أعلن المركز الدولى للأبحاث السرطانية التابع لمنظمة الصحة العالمية عن خمسة أنواع جديدة من المبيدات الحشرية تسبب الإصابة بالسرطان، محذرا من استخدامها أو تداولها نهائيًا. وأوضح المركز فى تقرير له أن مبيد «الجليفوسات» المسرطن الذي يتم تسويقه تحت اسم «مونسانتو» أو «رواندوب» من أكثر أنواع مبيدات الأعشاب المستخدمة في العالم، إضافة إلى مبيدات الحشرات «مالاثيون، وباراتيون، وديازينون، وبتراكلور فنفوس». وطبقا للتقرير، فإن «الملاثيون» يستخدم حاليا في الزراعة، والصحة العامة، ومكافحة الحشرات، ولا يزال ينتج بكميات كبيرة في جميع أنحاء العالم، ويتعرض العمال خلال استخدامه وإنتاجه لمخاطر الإصابة بالسرطان، كما أنه ينتشر عبر الرزاز أو تناول الأغذية، كما أشار التقرير إلى أن «الجليفوسات» زاد استخدامه بجميع أنحاء العالم في الزراعة. الجدير بالذكر أن ما يتم إنفاقه سنويا على مبيدات الآفات الزراعية، يبلغ 900 مليون جنيه، أي ما يمثل 4.5% من جملة مستلزمات الإنتاج الزراعي، ووفقا لاحصائيات عام 2014، فإن حجم المستهلك من المبيدات فى مصر بلغ حوالى 8400 طن مادة فعالة، وعدد المبيدات المسجلة بناء على المادة الفعالة "225″، وبناء على المستحضر التجارى "775″، وحجم تجارة المبيدات على مستوى العالم يتجاوز الآن 55 مليار دولار، والمستهلك من المبيدات يصل الآن حوالى 5.4 مليون طن. يقول الدكتور سميح عبد القادر، خبير السميات بالاتحاد الدولي، إن مصر تستخدم بالفعل بعض المبيدات التي تم حظرها دوليا مثل «المالاثيون» أكثر المبيدات تسببا في حدوث الأورام، لافتا إلى أن مصر لا تفرق بين سمية المبيد وقدرته على إحداث أورام سواء حميدة أو خبيثة. أضاف "عبد القادر" أنه بالفعل يوجد فى مصر مبيدات مسرطنة برغم نفى وزارة الزراعة، مؤكدا أن هناك منظمات عالمية صنفت المبيدات وفقا لتسببها في الإصابة بالأورام السرطانية مع سوء الاستخدام والجرعات المفرطة والمبالغ فيها، حيث تعمل على تحفيز وتهيأة الخلايا لتكوين أورام، مطالبا الجهات المعنية بضرورة أن تلتزم عند دخول المبيدات بتوصيات منظمة الصحة العالمية، واتخاذ كل الإجراءات لسحب المبيدات التي تم حظرها من الأسواق المصرية، وسرعة وجود بدائل لها. من جانبه، قال الدكتور مجدي عبد الظاهر، أستاذ كمياء وسمية المبيدات بزراعة سابا باشا جامعة الإسكندرية، إن توصيات المركز الدولى للأبحاث السرطانية بمفردها، لا تأخذ بها مصر، لكن يجب أن يكون هناك تأييد من وكالة حماية البيئة الأمريكية لهذه النتائج. وأوضح "عبد الظاهر" أن ال"5″ مبيدات التي تم التحذير منها، توقف استخدام بعضها بالفعل مثل "باراتيون"، واستخدام البعض الآخر مثل "المالاثيون" المنتشر على نطاق واسع لرخص ثمنه، والذى تنتجه في الوقت الحالي إحدى شركات القطاع العام المصرية، مؤكدا أن مبيد "ديازينون" يعد من أخطر المبيدات وتوقف استخدامه محليا لفترة ثم عاد مرة أخرى، ومن المفترض أن يقتصر استخدامه على المحاصل الحقلية، إلا أنه يستخدم في الخضروات، الأمر الذي يهدد صحة المصريين. وأكد "عبد الظاهر" أن المخاطر المترتبة على سوء استخدام وعدم التوعية، أكبر بكثير من التي يسببها المبيد نفسه، ولذلك يجب التعامل مع المبيدات وفق توصية مكتوبة من المرشد الزراعي، مطالبا بضرورة تفعيل دور قطاع الإرشاد بالريف؛ حتى نصل إلى مرحلة الاستخدام الآمن للمبيد؛ لأن التوصية ستكون مطابقة لتوصيات وزارة الزراعة الفنية والقانونية التي تعد من أكثر الجهات "الروتينية" في تسجيل المبيدات؛ وذلك لضمان منع أي خلط أو حتى سوء استخدام سواء من المزارع أو التاجر. وكشف أستاذ كمياء وسمية المبيدات أن وزارة الصحة مسئولة عن دخول بعض المبيدات التي تحظر دخولها وزارة الزراعة على أنها "مبيد صحة عامة"، إلا أنه يتم استخدامها كمبيدات زراعية، ما يعد طريقا خلفيا للتحايل على قواعد استيراد المبيدات من الخارج، مشيرا إلى أن هناك مبيدات يتم تهريبها من سيناء أو عبر الحدود الليبية إلى مصر. وفى نفس السياق، أوضح الدكتور محمد عبد المجيد، رئيس لجنة مبيدات الآفات الزراعية، أن إستراتيجية وزارة الزراعة ترتكز فى مجال مكافحة الآفات على استخدام مجموعة من التقنيات والوسائل بتوافق دقيق مبنى على تعظيم الاستفادة من الوسائل الطبيعية والحيوية من خلال منظور صحى وبيئى واقتصادي واجتماعي. وأكد على ضرورة اختيار المبيد المتخصص الآمن والفعال وبالجرعة المناسبة وفى التوقيت الأمثل لتحقيق أقصى قدر من المنافع وأقل مستوى من التكاليف؛ حفاظا على صحة الإنسان وسلامة البيئة، وزيادة القدرة التنافسة لتصدير منتجات زراعية نظيفة، من خلال الالتزام بالحدود القصوى المسموح بها لمتبقيات المبيدات الكيميائية على المنتجات الزراعية. وأشار إلى أن القواعد المنظمة لتسجيل المبيدات فى مصر تضاهي أفضل النظم العالمية، لافتا إلى أن استمرار مشاكل التطبيق والاستخدام غير الواعي، تعد همهم الأكبر للسيطرة على إدارة مشكلة متبقيات المبيدات على المحاصيل والمنتجات الزراعية، خاصة الغذائية سواء بالنسبة للاستهلاك المحلى أو التصدير.