يواجه سوق الدواء المصرى الكثير من المخاطر؛ نتيجة لسياسة الرأسمالية وجشع شركات الأدوية، التي تهدف إلى الربح قبل حياة المريض، وهو ما أظهره القرار الصادر بشأن تحديد نسبة 4.5 % "خصم نقدي"، وتقليل فترة التأمين للصيدليات الصغيرة، الأمر الذي ستظهر عواقبه بعد فترة قصيرة من تطبيقه، أهمها أزمة في تداول الأدوية، وخسارة فادحة للصيدليات الصغيرة. من جانبها، أعلنت النقابة العامة للصيادلة عن تخوفها من المشاكل التي ستظهر فى القريب العاجل داخل سوق الدواء بمصر؛ نتيجة للقرارات الوزارية الصادرة بتسعير الدواء، والتى حددت نسبة 4.5 % كخصم نقدي بصورة قطعية ودون شرائح، مما يعني أنها محتسبة لصالح شركات التوزيع ضمن سعر المنتج. يقول الدكتور وائل هلال، أمين صندوق نقابة الصيادلة، إن الدواء في مصر مسعر جبرياً، ولا يجوز أن يتلاعب أحد في سعره بالزيادة أو النقصان وفقا لقانون التسعير الجبري، داعيا شركات توزيع الأدوية لإلغاء قرارها الظالم الخاص بتقليل فترات الائتمان والخصم النقدي؛ لمخالفته التسعيرة الجبرية وكافة القرارات الوزارية مثل القرار رقم 314 لسنة 1991 الذي يقضي بتسعير الدواء المُنتج محلياً، سواء الأصلي أو المثيل استناداً إلى التكلفة الاقتصادية الحقيقية من حيث ثمن المواد الخام، إضافة إلى المصروفات الصناعية والإدارية وتكلفة الأبحاث، مع تحديد نسب أرباح كل من الشركة المصنعة والموزع والصيدلي. كانت لجنة تسعير الأدوية المُشكلة بقرار من وزير الصحة، تختص بإجراء الدراسات اللازمة لتسعير الأدوية على أساس التكلفة الاقتصادية مع النظر في المستندات والفواتير المُقدمة من الشركات بشأن هذه التكاليف؛ للتوصل إلى سعر البيع للجمهور وذلك في النظام القديم، أما النظام الجديد اختلف جذريا عن النظام السابق، ففي الوقت الذي اعتمد فيه النظام السابق على تكلفة المنتج، يربط النظام الجديد سعر الدواء في مصر بسعره في 36 دولة، وذلك وفقا للقرار رقم 373 لسنة 2009، والقرار رقم 499 لسنة 2012. فالقرار 373 لسنة 2009 بشأن تسعير الأدوية، الصادر من وزير الصحة في 8 سبتمبر 2009، يفرق في عملية التسعير بين نوعين من الأدوية هما الدواء الأصلي، والدواء المثيل، فالدواء الأصلي هو الذي يحتوي على مادة فعالة جديدة أو ابتكار جديد، بصرف النظر عما إذا كان حاصلاُ على براءة اختراع أم لا، أما الدواء المثيل فهو الذي يتطابق مع الدواء الأصلي من حيث الفعالية، لكنه أرخص سعراً، كما يتم تحديد سعر بيع الدواء المثيل على أساس سعر الدواء الأصلي بعد خصم نسب مئوية ثابتة منه. ويحدد القرار ثلاث فئات من الأدوية المثيلة على أساس اعتمادات الجودة التي يحصل عليها المصنع، ويتم تسعير الفئة الأولى من الأدوية المثيلة بما يقل عن سعر الدواء الأصلي بنسبة 30% إذا كان ذلك المستحضر مصنعاً في أحد المصانع المرخص بها من وزارة الصحة، مع اعتماد المصنع من إحدى الجهات الأجنبية أو الجهات الدولية التي اعتبرها القرار معياراً للجودة. ويتم تسعير الفئة الثانية من الأدوية المثيلة بما يقل عن سعر المستحضر الأصلي بنسبة 40% لباقي المصانع المرخص، مع مراعاة أن هذه الفئة قائمة فقط حتى عام 2020، وهو تاريخ نهاية المهلة التي منحتها الوزارة للمصانع كي تحصل على اعتمادات جودة أو تواجه الغلق، وأخيراً تسعير الفئة الثالثة من الأدوية المثيلة بما يقل عن سعر المستحضر الأصلي بنسبة 60%، لمستحضرات الشركات التي لا تملك مصانع وتقوم بالتصنيع لدى الغير. وأكد أمين صندوق نقابة الصيادلة أن تخفيض نسبة الخصم النقدي، سيؤدي إلي عدم استقرار في سوق الدواء وسيؤثر علي الجميع بما فيهم الشركات، وسيظهر ذلك عندما تحل مواعيد شيكات والتزامات الصيدليات للدفع، حينها ستظهر مشاكل لا حصر لها، موضحا أن القرار يصب في مصلحة كبار الصيدليات العملاقة التي تعاملها الشركات معاملة خاصة، أما الصيدليات الصغيرة، سيؤدى القرار إلى اندثارها وتلاشيها مع الوقت، مما يؤثر سلباً علي منظومة العدالة الاجتماعية بين الصيادلة، فضلا عن أن الخدمة التي تقدمها الصيدليات للجمهور ستتأثر سلبا بالقطع. ولفت إلى أنه من المتوقع أن تتغول الصيدليات الكبرى على الشركات نفسها، كما حدث في بعض دول العالم ومنها منطقة الخليج، متساءلا عن دور الحكومة والدولة فيما يحدث من تغول الشركات الموزعة والمصنعة ومخالفتها لقرارات وزارية صادرة. وفي سياق متصل، قال أحمد فاروق، رئيس لجنة الصيدليات بالنقابة العامة للصيادلة، إن القرار الصادر من قبل شركات الأدوية، يصب في المصالح الخاصة بشركات الأدوية وله تأثير سلبي على الاقتصاد الوطني والاستثمارات الصغيرة، مشيرا إلى أن حل هذه الأزمة في إعادة فترة التأمين إلى ما كانت عليه وإعادة نسبة الخصومات كما كانت في السابق. اتفقت معه الدكتورة منال ناجى، إحدى ملاك الصيدليات الصغيرة، قائلة إن القرار الصادر بتخفيض نسبة الخصم النقدي وتقليل فترات الائتمان، يهدفان إلى الإضرار بالاقتصاد الوطني وإيقاف عجلة الإنتاج؛ نتيجة للضغط على الاستثمارات الصغيرة لصالح شركات الأدوية، وذلك لتحقيق أكبر قدر من الربح على حساب صغار الصيادلة والمريض. وأضافت "ناجى" أن القرار سيخلق أزمة في توفير الدواء اللازم للمرضى؛ نتيجة لتقليل الصيادلة لشرائح الدواء من شركات الأدوية؛ لأن نسبة الخصومات التي كانت توزع على الشرائح الكبيرة والصغيرة والمتوسطة، أصبحت ضئيلة.