يعيش أهالى قرى محافظة الفيوم واقعا مؤلما؛ لفتقادهم الخدمة الصحية، بعدما تركهم المسئولون للأمراض تنهش أجسادهم دون توفير خدمة طبية تكفل لهم حياة آدمية، حتى أصبح ثالوث «الفقر، والبطالة، والمرض» أحد الأعمدة الأساسية داخل غالبية بيوت القرى؛ نتيجة الإهمال المتعمد من قبل مؤسسات الدولة تجاه المواطنين، الذين يعانون واقعا مؤلما، بعد افتقار المحافظة لكل مقومات الحياة. قرية الغرق.. 250 ألف مواطن بلا خدمة طبية يقول عادل المغربي، أحد أهالى قرية الغرق بمحافظة الفيوم، إن هناك حالة من الإهمال الشديد والمتعمد من قبل المسئولين بالمحافظة تجاههم، مضيفا: «تشهد قرية الغرق أسوأ أنواع الإهمال الصحي، بعد غياب الرقابة الإدارية من قبل مديرية الصحة»، لافتا إلى حالة النقص الشديد في عدد الأطباء العاملين بالمركز الطبي بالقرية الذى يخدم أكثر من 250 ألف نسمة، حتى بعد تجديده مؤخرا وتزويده بجميع الآلات والأجهزة الحديثة بجميع التخصصات. وأوضح "المغربى" أن المركز تم تجديده خلال العام الماضي 2014، بتكلفة بلغت أكثر من 13 مليون جنيه، إضافة إلى تزويده بأجهزة طبية تقدر ب2 مليون جنيه، متابعا: «لم يتم الاستفادة من الأجهزة الجديدة؛ نظرا لعدم وجود أطباء وفنيين يستطيعون التعامل معها، ومن ثم علاج المرضى الفقراء الذين تعج بهم القرية»، مؤكدا أن أهالي القرية سيتقدمون ببلاغ إلي المحامي العام بالفيوم ضد المسئولين عن الصحة بمركز "اطسا"؛ بتهمة إهدار المال العام. قرية قارون.. مياه الشرب ملوثة والخدمة الصحية معدمة على جانب موازٍ، يوضح أحمد شعبان، أحد أهالى قرية قارون بمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، أن القرية تعج بالمشاكل، بدءا من عدم توافر مياه نظيفة للشرب، وصولا إلى الوضع الصحي السيئ، مشيرا إلى أن الوحدة الصحية بالقرية تم تجديدها من فترة قصيرة بعد مطالب عديدة من قبل أهالي القرية، وبالفعل تم التجديد، لكن الأزمة تكمن فى نقص الأطباء. وأضاف "شعبان" أن الوحدة الصحية التى تخدم 4 أربع قرى بها طبيب واحد فقط، ما يمثل ضغطا كبير عليه، خاصة أنه يقضى فترة التكليف داخل القرية، مؤكدا أن المرضى لا يستطيعون تلقى خدمة العلاج بشكل جيد؛ نظرا للتكدس وضيق الوقت، ما يضطر الطبيب لتحويل المرضى إلى المستشفى العام بالمحافظة التي تبعد عشرات الكيلومترات عن القرى؛ لتوافر التخصصات المطلوبة. أهالى قرية الريان.. مرضى بلا إسعاف وفى إطار مسلسل الإهمال، يقول محمود أحمد، أحد أهالي قرية الريان، إنهم يعانون من بعد نقاط الإسعاف عن القرية، مضيفا: «تحدث العديد من الحوادث والأزمات الصحية المفاجئة، دون توفر سيارة إسعاف تنقل المرضى إلى الوحدة الصحية». «صحة الفيوم»: وحدات القرى لا تقدم الخدمات الطبية العاجلة على الجانب الآخر، قال الدكتور مدحت شكري، مدير الإدارة الصحية بمحافظة الفيوم، إن جميع الوحدات الصحية بالقرى خاصة بطب الأسرة، التى لا تقدم الخدمة الطبية العاجلة والطارئة، وتهتم أكثر بأمور التطعيم والولادة والأطفال، بجانب تواجد أطباء أطفال وأسنان وصيدلي بكل وحدة. وعن قلة عدد الأطباء، أضاف أن هناك عجز فعلى في عدد الأطباء النواب بالمحافظة، مؤكدا أنه سيتم التغلب على المشكلة مع بداية الشهر المقبل، خاصة بعد وصول دفعة جديدة من الأطباء. وعن أزمة الإسعاف، أوضح "شكرى" أن هناك وفرة في عدد السيارات المقدر ب75 داخل المحافظة، لكن بعد نقطة تواجدها عن القرى يشكل بعض الأزمات. «الأطباء»: ضعف الحافز سبب مشاكل المناطق النائية من جانبه، قال الدكتور حسام كمال، المتحدث باسم النقابة العامة للأطباء، إن مشاكل قلة عدد الأطباء يعود لضعف حوافز المناطق النائية، مضيفا أن مصر أصبحت بلدا طاردا للأطباء، ومتابعا: «أكثر من 60 ألف طبيب يعملون في السعودية؛ بحثا عن المقابل المادي الذي لم يتوافر لهم فى مصر». ولفت "كمال" إلى أن هناك أزمة ستواجه مصر خلال العشر سنوات المقبلة؛ نتيجة لعدم وجود رؤية مستقبلية لمهنة الطب، لافتا إلى أن هناك العديد من الأقسام تواجه الاندثار؛ لعزوف الأطباء عنها، مثل "العناية المركزة، والحضانات، والطوارئ"، مطالبا بضرورة وضع خطة لكيفية التغلب على تلك المشكلة المحتملة في المستقبل. وأكد أن حل مشاكل الصحة فى مصر تكمن فى «العمل على تشجيع الدراسات العليا، وتوفير المقابل المادي المناسب للأطباء»؛ حتى يتمكنوا من التواجد في المناطق النائية، والعمل في الظروف الصعبة.