في الوقت الذي أعلنت فيه نحو 10 دول دعمهم ومشاركتهم في العملية العدوانية على الأراضي اليمنية المعروفة باسم "عاصفة الحزم" التي تقودها السعودية، أكدت دول أخرى رفضها لهذا الاعتداء الذي يمس سيادة دولة اليمن. بعد مرور الساعات الأولى لانطلاق العملية "عاصفة الحزم" توالت المواقف الرافضة لها، حيث بدأت بتصريحات إيرانية استنكرت العملية وطالبت بوقفها فورًا، حيث قالت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية "مرضية أفخم" إن هذا العمل العسكري يمكن أن يزيد من تعقيد الوضع واتساع الأزمة والقضاء على فرص التوصل إلى حل سلمي للخلافات الداخلية في اليمن، واصفه إياها ب"خطوة خطيرة" تنتهك المسئوليات الدولية والسيادة الوطنية. عارضت سوريا العدوان على اليمن، حيث أعلنت وكالة الأنباء الرسمية "سانا" رفضها للعملية واعتبرتها "عدواناً سافراً"، فيما لم يختلف موقف العراق كثيرًا عن سابقيها، فقد أعلن وزير الخارجية العراقي "إبراهيم الجعفري"، رفض بلاده العملية العسكرية في اليمن التي تشنها المملكة العربية السعودية بالتحالف مع عدة دول، وقال إن استخدام السلاح خارج كل دولة سيضع كل دولة من البلدان على مرحلة جديدة وعسكرة الخلافات السياسية، وأضاف "نحن مع الجهود السياسية، وأن تكون جهود بحجم القمة العربية تعمل على حل أزمة اليمن"، ولفت الوزير العراقي إلى أن "الحل السلمي هو الحل الوحيد، لأن التدخل العسكري يزيد الأمر تعقيدا، ويؤدي إلى عسكرة الأمور، ونحن مع الشرعية والحلول السياسية، ونعتقد أن ما يحدث لا يحصى على الحلول السياسية". موقف سلطنة عُمان كان مغاير لباقي دول الخليج التي تشارك في العملية، فعلى الرغم من الضغوط التي تعرضت لها السلطنة ومحاولات الإقناع بقبول التدخل العسكري العربي في اليمن وعدم التحفظ على ما تصدره اجتماعات القمة، إلا أنها تحفظت على استخدام القوة العسكرية ضد اليمن، ورفضت الانضمام إلى القرار الخليجي في هذا الشأن، وقررت الوقوف على الحياد وعدم اتخاذ موقف معلن، حتى تتمكن من التواصل مع الأطراف المتصارعة ومحاولة التوصل إلى وساطة بين الجانبين، وأشارت مصادر صحفية، إلى أن تحفظ عمان على ما تصدره اجتماعات القمة، هو السبب الرئيسي لتأخير الجلسة الافتتاحية لوزراء خارجية الجامعة العربية، لمدة ساعتين. الجزائر كانت في صدارة الدول العربية الرافضة للعملية، حيث قال وزير الشئون الخارجية الجزائري "رمطان لعمامرة"، إن الجزائر لن تشارك في عملية "عاصفة الحزم" العسكرية، وأكد أن "الجزائر لديها موقف سياسى وهو أن جيشها يحارب داخل أراضيها فقط"، وأشار إلى أن "جماعة أنصار الله هم طرف أساسي في المعادلة السياسية اليمنية، لذلك فإن الجزائر تركز على ضرورة إجراء حوار سياسي"، موضحا "سيضطر الجميع إلى العودة إلى الحوار، لأن الحوار ضروري". وعلى المستوى الدولي، استنكرت روسيا العدوان، مؤكدة على دعمها لسيادة اليمن ووحدة أراضيه، داعية الأطراف اليمنية وحلفاءها الخارجيين إلى وقف الأعمال القتالية، وجاء في بيان لوزراة الخارجية الروسية أن "موسكو تعبر عن قلقها البالغ من الأحداث الأخيرة في الجمهورية اليمنية الصديقة وتؤكد دعمها الثابت لسيادتها ووحدة أراضيها"، وشددت الخارجية على "أهمية وقف جميع العمليات القتالية فورا من قبل كافة أطراف النزاع في اليمن وحلفائها الخارجيين، وتخليها عن محاولات تحقيق أغراضها بالسلاح"، وأكدت أنه لا يمكن تسوية الخلافات الموجودة في اليمن إلا عن طريق الحوار الوطني الواسع، وتابعت الخارجية أن روسيا ستتواصل مع كافة الأطراف التي انجرت إلى أحداث اليمن، وستعمل على تكثيف الجهود الدولية المبذولة، بما في ذلك في الأممالمتحدة، من أجل التوصل إلى خيارات لتسوية النزاع المسلح في البلاد بالوسائل السلمية في أقرب وقت ممكن. على صعيد متصل، بحث نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي "إلياس أوماخانوف"، مع نائب وزير الخارجية الإيراني "حسين أمير عبد اللهيان" الوضع في اليمن، حيث أبلغ "عبد اللهيان" "أوماخانوف" بتطورات الأوضاع في اليمن والبحرين والمنطقة برمتها، وشدد على الدور الكبير الذي تلعبه المشاورات الروسية الإيرانية حول القضايا الإقليمية، بدوره ذكر "أوماخانوف" أن موسكو قلقة للغاية من الأحداث الأخيرة الجارية بالمنطقة، معبرًا عن استعدادها للمساهمة في تسوية الوضع بشتى الوسائل. من جانبه حذر رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني "علاء الدين بروجردي"، السعودية من عواقب خطرة لتدخلها العسكري في اليمن، داعيًا الرياض إلى انهاء عدوانها باسرع وقت وحل الأزمة اليمنية بالطرق السياسية، وأدان "بروجردي" الهجوم السعودي على اليمن، قائلا إن اشعال النار هذا لاشك سيترك عواقب خطرة وأن العالم الإسلامي سيتعرض لأزمة كبيرة نظرا إلى حساسية هذه المنطقة، مضيفا أن "نار الحرب على اليمن سترتد على السعودية"، موضحا أن اشعال السعودية نار حرب جديدة في المنطقة دليل على عدم اهتمامها بمشاكل الأمة الاسلامية وغياب المسؤولية لديها وأن نار هذه الحرب سترتد على السعودية نفسها لأن الحرب لن تبق محدودة في نقطة واحدة، وأكد "بروجردي" دور أمريكا في الهجوم السعودي على اليمن قائلا إن أمريكا "هي على رأس فتن الحرب في المنطقة وهي دعمت هذا الهجوم ولاشك أن السعودية وعدد من دول مجلس التعاون لم تقدم على اشعال هذه النار إلا بضوء أخضر أمريكي وهي لاتملك هذه الصلاحية". أما وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" فقد طالب بوقف العمليات العسكرية السعودية في اليمن، وأكد أن العمليات العسكرية تنتهك السيادة اليمنية ولن تؤدي إلا إلى اراقة دماء الأبرياء، موضحاً أن بلاده ستبذل قصارى جهودها لاحتواء الأزمة في اليمن، مشددا على أن العمليات العسكرية السعودية ضد اليمن تدخل المنطقة في المزيد من التوتر ولن تعود بالفائدة لاي بلد. لم يختلف موقف الصين كثيرًا عن حليفتها روسيا، فقد عبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية "هوا تشون يينغ" عن قلقها بشأن الوضع المتدهور في اليمن، وقالت إن الصين تحث جميع الأطراف على الالتزام بقرارات مجلس الأمن الخاصة باليمن وحل النزاع حول طاولة الحوار. أما في الداخل اليمني وعلى مسرح الأحداث، دعت "اللجنة الثورية العليا" في العاصمة إلى الخروج في مسيرات رفضاً للعدوان السعودي على صنعاء، وقالت "اللجنة" إن المسيرات الجماهيرية ستنطلق من باب اليمن وتجوب عدداً من شوارع العاصمة "للتنديد والإدانة واستنكار تحرك النظام السعودي"، وأكدت أن "الشعب اليمني الحر الأبي سيثبت للعالم قدرته الكبيرة على الصمود والتصدي لهذا العدوان الهمجي والدفاع عن أرضه وسيادته، باعتباره حقاً مشروعاً تؤكده الأعراف كافة والمواثيق والقوانين الدولية"، وبالفعل احتشد آلاف اليمنيين في العاصمة اليمنية صنعاء استنكارا للعدوان السعودي على بلادهم، ورددوا شعارات ضد هذا العدوان متوعدين السعودية بالرد، وحمل المتظاهرين الأسلحة في تظاهرتهم تعبيرًا عن استعدادهم للرد على العدوان، وتوعد المحتشدون اليمنيون السعودية بالرد على عدوانها ضد بلادهم.