بعد سلسلة طويلة من الانتقادات لأدائه وتحوله لما يشبه قاعة الاحتفالات، في ظل تكرار تأجيل عروضه المسرحية لصالح إقامة احتفاليات مختلفة لوزارة الثقافة وغيرها، في الفترة التي تلت إعادة افتتاحه في يناير 2012، وتغير إدارته بعد استقالة مؤسسته الدكتورة هدي وصفي، يعود «الهناجر» ليشهد حالة من النشاط المسرحي وحضور الشباب. حيث يستعد المسرح خلال الأسبوع القادم، لافتتاح عرض "برانويا"، إخراج محسن حلمى، وبطولة ريم سيد حجاب. وللمرة الأولي في تاريخ الهناجر، سيقدم مسرحية للأطفال من إنتاجه، بعنوان "الطائر الأزرق" وتعرض فى الفترة الصباحية، كما بدأت قبل أيام ورشة الرقص الحديث "الحركة في الفراغ المسرحى" مع المخرج والمصمم محمد شفيق والتي سينتج عنها عرض راقص، فيما تتواصل عدة ورش مسرحية متنوعة. ويبدأ منتصف الشهر الحالي تقديم عرض "أريوس"، تأليف محمود جمال الحدينى، وإخراج محمد خليفة، ضمن مشروع «شباب مسرحجي» الذي أطلقته الدكتورة أماني يوسف، مديرة مركز الهناجر للفنون، مع بداية هذا العام، وقدمت في إطاره عرضي "ميتانويا" و"الحفرة "، وسيليه عرض عرائس ومونودراما "الدمية"، للمخرج شادي قطامش، عن مسرحية "بيت الدمية" لهنريك أبسن. «شباب مسرحجي»، هو المشروع الذي أعلنت عنه رئيسة الهناجر بمجرد توليها إدارته نهاية أكتوبر الماضي، تحت اسم "مشروع الجامعة". أماني قالت ل«البديل»: المشروع استهدف في البداية إتاحة الفرصة للشباب الموهوب بالجامعات ثم فتح المجال للهواة بشكل عام، لذا تغير اسمه إلى "شباب مسرحجي"، ليقدم عروضًا تحمل جدة في الأفكار ولا تتجاوز ميزانيتها خمسة آلاف جنيه. وأضافت: نفتح لمخرجي هذه العروض مخزن الملابس والديكور، من العروض السابقة بالهناجر، للاستفادة منه في عروضهم، التي تم تحديد مواعيد مشاهداتها حتى منتصف العام الحالي، مع نهاية السنة المالية. العروض اختارتها لجنة قراءة، قيمت النصوص تلتها مناقشة للرؤية التشكيلية والإخراجية مع مخرج العمل، ثم مشاهدة العرض قبل تقديمه بأسبوعين. ورأت «يوسف» أن التجربة أثبتت نجاحها، لأنها تستدعي روح الابتكار والإبداع لدى الشباب وتفتح المجال لتقديم رؤاهم الفنية، دون التقيد بفئة معينة للعمل المقدم وتمنحهم فرصة للعرض لمدة أسبوع، قد يتم مدها حسب حالة التميز. وقالت: أول عروض المشروع، عرض ميتانويا، كان دراما حركية، حقق إيرادات 6500 جنيه رغم سوء الأحوال الجوية في فترة العرض، وهو رقم جيد، مع كون سعر التذكرة 10 جنيهات فقط. وعن عروض الأطفال -التجربة الجديدة للهناجر- أوضحت مديرته أنها تستهدف اجتذاب كل أفراد الأسرة، وتشغيل المسرح في ثلاث فترات، لاستغلال إمكانياته وتربية جيل من الأطفال والشباب يرتبط بالمسرح، وأنها ترتب لإقامة معسكر فني صيفي للأطفال خلال إجازة نهاية العام يتضمن العديد من الورش الفنية. واعتبرت «يوسف» أن الهناجر، بحكم طبيعته، ليس مجرد مسرح، وإنما مركز عام للفنون، وهو ما دفعها إلى تطوير استغلال قاعة الفنون التشكيلية بإقامة مسابقة بين شباب التشكيليين للعرض فيها، تأكيدًا للدور الأساسي للهناجر، وهو دعم مواهب الشباب. وقالت: "ستتواصل الورش التي بدأت أثناء إدارة المخرج هشام عطوة، وأنا أشرفت على إحداها، قبل تولي إدارة المسرح، وتضم ورش فى مجالات "التمثيل، الإخراج، البانتوميم، التعبير حركى، والأستاند أب كوميدى، التصوير الفوتجرافى، والتأليف". وكانت "أماني" في بداية تولي إدارة الهناجر، واجهت هجومًا من عدد من المسرحيين المستقلين اتهموها بالتعسف، مع قرارها إلغاء الخطوات السابقة لسلفها، منها مشروع عروض المئة ليلة، الذي كان قائمًا خلال إدارة «عطوة»، والعروض التي كانت مدرجة في خطة إنتاج المركز، وطالبت صناعها بإعادة تقديمها لتخضع للجنة قراءة جديدة، رغم إجازتها سابقًا. وهو ما رفضه البعض، مثل المخرج هاني عفيفي الذي كان أجرى عدة جلسات عمل وبروفات لعرضه "صنع في مصر"، وقدمت مؤلفته رشا عبد المنعم، مذكرة للمجلس الأعلى للثقافة، مطالبة بإدراج عرضها في برنامج الهناجر كما كان قبل تولي مديرة الهناجر الجديدة. نفت مديرة الهناجر تعسفها، قائلة أنها التزمت بتقديم العرضين الذين رُصدت اعتماداتهما المالية خلال فترة هشام عطوة، وهما "زيارة سعيدة جدًا" للمخرج مراد منير، و"تحيا مصر" إخراج زوجها عاصم نجاتي، الذي تنازل عن أجره في العرض، بعد اختياره رئيسًا للمركز القومي للمسرح، كما انسحبت أماني من بطولة العرض مع اختيارها مديرة للمركز. إلا أن وجود الزوجين في المنصبين، وإقامة فعاليات المركز القومي للمسرح في الهناجر، كان محفزًا لمزيد من الانتقادات، خاصة مع معركة المديرة مع المسرحيين المستقلين، بسبب تجاهل عروضهم المدرجة في خطة الهناجر. أماني علقت على ذلك، وقالت إنها لن تعتمد أي خطط سابقة، وأنها استلمت إدارة المسرح وبه عجز في الميزانية، ومعروض عليه 400 نص، بعضها منذ عام 2003، وتساءلت: ماذا أفعل بها. واستطردت أعدت فتح باب تقديم العروض، لتعرض على 3 لجان قراءة، الأولى لعروض الكبار، والثانية لعروض الماتينيه "مشروع مسرحجي" والثالثة لعروض الأطفال. وعن اتهامها باستبعاد السينما، قالت أنها تخطط لمهرجان للأفلام القصيرة، بعد تفعيل قطاع المسرح في الهناجر، وأضافت أن صندوق التنمية الثقافية الذي يدير السينما حاليًا يتولي دعم الشباب من هواة السينما عبر مشروع "مستقبلنا السينمائي"، ويشمل برنامج ورش سينمائية، تأمل أن تكون نواة مركز إبداع سينمائي لتقديم التجارب المستقلة للشباب، يتعاون في تقديم الدعم العلمي والفني في الإخراج، التمثيل، التصوير، السيناريو، والمونتاج، نخبة من المتخصصين. «الهناجر» الذي تأسس عام 1992 كمنبر لدعم شباب الفنانين، بمبني على طراز عصري، شهد حالة من الاضطراب بعد إعادة افتتاحه في 2012، بعد 4 سنوات من الإغلاق، الأمر الذي اعتبر تنكيلًا بمديرته السابقة الدكتورة هدي وصفي، بسبب تجاوز العروض المقدمة فيه سقف الحريات المتاح قبل ثورة يناير، واحتضانه لعروض المستقلين التي عادة ما تتضمن انتقادًا النظام، ما أدى إلى إغلاقة قرابة 5سنوات، وهدمه والتلكوء في ترميمه، ثم إعادة بناؤه على أسس معمارية مغايرة للمشروع الذي أقيم في إطاره المبني الأول، كمسرح حديث بتقنيات فنية تستحث الخيال لتقديم عروض عصرية وقابل للعرض من الجانبين. كما فعل المخرج كرم مطاوع في مسرحية "ديوان البقر"، مستغلا جانبي الخشبة، وبعد تجديده تحول إلى خشبة مسرح علبة إيطالية تقليدية، لا يختلف عن أي مسرح بسيط الإمكانيات، فضلًا عن العيوب التقنية في بناء المسرح وتواضع إمكانياته، بالتناقض مع تجربته الأولى، كمسرح قادر على تلبية طموحات عروض عصرية، خارج الصندوق. كما تم اقتطاع أجزاء من مركز الهناجر فأقيم مسرح الميدان التابع للبيت الفني للمسرح في حرم ساحة الهناجر، ويتولي صندوق التنمية الثقافية، إدارة دار سينما الهناجر ثلاثية الأبعاد، رغم أنها جزء من مركز الهناجر للفنون، وهي المشاكل التي أثارها الفنان توفيق عبد الحميد خلال دراسته لأوضاع الهناجر في الفترة القصيرة التي تولي فيها إدارته قبل مديرته الحالية، وكان «عبد الحميد»قد أشار أيضًا إلى مخالفات مالية وإدارية في بعض العروض، وهي أمور ما تزال تمثل تحديات أمام إدارة الهناجر الجديدة.