تشكل البطالة سبباً رئيسياً لمعظم الأمراض المجتمعية، وتمثل تهديداً واضحاً للاستقرار الاجتماعي والسياسي، فالبطالة مرض عضال يدمر أطراف المجتمع. ويري خبراء أن الفرد العاطل يشعر بالفراغ وعدم تقدير المجتمع، فتنشأ لديه العدوانية والإحباط، كما أن البطالة تحرم المجتمع من الاستفادة من طاقة أبنائه، وكذلك في الأسر التي يفقد فيها الزوج وظيفته، فإن التأثير يمتد بدوره إلى الزوجات سلبا، وينعكس الأمر على العلاقة الأسرية ومعاملة الأبناء، بالإضافة إلي تأخر سن الزواج والنتيجة هي ارتفاع متوسط سن الزواج وإدراك الشباب بأنه ليس لديه أمل في بناء أسرة، فيلجأ إلي وسائل أخري كمخدر ومخرج لعدم القدرة على الزواج الشرعي وكغطاء للعلاقات المحرمة البعيدة عن القيم والأخلاق. كما أن البطالة تؤدي إلى انخفاض الأواصر والقيم الاجتماعية السائدة في المجتمع، وتحد من فعالية الأب العاطل عن العمل، مما يؤدي إلى إضعاف سلطته، بحيث لا يستطيع أن يمارس دوره في ضبط أسرته كما يريد أو كما يجب، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلي وقوع الأولاد تحت تأثير القيم السلبية السائدة في المجتمع وتدفع الشباب إلى الجنوح والانحراف. البطالة تساهم في انهيار المجتمع والحكومة تكتفي بموقف المشاهد يقول المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس الحزب الاشتراكي المصري، إن المجتمع المصري يعاني الويلات من مشكلة البطالة التي تؤرق الجميع كبار وصغار، فرب الأسرة يخشي علي أولاده من المصير المجهول الذي ينتظرهم عقب تخرجهم في ظل عدم وجود فرص عمل مناسبة للبدء في بناء أسرة والمساهة بدوره في تكوين المجتمع المصري، مما يساهم في تقويض المجتمع وتعرضه للانهيار وبالتالي الدولة المصرية. ويضيف أن من أهم المشاكل التي يتعرض لها المجتمع، تأخر سن الزواج والعنوسة التي تطارد الشباب؛ نتيجة عدم وجود فرص عمل وانتشار البطالة، مما يساهم في انتشار الوسائل الأخري غير الأخلاقية كالزواج العرفي وقدوم أولاد للحياة دون إثبات نسب للأب، مما يعني زيادة أولاد الشوارع وزيادة معدل الجرائم، مشيراً إلي أن كل هذا والحكومة نائمة لا تتحرك قيد أنملة لحل الأزمة وتتركها تتفاقم إلي أن تبتلع الوطن. ويشير "بهاء الدين" إلي أن غالبية المشاكل التي تعترض تقدم المجتمع تبنع من أزمة البطالة، فالشباب الذي قضي عمره بأكمله يدرس من أجل الحصول علي درجة علمية تمكنه من أداء دور فعال بالمجتمع ليساعد في بنائه، ويستمر في تلك الأحلام الوردية إلي أن يصطدم بأرض الواقع المرير، ويكتشف أن كل ما كان في مخيلته مجرد أوهام لاترقي لمستوي الحقيقة، وأنه لن يكون له دور سواء في المساهمة في بناء المجتمع أو حتي في بناء أسرته الصغيرة لأنه وببساطة "مافيش". ويوضح رئيس الحزب الاشتراكي المصري، أن الوضع يسير من سيئ لأسوأ، وسنجد أنفسنا في مجتمع لا يمت للمدنية والتحضر بأية صلة؛ لأن كافة أعضائه سيصيرون مفتقدي الهوية والانتماء والوطنية، وبالتالي سيقبلون بأية فرصة للحصول علي الأموال حتي لو كان الأمر متعلق بخيانة الوطن، لأنه بحسبة بسيطة سيقول في نفسه ماذا قدم لي الوطن كي أخاف عليه وأحميه، مضيفا أن الدولة لم تستثمر الفرصة التي كانت أمامها عقب ثورة يناير والتماسك الوطني والزخم الهائل للمواطنين كافة والشباب خاصة في حبهم للوطن وتعلقهم به وآمالهم في تحسن الوضع، ولكن مع مرور الوقت وتزايد الشعور لدي الشباب بأن من مات قد مات سدي دونما مقابل، ولذا فإنه لن يضيره بشيء أن يفقد هويته وانتمائه اللذان لا يجلبان له سوي المشقة. البطالة تزيد حالات الزواج العرفى وتضاعف أطفال الشوارع من جانبه، يقول الدكتور جمال فرويز، الاستشاري النفسي، أن أزمة البطالة تؤثر علي الأسرة المصرية بصورة سيئة للغاية، وتقوض أساسات المجتمع المصري، كما يتعرض كافة أطرافها لصراعات وأزمات نتيجة لذلك، فالأب أو رب الأسرة يتعرض لضغوط عديدة، ما بين مساعدة الابن العاطل عن العمل وتلبية احتياجاته ومتطلبات العائلة من مأكل وملبس ومصروفات، مما يجعله يشعر بالإحباط، فهو كان ينتظر تلك اللحظة التي يصبح فيها الابن قادراً علي تحمل المسئولية، ليتشارك معه ضغوط الحياة ويخفف الحمل عن كاهله، ولكنه يفاجئ بعكس ذلك ولا يستطيع أن يبدي له مدي ألمه كي لا يشعره بمزيد من المرارة والحزن، بينما علي الجانب الآخر، يشعر الابن بالحرج فى طلب النقود من والده، أو يكون صاحب شخصية سيكوباتية لا تبالي بمشاعر الآخرين نتيجة ما مر به من أحداث وفي تلك الحالة سيطالب بالنقود وفي حال لم يتحصل عليها سيأخذها بالقوة. ويتابع "فرويز" أن المجتمع المصري يعاني من البطالة، فظهور حالات الزواج العرفي كبديل لصعوبة إنشاء الأسرة بصورة طبيعية أمر يضع الجميع في مواجهة خطر محدق وهو أطفال الشوارع، وبالتالي إمكانية بزوغ جيل من المجرمين، لافتاً إلي أن الهروب من الواقع المرير للشباب يتمثل في إما الهجرة أو محاولة إنهاء حياته بيده والانتحار. وأكد الاستشاري النفسي أن الحل يتمثل في الاهتمام بالدور الإعلامي بتوجيه الشباب لكيفية التعامل مع متطلبات الحياة المعاصرة وضرورة التعامل مع المعطيات الحالية بالنسبة لسوق العمل، بالإضافة إلي تطوير التعليم الفني والاهتمام بذوي الحرف، بل والتعامل معها باعتبارها سلعة مطلوبة للتصدير إلى الخارج من أجل إدخال عملة صعبة للدولة، كما يطالب الشباب بالقبول بالفرص الحالية المتاحة وعدم السعي وراء المكاسب السريعة، والبدء من نقطة الصفر كي يصل الشخص لطموحاته وأهدافه.