"لا جديد في خطاب نتنياهو" هكذا وصفت معظم الدوائر السياسية في تل أبيب وواشنطن خطاب رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني "بنيامين نتنياهو" أمام الكونجرس أمس الذي خصصه لإفشال أي اتفاق مستقبلي مع إيران حول برنامجها النووي، حيث تحدث البعض عن أن الخطاب جاء عكسيًا وعبر عن فشل نتنياهو في إقناع العالم بعدم جدية المفاوضات النووية مع القوى الغربية. لم يحمل خطاب "نتنياهو" جديدا سوى التغطرس والتعنت الذي سبب له موجة انتقادات حادة من خصومه السياسيين داخل تل أبيب، ولا شك أنّ نتائج تحديه للإدارة الأمريكية ستنعكس سلبا في الداخل الإسرائيلي، لا سيما وأنّ حملة شرسة قد بدأت ضده تلومه وتؤنبه على محاولاته تخريب العلاقة مع الحليفة الكبرى، لذلك نتنياهو سيعود إلى تل أبيب خال الوفاض مع تلويح أوباما باستعمال حق الفيتو إذا ما صوّت الكونجرس ضد مشروع الاتفاق. نظم عدد من اليهود الحسيديم في مدينة نيويورك تظاهرة أمام الكونجرس الأمريكي رفضا لخطاب نتنياهو، أكدوا خلالها أنه لا يمثلهم، وأنه لا يتحدث باسمهم"، حيث قال المتحدث باسم مؤتمر الحاخامية الوسطي "أرون يعقوبويتز" إن المتظاهرين تجمعوا ليعلنوا أن نتنياهو لن يتحدث باسم اليهود بعد الآن، معتبراً "تلك السياسات مدمرة بالنسبة لليهود والعالم أجمع" في الداخل، وبعيدا عن السياسة والانتخابات يرى محللون إن خطابات نتنياهو الأخيرة أصبحت للاستهلاك الإعلامي المحلي لابعاد النظر عن المشاكل الداخلية، حيث تزامن الخطاب مع تظاهرات شهدتها شوارع الاحتلال نظمها مئات من الإسرائيليين احتجاجًا على ارتفاع أسعار السكن، وللتنديد بسياسية نتنياهو الداخلية حاملين شعارات "أنا في ال40 من عمري، ولا أملك شقة سكنية وكل شيء غالي جدًا. خارجيًا؛ كان خطاب نتنياهو خاسرًا بعدما أظهر ارتعاده وخوفه الشديد من سياسة إيران وبدأ يكرر «النظام الإيراني يشكل خطرا كبيرا»، وأن إسرائيل تواجه محاولة إيرانية لتدميرها، وأشار أن طهران قد تطور قدراتها النووية، وإذا ما قررت ذلك فإن الأمر لن يأخذ أكثر من أسابيع قليلة، منوها بما تضمنه الاتفاق الذي لا ينص على تدمير أي منشأة، بينما سيتم ترك أجهزة الطرد تعمل. من جانبها، وصفت إيران على لسان رئيس مجلس النواب الخطاب بالمسرحية السياسية، مؤكدًا ضرورة الانتباه إلى أن هناك "تهريجات سياسية" حدثت على الصعيد العالمي حول الموضوع النووي الإيراني، مضيفًا أن حضور رئيس وزراء الكيان الصهيوني كان بمثابة مسرحية سياسية أجريت فى الكونجرس ما يدل على أن دولة كبيرة تدعي أنها تدير شؤون العالم لكن كيانا مختلقا يقوم باستغلال برلمانها. فيما جاءت ردود أفعال الإدارة الأمريكية لتؤكد أن نتنياهو سيؤدي إلى عزلة إسرائيل، حيث قال أوباما إنه لم يتابع خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي، مؤكدًا أن رئيس حكومة الاحتلال لم يأت بجديد فيما يتعلق بالمفاوضات مع الجانب الإيراني، مطالبًا الكونجرس الأمريكي بالتمهل في تقييم أي اتفاق مع إيران حتى يتم الانتهاء من جميع بنوده نهائيا، وقاطع نحو 50 ديمقراطيًا الخطاب، أما الذين حضروا منهم فأبدوا انزعاجهم، واصفين الخطاب بالسياسي المنحاز، مؤكدين أنه " لم يفعل شخص أكثر مما فعله نتنياهو لالحاق الضرر بالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية الحيوية والمهمة" وعلى الرغم من كل ذلك الخلاف وعدم موافقة البيت الأبيض على الخطاب ومقاطعة بعض الديمقراطيين، جاء استقبال الكونجرس الأمريكي، الذي يهيمن عليه الحزب الجمهوري المدعوم من اللوبي اليهودي، لنتيناهو بحفاوة لافتة وسط تصفيق حاد وصيحات تأييد قبل إلقاء الخطاب، وأثناء الخطاب، الذي استمر أكثر من 41 دقيقة، حيث قاطع أعضاء الكونجرس نتنياهو 43 مرة بالتصفيق الحاد، ما يؤكد للعالم أن هذه هي حقيقة الكونجرس الأمريكي والتي ظهرت أنها مجرد مطيّة للسياسة الإسرائيلية. وفي سياق متصل، استأنف وزيرا خارجية الولاياتالمتحدةالأمريكية جون كيري وإيران محمد جواد ظريف الأربعاء مفاوضاتهما حول الملف النووي الإيراني، متجاهلين التحذيرات التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونجرس من إبرام اتفاق.