تمثل العاصمة الإدارية الجديدة تحديًا جديدًا أمام حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ لمواكبة الركب العالمي في تقديم الخدمات الإدارية الجديدة من ناحية، والابتعاد عن فكرة المركزية من ناحية أخرى، فتصريحات وزير الإسكان دكتور مصطفى مدبولي، تؤكد أن «مشروع العاصمة الإدارية الجديدة لمصر سيقام على مساحة 160 ألف فدان، أي ما يعادل 490 كيلو مترًا مربعًا، وهذه العاصمة الإدارية الجديدة ستستوعب ملايين من السكان خلال الأربعين عامًا المقبلة، وستتضمن 25 حيًّا سكنيًّا، وستوفر 1.7 مليون فرصة عمل دائمة للشباب». "تحدي مدبولي يبدأ من جديد بعد نهايته في 2014 " ولم يكن الإعلان عن العاصمة الإدارية جديدًا في المؤتمر الاقتصادي الذي تمت إقامته منذ أيام، بل تم الإعلان عنه من نفس الوزير في يوليو عام 2014، من قِبَل الدكتور مصطفى مدبولي، محددًا أبرز معالم المدينة الإدارية الجديدة في وقتها، حيث أكد أنها ستستوعب 7 ملايين نسمة على مساحة 700 كيلو متر". في حين أن تصريحاته في المؤتمر الاقتصادي تؤكد أنها ستكون على 160 ألف فدان، وهو ما يعني التوسع في حجم العاصمة الإدارية. ولا يتوقف إنشاء هذه العاصمة على وزارة الإسكان وحدها، بل سيتوقف على عدد من الوزارات الأخرى أبرزها وزارة النقل، حيث سيتم ربط العاصمة الإدارية بشبكة مواصلات متطورة، حيث سيتم ربطها بمترو الأنفاق المار بطريق القاهرةالسويس، وبالقطار المكهرب الذي سيمر بطريق القاهرةالإسماعيلية. حلم من 76 ومازال قيد التنفيذ مشروع العاصمة الإدارية ليست جديدًا، فقد تم طرحه سابقًا عام 1976 عندما وضع الرئيس الأسبق محمد أنور السادات حجر الأساس لعاصمة إدارية بديلة عن القاهرة، ومنحها اسمه "مدينة السادات"، مطالبًا بنقل الوزارات إلى المدينة الجديدة، بتكلفة بلغت وقتها 25 مليون جنيه مصري، لكن موظفي أجهزة الدولة رفضوا الانتقال إلى المدينة الجديدة؛ بسبب ضعف الاتصال بينها وبين المدينة الأم، مما عكس ضعفًا في التخطيط للقرار قبل اتخاذه، ولعلاج ذلك تم إلحاق مباني الوزارات المقترحة بجامعة المنوفية، وانتهت الفكرة بالفشل ولم تحقق أي عائد اقتصادي أو مروري أو أمني. وعادت العاصمة الإدارية مرة أخرى للظهور في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، وتم وضع حجر الأساس لمجمع الوزارات في المدينة، إلَّا أن المشروع توقف مرة أخرى، وفى نوفمبر 2007، أعلن صفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى آنذاك، أن الحكومة انتهت من التخطيط لإنشاء عاصمة جديدة، وأن حكومة الدكتور أحمد نظيف أرسلت بخطاب لمجلس الشورى يفيد بذلك، موضحًا أن المجلس سيقدم رؤية إلى الحكومة في مشروع العاصمة الجديدة، لكن الموضوع عاد للتأجيل مرة أخرى من قِبَل الرئيس المخلوع، قائلًا: إن الأولوية للعدالة الاجتماعية، وليست إنشاء عاصمة جديدة"، مشيرًا إلى أن الأمر في حقيقته مجرد حديث عن خطط، ونحن نخطط لكثير من الأمور، وقد لا يتم التنفيذ إلَّا بعد 15 عامًا عندما تسنح الظروف. وعاد الحديث مرة أخرى عن البدء في الإجراءات التنفيذية لنقل مجمع الوزارات والمكاتب الإدارية الحكومية من منطقة وسط المدينة إلى المدن الجديدة في مايو 2013، وكان من المقرر أن يتم نقل وزارة الداخلية إلى التجمع الخامس ومبنى أكاديمية الشرطة لحين الانتهاء من إنشاء المقر الجديد بالتجمع على مساحة 7 آلاف متر، ونقل وزارة الإسكان إلى مبنى هيئة المجتمعات العمرانية بالشيخ زايد. وعاد المشروع مرة أخرى على يد حكومة محلب؛ حيث قرر مجلس الوزراء خلال اجتماعه مناقشة مشروع نقل العاصمة الإدارية بطريق السويس على الأراضي التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية، واستصلاح 4 ملايين فدان وإنشاء 3200 كيلو متر من الطرق للمدينة والبدء في تنفيذ 11200 كيلو متر في المرحلة الأولى منها، ثم تجدد في المؤتمر الاقتصادي، فهل فعليًّا سيتحقق أم سيكون كالماضي؟ خبراء: العاصمة الإدارية عبء جديد على الموظف يقول المهندس فتح الله فوزي، رئيس شعبة التشييد بجمعية رجال الأعمال: الإعلان عن عاصمة إدارية جديدة تكون النقلة الحضارية الحقيقية لمصر، تعد بالفعل مسؤولية أمام الحكومة الحالية، لكن في ذات الوقت الحكومة غير قادرة على التلاعب بتنفيذها؛ لأنها مرتبطة أمام العالم بالمؤتمر الاقتصادي. وأكد أن تنفيذ العاصمة الإدارية سيتضمن نقل الوزارات والهيئات خارج القاهرة التي تكدست بالملايين من السكان والعاملين، مما يعد خطوة جيدة بشرط التطبيق بصورة مناسبة وتوفير مناطق خدمية وسكنية للعاملين الذين سيتم نقلهم. فيما أكد دكتور أشرف فهيم أستاذ التخطيط العمراني بجامعة عين شمس، أن تنفيذ العاصمة الإدارية لن يكون أمرًا صعبًا، لكن وزارة الإسكان ورئاسة الوزراء لم تحدد مدة زمنية بعينها لعمل تلك العاصمة، مما يفتح الباب للتلاعب في الأمور، مشيرًا إلى أن العاصمة الإدارية وإكمالها يحتاج إلى تعاون من الوزارات والهيئات كافة، خاصة وزارة النقل التي من المفترض أن تخصص عددًا من الأتوبيسات التي تذهب إلى هناك وتكون متوافرة بشكل كبير، إضافة إلى مد خط الأنفاق إلى تلك العاصمة، في حين أن خط المترو لم يهيأ لذلك. وتابع: إنشاء العاصمة سيفتح أفقًا جديدًا للتنمية والتوسع العمراني، ويساعد على خروجنا من حيز ال6% الذي نحيا عليه من مئات السنين، مما يساعد على تخفيف الكثافة عن القاهرة ومناطق الدلتا. وأكد أن نقل الوزارات يعد عبئًا على العاملين بها، مما سيتسبب في زيادة الأحمال المرورية على الطرق، والحل هو إتاحة بعض الوحدات عن طريق الإيجار للعاملين بالوزارات بسعر أقل مما هي عليه في القاهرة. واستطرد: الدولة لا تمتلك السيولة المالية اللازمة لتنفيذ المباني داخل العاصمة، وذلك في ظل عجز الموازنة، وعدم منطقية الاستعانة بالقطاع الخاص لتنفيذ مبانٍ حكومية.