رغم مرور عامين على رحيله، إلا أن "هوجو تشافيز" لايزال القائد والبطل في أذهان العديد من المواطنين في فنزويلا، فلم تتراجع شعبيته المرتفعة وخصوصًا لدى الطبقات الفقيرة، فقد ترك ورائه ألقاب وبطولات وأعمال شكلت إرث من حب شعبه له. نشأة "هوجو تشافيز" ولد "تشافيز" في 28 يوليو عام 1954 لعائلة متوسطة في بيت جدته من أبيه في قرية "سابانيتا" بولاية باريناس، تعلم في الأكاديمية العسكرية بفنزويلا وهو 18 عاما، قبل أن يدرس العلوم السياسية في جامعة "سيمون بوليفار" بالعاصمة كاراكاس عامي 1989 – 1990، وحصل على شهادة الدكتوراه. الحياة السياسية بدأ "تشافيز" حياته السياسية في 24 يوليو 1983، ففي العيد المائتين لميلاد محرر فنزويلا وبلدان أمريكا الجنوبية الأخرى من الاستعمار الإسباني "سيمون بوليفار"، أنشأ "تشافيز" الحركة الثورية البوليفارية 200. حاولت الحركة الثورية البوليفارية 200 بقيادة "تشافيز" القيام بمحاولة انقلاب في 4 فبراير 1992 ضد الرئيس الفنزويلي "كارلوس أندريه بيريز"، واتخذ الانقلاب لنفسه اسم "عملية إزكييل زامورا"، فنجح أولا في السيطرة على جميع البلاد، عدا العاصمة كراكاس، إلا أنه قبض عليه وأدخل السجن وبعد سنتين تمت تنحية الرئيس "أندريه بيريز" وتولى "رافائيل كالديرا" السلطة مكانه، فخرج "تشافيز" من السجن وأسس بعض أصدقائه الضباط حركة سرية أطلقوا عليها اسم "سيمون بوليفار" تيمنا باسم الزعيم الأمريكي الجنوبي الذي كان من أبرز مقاومي الاستعمار الإسباني في القرن التاسع عشر. فوزه بالانتخابات في عام 1997 أسس "تشافيز" حزبا باسم حركة الجمهورية الخامسة، وحظى بمسانده اليساريين والطبقات الفقيرة، وهو ما قاده للسلطة بعد أربعة أعوام من إنشاء الحزب، وأعلن عن برنامج يركز على مقاومة الفقر والرشوة فحصل على نسبة 56% في انتخابات ديسمبر 1998، وكانت أكبر أغلبية في الانتخابات منذ 40 عاماً في فنزويلا. في 2 فبراير 1999، أدّى "شافيز" القسم الجمهوري وفق دستور وصفه بأنّه يحتضر، ووعد باستفتاء لتشكيل مجلس دستوري جديد، كما ألغى الاستعراض العسكري الذي يصاحب عادة هذا الاحتفال، راغباً بذلك في إبراز خضوع الجيش للسلطات المدنية، وتأجل الاحتفال إلى 4 يناير. بفوز "تشافيز" في الانتخابات، أعلن أن فترة 1958-1998 هي فترة الثورة الرابعة وأعلن 1999 هو بداية الثورة الخامسة، ثورة "بوليفار"، وقد تضمن برنامجه العديد من الإصلاحات الهامة، كان من أهمها تغيير اسم الدولة وسن قانون جديد لزيادة فترة الرئاسة إلى 6 سنوات، مع إمكانية إجراء انتخابات فورية، يتم فيها الاتصال مباشرة بين الرئيس والشعب، وفي 25 مارس من العام نفسه، صوّت 80% من المشاركين في الاستفتاء لصالح مجلس دستوري جديد، مع الوعد بإجراء انتخابات عامة، تشمل منصب الرئيس للعام 2000. تجديد ولايته أربع مرات جرت الانتخابات العامة التي وعد بها "تشافيز" في 30 يوليو 2000، وأعيد انتخابه رئيساً بنسبة 59.5% من الأصوات، ليجدد بذلك تمسكه بالسلطة لمده ست سنوات تنتهي في 2006، ليرشح نفسه لفترة رئاسية ثالثة لمدة ست سنوات أخرى في ديسمبر 2006 تنتهي في 2012، ويفوز بها أيضًا بنسبة 61.35% من أصوات الناخبين، وعلى إثر فوزه بالانتخابات أخذ ثقة البرلمان لتحويل الدولة إلى دولة اشتراكية، وأدى القسم على أن يحول فنزويلا إلى دولة اشتراكية وغيّر اسم الدولة من جمهورية فنزويلا إلى جمهورية فنزويلا البوليفارية. وفي 7 أكتوبر عام 2012 جاء موعد الانتخابات الجديدة، ليفوز بها "تشافيز" من جديد على منافسه "إنريكه كأبريليس" بفارق حوالي 10% من الأصوات، وتكون فترة رئاسته الرابعة. العلاقات الأمريكية الفنزويلية وصلت العلاقات بين فنزويلا وواشنطن إلى أدنى مستوياتها، خاصة عندما اتهم "تشافيز" إدارة الرئيس الأمريكي السابق "جورج بوش" بأنها "تحارب الإرهاب بإرهاب" خلال الحرب في أفغانستان في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر2001 على الولاياتالمتحدة، كما اتهم "تشافيز" الولاياتالمتحدة بضلوعها في تنظيم انقلاب قصير أبعده عن السلطة ليومين عام 2002، وحافظ "تشافيز" على تلك الواقعة في ذاكرته وسعى إلى نقلها للفنزويليين المؤيدين له. لم يعد هناك أدنى شك في أن الولاياتالمتحدة تزداد يومًا بعد يوم رغبة في التخلص من "تشافيز" الذي لم يترك مناسبة إلا وأعلن فيها تحديه للولايات المتحدة وجاهر بمعارضته لسياساتها ومصالحها، سواء داخل منظمة "أوبك"، أو فوق منصات التنديد بعلاقات أمريكا السياسية والاقتصادية بدول فنائها الخلفي، أو خلال زياراته للبلدان العربية والأوروبية. "تشافيز" والقضية الفلسطينية عرف "تشافيز" بنصرته للقضية الفلسطينية ودفاعه الدائم عنها ضد الجرائم الإسرائيلية، حيث طالب بتدريس القضية الفلسطينية في المدارس والجامعات بدول أمريكا اللاتينية، معتبرًا أنه من المهم للأجيال الصاعدة أن تتعلم من تاريخ هذه القضية، كما أنه عبر كثيرًا عن تأييده ودعمه مساعي فلسطين للانضمام للأمم المتحدة وأن تكون للفلسطينيين دولتهم المستقلة، وكشف عن نية بلاده فتح سفارة لها في فلسطين ورفع درجة التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى السفراء. في يناير عام 2009، أقدم "تشافيز" على فعل لم تفعله دول عربية، حيث طرد السفير الإسرائيلي لدى فنزويلا وجميع العاملين في السفارة، ردًا على العدوان الإسرائيلي على غزة، واعتبر أن ما تقوم به إسرائيل في غزة "إرهاب دولة" وجريمة ضد الإنسانية، كما وصف جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنه "جبان"، وفي العام نفسه اعترفت فنزويلا رسميا بفلسطين دولة مستقلة وذات سيادة، ودشنت أول سفارة فلسطينية في كراكاس. وفاة "تشافيز" وفي الخامس من مارس 2013 توفي الرئيس الفنزويلي "هوجو تشافيز" بعد معركته مع السرطان الذي اكتشف أنه مصاب به في 2011، وأجرى على إثره أكثر من عملية جراحية لاستئصال هذه الأورام، ما يعد خسارة للملايين من محبيه الذين كانوا يعشقون حضوره الطاغي ومناهضته للسياسات الأمريكية. اتهمت فنزويلاأمريكا وإسرائيل بالتورط في قتل "تشافيز" حيث قال وزير النفط الفنزويلي "رفائيل راميريز" إنه ليس لديه شك في أن الرئيس الفنزويلي مات مسموما مثل عرفات وأن أمريكا وتل أبيب هما المسئولتان عن وفاته، وأعرب "راميريز" عن أمله في أن تقدم لجنة التحقيق أدلة علي ذلك، وبالفعل فتحت الحكومة الفنزويلية تحقيقًا رسميًا في الشكوك بأن مرض السرطان الذي أصيب به تشافيز نجم عن تسميمه من قبل أعدائه بالخارج. كان "تشافيز" يحب مخاطبه شعبه على الدوام، ويخاطبهم بمعدل 40 ساعة أسبوعيا تذاع إما على التلفاز أو الإذاعة، كما أشتهر بمناداته بتكامل أمريكا اللاتينية السياسي والاقتصادي مع معاداته للإمبريالية، وانتقاده الحاد لأنصار العولمة من الليبراليين الحديثيين وللسياسة الخارجية الأمريكية، ويعد شخصية مثيرة للجدل، حيث قاد فنزويلا متحديا السياسة الأمريكية، فيما أشتهر بتعاطفه مع قضايا المستضعفين في العالم أجمع.