حملت الدعوة السلفية وذراعها السياسي حزب النور منذ نشأتهم العديد من التناقضات في الفتاوى والتصريحات والرؤى التي يتخذونها موقفًا شرعيًا لهم، ولكن سرعان ما تتبدل تلك الأقوال وتحل محلها أفعال قد استنكروها في الماضي ووصفوها بالكفر والمفاسد والمنكر ومخالفة العقائد. "25 يناير".. وصفوها بالفتنة ثم زعموا أنهم جزء منها خرج ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية عبر الموقع الرسمي للدعوة "أنا سلفي" بالرد على أحد الأسئلة في 21 يناير 2011 عنوانه: ما حكم المشاركة في ثورة 25 يناير التي دعا لها عدد من الناشطين على الإنترنت اقتداءً بثورة تونس؟ وكانت إجابة برهامي بعدم مشاركتهم في تلك التظاهرات تقديمًا وتغليبًا لأمن العباد والبلاد في هذه الفترة العصيبة، وتفويتا لمقاصد الأعداء التي تهدف إلى نشر الفتن. إلا أن عبد المنعم الشحات المتحدث الرسمي للدعوة السلفية، خرج في أول مؤتمر صحفي للدعوة السلفية، ليعلن أن الدعوة شاركت في ثورة 25 يناير لاحقًا بعدما تأكدوا من حماية القوات المسلحة لها. وأعلن الشحات أن السلفيين دافعوا عن "25 يناير" بكل طاقتهم، قائلًا: "نحن جزء من العقل الجمعي الذي أنتج الثورة ولا يستطيع أحد أن ينكر ذلك". "السياسة".. رفضوها ثم تصدروا المشهد في 2011 أعلنها ياسر برهامي صراحة في بيان رسمي صادر عن الدعوة السلفية بأن فصل الدين عن السياسة كفر، والمشاركة في الحياة السياسية تتطلب التنازل عن عقائد ومبادئ وقيم لا يرضي أبدا أحد من أهل السنة أن يضحي بها في سبيل الحصول على كسب وقتي، أو وضع سياسي، أو إثبات الوجود على الساحة، لذلك كان رأي التيار السلفي بالإعراض عن العملية السياسية. كما قال محمد عبد المنعم الشحات في 28 يونيو 2010، إن الزج بالإسلاميين في التجربة السياسية يؤدي إلى استنزاف طاقات الإسلاميين في مجال الدعاية الانتخابية التي تفرض علينا قضايا معينة بعيدا عن الدعوة إلى الدين بشموله، بالإضافة إلى كم التنازلات التي يقدمها أصحاب هذا الاتجاه من إخضاع الإسلام للحضارة الغربية تحت مسمى تجديد الدين. وأشار الشحات إلى أن الانتخابات أصبحت مصيدة يستدرج بها الإسلاميون السلميون إلى منزلق العنف، فتتشتت جهودهم الدعوية أو تضيع، بينما يستمر الغرب وأعوانه في عزف أنشودة التطرف والإرهاب. كما قال نصا: "نحن نرفض الديمقراطية ونرى أنها ليست هي الشورى الإسلامية، والشورى الإسلامية مقيدة بالوحي، فالمرجعية في الإسلام للوحي، والشورى إنما تكون في كيفية تطبيقه.". ولكن سرعان ما تبدلت المواقف عقب 25 يناير وتصدر المشهد، ليخرج مجلس إدارة الدعوة السلفية ببيان رسمي في 22 مارس 2011، ليعلن مشاركة الدعوة بعد التشاور والمحاورة في ضوء المتغيرات، في العملية السياسية، وأنها بصدد تحديد الخيار المناسب لصورة هذه المشاركة. لم يقف الأمر عن هذا الحد بل تحول كليًا من الرفض للمشاركة ووصفها بالمفسدة للتيار السلفي، وصولًا إلى خروج "برهامي في 2 يوليو 2011 لينفي ما نشر عن أن الدعوة السلفية بمطروح ستعتزل العمل السياسى وتتحول إلى العمل الدعوى، قائلًا إن هذه التصريحات تعبر عن أفراد وليس لها أي علاقة بمجلس إدارة الدعوة السلفية. «الانتخابات».. الشحات يصفها بالكفر في 2010، و برهامي يجيزها بعد عام قال عبد المنعم الشحات في حوار صحفي معه في 26 نوفمبر عام 2010، إنه لا تجوز المشاركة في الانتخابات البرلمانية بزعم درء المفاسد ومنع العلمانيين من فعل المنافي للدين والتشريع، قائلًا: "الإقرار بهذه الأفكار وغيرها من أجل المرور إلى المجالس النيابية ارتكاب لمنكر لدفع منكر يقوم به الغير، وهو ما لا يجوز بغض النظر أيهما أشد، لأنه لا يجوز أن أرتكب منكرًا لكي أنهى غيري عن ارتكاب منكر، ولو كان المنكر موضوع الإنكار أشد". إلا أن التنازلات بدأت تدريجيًا بفتوى لأهل تونس ردًا على سؤال: قبل سقوط النظام.. يجوز المشاركة في الانتخابات، فرد ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية في 2011، قائلًا: "فغالب الظن أنه من الصعب تزوير الانتخابات القادمة في تونس، وقد سبق أن بينا أن المشاركة السياسية للقوى الإسلامية مبنية على موازين القوى في أي بلد من البلاد، وعلى مراعاة المصالح والمفاسد، وعلى إمكانية المشاركة دون تنازل عن ثوابت الشريعة، وأظن أن معظم هذه الضوابط سوف تكون موجودة أو يمكن السعي لإيجادها وأهل تونس أدرى بذلك، ولذا فالمشاركة التي تقلل الشر والفساد، وتكثر الخير والصلاح مع اشتراط الحكم بشرع الله قدر المستطاع جائزة مشروعة." ورغم كل تلك التصريحات والفتاوي المصاحبة بالأدلة، إلا أن حزب النور ودعوته السلفية خرجوا في أول انتخابات برلمانية ليعلنوا مشاركتهم وخوضهم لها والمنافسة على مقاعدها. ترشح المرأة.. من وصفها بالمنكر إلى البحث عن متبرجة لقوائمهم رأى "الشحات" عام 2010 ترشيح الإسلاميين للنساء منكرا وإثما كبيرا، وتى وإن كان تحت ذريعة أن المجالس النيابية ليست ولاية، وأضاف: لا يجوز أن نقول إن دخول المرأة وترشحها للبرلمان من باب منع دخول العلمانيين. إلا أن الدعوة سرعان ما تغير موقفها على لسان ياسر برهامي في 24 نوفمبر 2014، خلال مؤتمر جماهيري عقده حزب النور بالمنصورة، قال فيه "إن دخول المرأة السلفية البرلمان خير وأولى من دخول علمانى حقود يدعو إلى حرية الردة والزندقة، ويريد أن يفرض ديمقراطية الكفر والردة والزندقة، أو من يريد أن يفرض الليبرالية كما ينادى بها الغرب بلا ضوابط من الشرع". ووصلت التنازلات إلى أن يقول أشرف ثابت، نائب رئيس حزب النور، إنه لا توجد لائحة داخل حزب النور تحذر من ترشيح سيدة متبرجة على قوائمنا". "ترشح الأقباط".. من لا تحل ولايته إلى سنرشحهم على قوائمنا أفتى الشيخ ياسر برهامي عضو مجلس إدارة جماعة الدعوة السلفية, أنه لا يجوز للمسيحي الترشح للانتخابات البرلمانية لأنها سلطة تشريعية ورقابية, وبذلك فإنه سيمكنه عزل رئيس الدولة ومحاسبة الحكومة, قائلا في ذلك "لا يحل للكافر أن يتولاها" جاء ذلك ردًا على سؤال في 28 نوفمبر 2011: هل يجوز للمسيحي الترشح في مجلس الشعب؟ وإذا كان يجوز فهل يكون على رأس قائمة حزب النور السلفي؟ وبعد مرور 3 سنوات على تلك الفتوى، خرج برهامي في 4 يونيو 2014، بتصريح مناف لما قاله مؤخرًا، حيث قال إنه جار دراسة ضم الأقباط لقوائم حزب النور فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، وأن عددا من قيادات الحزب تجرى مفاوضات مع بعض الشخصيات القبطية، وآخرون يبحثون عن شخصيات قبطية فى جميع المحافظات، تكون ذات كفاءة عالية، ومقتنعة ببرنامج الحزب، للترشح على قوائمنا. كما قال صلاح عبد المعبود القيادي ب"النور" في 25 سبتمبر 2014، إن الحزب لن يواجه مشكلة فى ترشيح أقباط على قوائمه فى الانتخابات خاصة أن الحزب به مؤسسون منهم. النشيد الوطني.. رفضوا تحيته في "التأسيسية للدستور" ثم تعهدوا بالوقوف له في البرلمان المقبل رفض 6 أعضاء من حزب النور في الجلسة الختامية للجمعية التأسيسية للدستور، في 30 نوفمبر 2012، الوقوف كباقي أعضاء الجمعية أثناء إذاعة السلام الوطني احتفالًا بالانتهاء من التصويت على مسودة مشروع الدستور. ومن أبرز هؤلاء الأعضاء ياسر برهامى نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية والدكتور يونس مخيون القيادى بحزب النور والدكتور محمد إبراهيم منصور أمين سر اللجنة التشريعية بمجلس الشعب المنحل والدكتور أحمد خليل، الأمر الذي أعطى انطباعًا عامًا أن الدعوة السلفية ترى أنه لا يجوز الوقوف للنشيد الوطني. الأمر الذي تأكد في 1ديسمبر عام 2013، حينما انسحب محمد إبراهيم منصور ممثل حزب النور فى لجنة الخمسين أثناء عزف السلام الوطني، بعد الانتهاء من التصويت على الدستور، وتحجج بتلقيه اتصالًا هاتفيًا. إلا أن صلاح عبد المعبود عضو الهيئة العليا لحزب النور في 10 ديسمبر 2014، ليؤكد أن أعضاء الحزب سيقفون للسلام الوطني، في البرلمان المقبل، بخلاف ما حدث في برلمان 2012.