يظهرون دائمًا مع بدء الاستعداد لموسم الانتخابات البرلمانية وانشغال المرشحين بالترتيب والإعداد لحملاتهم الانتخابية.. إنهم "هتِّيفة" الانتخابات الذين يتواجدون فى المؤتمرات الانتخابية والجولات الميدانية للمرشحين أو في التجوال بسيارة تحمل مكبر صوت بنطاق الدائرة الانتخابية، ويحثون المواطنين على دعم ومساندة مرشح معين، ويمتلك هتيفة الانتخابات القدرة على ارتجال الهتافات وحشد الجماهير حول المرشح. انتشر صيت الهتِّيفة، خاصة بين مرشحي الحزب الوطنى ورجال الأعمال؛ لأنهم هم من يمتلكون الأموال، وكلما كان عدد المرشحين كثيرًا ارتفع أجر الهتِّيف بسبب التنافس بين المرشحين، وغالبًا ما يتم اختيار الهتِّيف من خلال سماسرة الانتخابات أو من خلال الحملة الانتخابية للمرشح. يقول محمد حسين عضو حملة انتخابية لأحد مرشحي الحزب الوطني السابقين إن الهتِّيف لا يعنيه اسم المرشح الذي يسانده، ففي الجولة الأولى قد يساند مرشحًا، وفي جولة الإعادة يساند منافسه، المهم عنده هو تحقيق أكبر مكسب مادي. ويوضح حسين أن الهتِّيفة يقومون بترديد شعارات وكلمات قوية فى محاولة لجذب ولفت انتباه الجماهير خلال كلمة المرشح. ويكمل حسين كلامه أنه بالرغم من أن مهنة الهتِّيف موسمية، إلا أنها تحقق لمن يمتهنها ربحًا ماليًّا كبيرًا؛ لقلة عدد من يمتهنها، موضحصا أن سعر الهتِّيف يختلف من دائرة إلى أخرى. محمد الجوهري يعمل في مجال الفراشة والإضاءة، وفي موسم الانتخابات يشتغل هتِّيفًا، يقول إن أكثر الأماكن تواجدًا للهتِّيفة هي المؤتمرات الانتخابية، فالمؤتمر الانتخابي للمرشح يتواجد به على الأقل 3 هتِّيفة، يتم توزيع الهتافات بينهم، ويصل سعر الهتِّيف في المؤتمر من 100 إلى 300 جنيه حسب كل مرشح، غير الدخان أو الإكرامية التي يعطيها له أصحاب وأقارب المرشح التي تصل أحيانًا في المؤتمر إلى 1000 جنيه. وفي الجولة الانتخابية الواحدة للمرشح يحصل الهتِّيف على مبلغ من 50 إلى 100 جنيه، حيث يقوم بالهتاف أثناء الجولة. وعن دخل الهتِّيف في موسم الانتخابات يكمل الجوهري قائلاً إن كل مرشح يقيم في فترة الدعاية من 10 إلى 15 مؤتمرًا انتخابيًّا، ومن 30 إلى 50 جولة انتخابية، ولا يقل دخل الهتِّيف في موسم الانتخابات عن 10 آلاف جنيه. ويقول الدكتور خالد الوكيل أستاذ الاجتماع بجامعة الأزهر إن السبب في انتشار مهنة الهتِّيف كثرة المرشحين من رجال الأعمال وأصحاب رءوس الأموال والأثرياء في الانتخابات البرلمانية، كما أن انتشار ظاهرة البطالة يدفع الكثير من العاطلين لشغل تلك المهنة، خاصة أن مكسبها سريع ومربح. وأوضح الوكيل أن سبب اعتماد المرشحين على الهتيفة هو قدرتهم على حشد أكبر عدد من الجماهير حولهم، خاصة في المناطق الشعبية، مؤكدًا أن ظاهرة الهتِّيفة هى ظاهرة مجتمعية لن تتغير إلا بتغير ثقافة المجتمع المصري عمومًا. ولفت أحمد الصواف (طبيب) إلى أن انتشار ظاهرة الهتِّيفة في الانتخابات مرتبط بمرشحي الحزب الوطني بالتحديد، خاصة وأنه لا يخلو مؤتمر أو جولة انتخابية لهم من تواجد عدد كبير من الهتِّيفة، وأحيانًا يكونون من أبناء الحى المعروفين بفرض السيطرة، كما يكون من بينهم بلطجية. وأكد محمود حسن أن للهتِّيفة دورًا في حسم الانتخابات لصالح مرشح بعينه، خاصة في المناطق الشعبية، من خلال تجميع أكبر حشد جماهيري وإقناعه بالتصويت له، وأحيانًا يكون "من تحت الترابيزة"، من خلال إطلاق الشائعات على المرشح المنافس، ومحاولة صرف الناس عنه والتشكيك فيه.