انتهى الأسبوع الثالث منذ بدء العدوان السعودي على اليمن حاصدًا أرواح المئات من المدنيين وآلاف الجرحى، لاسيما بعد أن اتسعت رقعة استهداف الطائرات السعودية في اليمن لتشمل الأسواق الشعبية، وتنتقل إلى البنى التحتية لتكرس تدمير هذا البلد الذي كان يعاني الفقر قبل الحرب، وتحلق طائرات التحالف العشري فوق الأراضي اليمنية لتستهدف المرافق الحيوية والمستشفيات. في كل الحروب والمواجهات المسلحة يكون الأطفال والنساء في مقدمة المتضررين من هذه الأحداث باعتبارهم الفئة الاجتماعية الأضعف والأكثر عرضة للانتهاكات، تدمير سريع للمباني السكنية وتشريد الأهالي، هذا هو أول هدف أصابته الطائرات السعودية، ليسقط مئات القتلى والجرحى وفق احصائيات المنظمات المدنية المعنية بجمع تداعيات هذه الكارثة. رصدت المنظمات الدولية المعنية بحقوق الطفولة ما يجري على الأرض نتيجة العدوان السعودي وقصف طائراته للمدنيين وأماكن التجمعات ومخيمات النازحين، فقد أعلنت منظمة الصحة العالمية عن قتل 540 شخصًا على الأقل وإصابة 1700 بجروح منذ أسبوعين، وفق حصيلة أولية تم إعلانها مؤخرًا. وفي هذا الإطار ذكرت مؤسسة الحرية للحقوق والحريات أن عدد القتلى الذين راحوا ضحايا غارات القصف الجوي الغاشم لعملية "عاصفة الحزم" السعودية أكثر من 857 مدنياً بينهم 160 طفلاً و32 امرأة و13 مسناً جراء قصف أكثر من 111 تجمعاً سكانياً في اليمن منذ بدء العدوان في 26 مارس الماضي. أكثر من أربعين غارة جوية نفذتها طائرات التحالف السعودي على عدة محافظات سجل أعنفها في محافظة عمران شمالي البلاد، وأكد المتحدث العسكري السعودي العميد الركن "احمد العسيري" أن طائرات التحالف شنّت أكثر من 1200 غارة جوية على اليمن منذ بدء الغارات في 26 من شهر مارس الماضي. غارات العدوان السعودي استهدفت مدرسة السبطين بمحافظة "اب" وسط اليمن، وهو ما نتج عنه سقوط عشرات الطلاب بين قتيل وجريح جراء الغارة الجوية التي استهدفت المدرسة، كما سقط ثمانية أفراد من أسرة واحدة معظمهم نساء وأطفال في قرية التخراف بالمديرية نتيجة الغارات الجوية للعدوان السعودي التي استهدفت القرية. وفي منطقة "بني مطر" غربي العاصمة صنعاء عاودت الغارات الجوية للعدوان السعودي قصفها للقرى والتجمعات السكنية، حيث قصفت قرية "بيت رجال"، ما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى من المدنيين معظمهم نساء وأطفال، وفي صنعاء، سقط 14 جريحاً بعدما شن الطيران السعودي غارات على ملعب اليرموك شمال العاصمة، ليكرر غاراته على المعلب نفسه أثناء عمليات إسعاف المصابين ما أدى إلى وقوع المزيد من الضحايا. وفي محافظة الحديدة، قصف الطيران المعادي محيط كلية الطب وملعب كرة القدم كما استهدف عدداً من المنشآت الحكومية في المحافظة، إلى ذلك قتل مدنيان في غارة جوية استهدفت سوق "العند" قرب مدينة صعدة، كما استهدفت غارة أخرى سوق "الخفجي" قرب المدينة، وتركزت 5 غارات سعودية على شبكة الإتصالات في منطقة ساقين ومديرية الظاهر في صعدة، وفي السياق نفسه شنّت الطائرات السعودية أربع غارات متزامنة استهدفت الأولى ناقلة وقود كانت قادمة من مأرب وغارة أخرى استهدفت معسكر الصيفي، فيما شنّت أكثر من عشرين غارة جوية استهدفت المطار المدني والعسكري وكتيبة 65 دفاع جوي واللواء 67 دفاع جوي ومعسكر القوات الخاصة وساحة الملعب الدولي المعروف باستاد المدينة الرياضية وهو قيد الإنشاء. وفي تعز وسط اليمن، قتل 15 مدنيًا معظمهم من الأطفال وأصيب آخرون في غارة سعودية استهدفت قرية الظهرة، فيما استهدفت غارة ثالثة قرية البطنة في المنطقة نفسها، كذلك انضمت المواقع الأثرية اليمنية إلى لائحة الأهداف السعودية، حيث نفذ الطيران السعودي ثلاث غارات على موقع "براقش" الأثري في مأرب شمال شرق البلاد. يعد مراقبون هذا الاستهداف المباشر للمدنيين هو "ممنهج ضد الشعب اليمني"، حيث قال ممثل اليونسيف في اليمن "جوليين هارنيس"، إن الأطفال يدفعون ثمنا باهظا للنزاع في اليمن فهم يقتلون ويشوهون ويجبرون على الفرار من منازلهم كما أصبحت صحتهم مهددة ومسيرتهم التعليمية متعطلة، ودعا إلى ضرورة احترام وحماية الأطفال بما يتوافق مع القانون الإنساني الدولي، وأشارت اليونسيف إلى أن أعداد الأطفال الذين قتلوا أعلى بكثير خاصة مع ارتفاع حدة الحرب خلال الأسابيع الماضية. من جانبها قالت منظمة الأممالمتحدة للطفولة إن الصراع في اليمن يقود البلاد الفقيرة صوب كارثة إنسانية كنزوح الكثير من الأسر وتعرض الآلاف إلى تهديد المرض وسوء التغذية، كما أكدت المنظمات المعنية بحماية حقوق الأمومة والطفولة على ضرورة وضع حد لإراقة الدماء والعمل على تعزيز حماية الأطفال وتجنيبهم الويلات الناجمة عن الحرب، وأوضحت المنظمة العالمية لحماية الأطفال أن قتل الأطفال يعتبر من جرائم الحرب التي يعاقب عليها القانون الدولي، مشيرة إلى أن استهداف المدنيين خاصة صغار السن والنساء من الانتهاكات البارزة لحقوق الإنسان. القصف السعودي المتواصل لم يمنع اليمنيون من الخروج بتظاهرات رافضة للحرب على بلادهم، وذلك في ظل الدعوات إلى رصّ الصفوف والوحدة والصمود، وإزدياد السخط الشعبي مع استمرار تكثيف ضربات التحالف، حيث خرجت حشود غاضبة في شوارع اليمن تعلن الصمود في وجه الغارات السعودية.