عزة كامل: شو إعلامى وبروباجندا.. فالمحجبات لو أردن خلع الحجاب لن تنتظر الشوباشى داليا زيادة: المجتمع غير مهيأ لمثل هذه الدعوات.. وسوف يستغلها المتطرفون ضد الدولة عمر أحمد: مدنية الدولة وتحرر المرأة ليسا بقطعة قماش.. أين دعوة الشوباشى لرفض مشاركة حزب النور السلفى فى انتخابات مجلس النواب؟ وكيل شيخ الأزهر: المظاهرة انشقاق فى الصف الوطنى.. والحجاب فريضة وليس رمزًا للتخلف "مليونية فى الأول من مايو لخلع الحجاب".. صدق أو لا تصدق، ولكنها دعوة حقيقية انطلقت من الدكتور شريف الشوباشى رئيس مهرجان القاهرة السينمائى سابقًا، عبر صفحته الرسمية على الفيس بوك، طالب فيها النساء والفتيات بالنزول لميدان التحرير، وسوف يكون أول الرجال الذين سيحمون هؤلاء السيدات. قارن الشوباشى بين دعوته ومظاهرة هدى شعراوى لخلع النقاب بالتزامن مع ثورة 1919 التى اعتبرها بداية تكوين الهوية الحقيقية للمواطن المصرى، وأوضح أن الحجاب اختفى من مصر لمدة 50 سنة بعد هذه المظاهرة، حتى ظهر فى بداية السبعينيات عقب نكسة 1967، مؤكدًا أن عودة انتشار الحجاب ارتبطت ببعض المفاهيم التى انتشرت فى المجتمع المصرى والخاصة بأننا هزمنا لأننا ابتعدنا عن الدين الإسلامى، وأن فتيات مصر تعرضن للتهديد والترويع والإرهاب النفسى حتى يتم إجبارهن على ارتداء الحجاب. وأشار إلى أن الحجاب أصبح مسارًا لكثير من أشكال النفاق والغش فى المجتمع المصرى (بحسب قوله)، معتبرًا أن هناك آلة دعائية جبارة من جانب جماعات الإسلام السياسى وقفت وراء الحجاب بهدف تكوين دولة الخلافة. ولاقت الدعوة ردود فعل مختلفة ما بين الرفض والقبول والهجوم الشديد على الشوباشى، وأنها ستكون ذريعة لنزول السلفيين بمظاهرة لطلب ارتداء النقاب. وقالت الدكتورة عزة كامل – مدير مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية "أكت " – إن الدعوة لا تخرج عن إطار الشو الإعلامى أو "البروباجندا" الدعائية، فالسيدات المحجبات لو أردن خلع الحجاب لن ينتظرن دعوة شريف الشوباشى للنزول لميدان التحرير فى مليونية للخلع، معربة عن أن الحجاب ليس وحده هو الذى يغلق العقول، ولكن نحتاج في الأساس لتغيير النظرة الثقافية الذكورية المسيطرة على المجتمع. وأضافت كامل أنه كان من المفترض بدل دعوات خلع الحجاب أن نطالب بتحرير مناهج الأزهر من الأفكار المتطرفة التى تزدري المرأة وحقوقها، ونطور المناهج العقيمة التى تدعم التشدد والإرهاب، وتوطن الفكر الأصولى، بل هناك دعوات لمليونيات من أجل تحرير المرأة، يفترض أن تكون من أجل تعديل مناهج التربية والتعليم وغرس قيم المواطنة واحترام حقوق المرأة، وزرع المساواة فى النشء منذ الصغر. وأعربت عن أنه على الشوباشى والآخرين الذين يطالبون بالتنوير أن يطالبوا الدولة بأن تكون لديها إرادة سياسية حقيقية لتطهير مؤسساتها من الفكر الأصولى المتطرف، وأن يعترف الجميع بأن هذه الأفكار لا ترتبط بالإخوان المسلمين والسلفيين فقط، بل ترتبط بكيانات ومؤسسات من المفترض أنها مدنية. وأوضحت كامل أن دعوة الشوباشى تعكس صورة أخرى من الوصاية الذكورية التى يطالب بها رجل، وكأن النساء فى مصر ليس لديهن قدرة أو إرادة على الاختيار وفى انتظار شريف الشوباشى ليحررهن من التخلف والرجعية بخلع الحجاب فى مليونية فى ميدان التحرير، مضيفة أن الاستشهاد بواقعة خلع هدى شعرواى للنقاب يشوبها بعض التصحيح، فهدى لم تدعُ الملايين من النساء للنزول لميدان التحرير، بل اتخذت موقفًا شخصيًّا بها مع "سيزا نبرواى" أثناء عودتهما من توديع سعد زغلول للمنفى فى القطار، وكان للواقعة سياق تاريخى واجتماعى مختلف عما هو موجود الآن. وقالت داليا زيادة – رئيس المركز المصري للدراسات الديمقراطية الحرة – إنها مع الحرية المطلقة للمرأة، ولا يمكن إنكار أن انتشار الحجاب فى الفترة الأخيرة جاء أغلبه بحكم العادات والتقاليد والظروف الاجتماعية والاقتصادية للنساء أكثر منه حرية شخصية ورغبة خالصة من المرأة فى ارتدائه، فأغلب السيدات ارتدته رغبة لإرضاء زوجها أو أخيها أو أبيها (حسب قولها)، مشددة على أنه طالما استمرت هؤلاء السيدات فى ارتدائه، فلا يمكن أن نأتى اليوم ونطالبهن بخلعه فى مليونية. وأضافت أن دعوة الشوباشى كان يجب أن تكون ثورة من أجل الحرية الشخصية بشكل عام، وليس ثورة من أجل خلع الحجاب والتى سوف يكون لها تأثير سلبى، خاصة أن المجتمع غير مؤهل لتقبل مثل هذه الدعوات الآن، وسوف يستغلها الإخوان والمتطرفون فى الترويج لأن مصر بعد 30 يونيو تنتهك الدين الإسلامى وتحارب الإسلام والعقيدة وتدعو للانحلال وغيرها من الادعاءات. وأضافت زيادة أنه لو كانت هناك فعلاً دعوة لتحرير المرأة وإنقاذها من كافة أشكال العنف الذى يبدأ من الأسرة ويؤثر على اختياراتها، فيجب المطالبة بتشريع قانون يحمى النساء والفتيات من كافة أشكال العنف، ويمنع أى صاحب سلطة على الفتاة من أن يجبرها على ارتداء الحجاب وهى قاصر، وأن يترك لها حرية الاختيار بعد البلوغ. وأوضحت أن مقارنة دعوة الشوباشى بما فعلته هدى شعرواى مقارنة ظالمة، فرغم أن المجتمع المصرى فى أوائل العشرينيات كان يخضع للاحتلال الإنجليزى، فضلاً عن حالة من الانغلاق وعدم تمكين النساء لحقوقها، إلا أن المجتمع الآن وبعد الثورة التى أخرجت أسوأ ما فينا، أصبح يميل للتشدد وليس التحرر كما كان فى العشرينيات. "دعوات خلع الحجاب انتشرت بعد ثورة يناير، وكانت دعوات رمزية قادتها مبادرات نسوية وشبابية، ولكن الدعوة للخروج بمليونية لخلع الحجاب فى ميدان التحرير فرقعة إعلامية، بل وتمثل خطورة على حياة الفتيات حال قرارهن النزول وتلبية دعوة الشوباشى، فى ظل دولة ترحب بحزب النور السلفى الدينى فى المشاركة فى الانتخابات البرلمانية، ويصبح جزءًا من السطة التشريعية".. هكذا وصف عمر أحمد – عضو مؤسس للاتحاد النسائى المصرى. وتساءل أحمد متعجبًا "كان من الأجدر أن يدعو الشوباشى لمليونية عن المادة الثانية للدستور، أو ترفض مشاركة حزب النور فى انتخابات مجلس النواب، أو ترفض وصاية الأزهر وتدخله فى كل شىء وعدم السماح ىأشخاص خارج التفكير والتجديد والاجتهاد". وأكد ان مدنية الدولة وتحررها ليسا مرهونين بقطعة قماش يطالب الشوباشى بمليونية لخلعها فى ميدان التحرير، ولكن ما يؤكد مدنية الدولة القوانين والسياسات التي تحترم حقوق المواطنة، وتكافح العنف والتمييز بأشكاله ضد النساء في شتى المجالات، معربًا عن أن مقارنة دعوة الشوباشى بدعوات نوال السعداوى ورفضها للحجاب غير صحيحة، فالسعداوى لم تناقش الحجاب بكونه فرضًا أو لا، بل ناقشت الأسباب النفسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية التى تجبر الفتيات على ارتداء الحجاب، ولم تطالب السعداوى الفتيات بالنزول لخلع الحجاب فى مظاهرة؛ لأنها مؤمنة بإرادة كل فتاة وحريتها فى اتخاذ القرار بعيدًا عن أى شكل من أشكال الوصاية. ومن جانبه قال الدكتور إبراهيم لطفى السيد – وكيل شيخ الأزهر ومسئول الدعوة والإعلام الدينى – إن دعوة الشوباشى تشعل القلاقل والفتنة فى المجتمع المصرى، فى وقت تحتاج الدولة المصرية فيه إلى التلاحم وليس الانقسام، مؤكدًا أن دعوة خلع الحجاب خطيرة وتسىء للدين الإسلامى والمجتمع، بل هي تدخل سافر من صاحبها فى العقيدة. وأكد أن التظاهرة أو المليونية تمثل انشقاقًا فى الصف الوطنى وخروجًا عن المفاهيم الصحيحة للدين الإسلامى، فالحجاب فريضة على كل امرأة مسلمة، والأزهر هو الحامى للدين فى مصر والعالم الإسلامى، ويرفض مثل هذه الدعوات التى تهدم الدين، فالحجاب ليس رمزًا للتخلف والرجعية، بل هو فريضة على المرأة المسلمة لا اختياري. وعن موقف الأزهر حال حصول الشوباشى على تصريح أمنى لتنظيم المظاهرة، أكد لطفى السيد أن الأزهر سوف يتدخل ويمنعها.