدينة العريش، وعدم تسيير أي سيارة إلَّا بإخطار من الجهات الأمنية. ويبقى الأهالي أمام خيارين لا ثالث لهما حال وقوع طارئ أثناء حظر التجوال، إما أن يستسلم المريض لقدره، أو يخاطر أهله باستقلال سيارة لتوصيله إلى المستشفى، ويكونون عرضة لنيران الإرهابيين أو بالخطأ من الأكمنة. أموات لا محالة لهذه الأسباب وغيرها من الأزمات التي تواجه أهالي محافظة شمال سيناء، يشهدون يوميًّا الموت البطيئ من نقص الخدمات الأساسية أو تعرضهم للقذائف الطائشة. حيث جاء آخر الحوادث، عندما سقطت قذيفة مجهولة على منزل بقرية الظهير جنوب الشيخ زويد، توفى على إثرها 2 وأصيب آخرون، كما سقطت قذيفة أخرى على منزل بقرية العقور جنوب الشيخ زويد، أسفرت عن مصرع 11 بينهم 5 أطفال، بالإضافة لعدد من المصابين، وتم نقل جثث الضحايا والمصابين إلى مستشفى الشيخ زويد المركزي، وأخطرت النيابة العامة للتحقيق .