تمر نيجيريا اليوم بمرحلة هي الأكثر اضطرابا في تاريخها، حيث يتزايد نفوذ الجماعات الإرهابية المسلحة في البلاد، وترتكب جماعة بوكو حرام العديد من الجرائم ضد المواطنيين، بينما تحاول الحكومة بقدر الإمكان السيطرة على الأوضاع وتحسين مستوى المعيشة وضبط الأمن لإعادة الثقة في الحزب الحاكم بقيادة "جودلاك جوناثان". تزامنا مع هذه الأحداث التي تشهدها نيجريا، يقترب موعد انتخابات الرئاسة في البلاد المقررة العام المقبل، وهو الأمر الذي دفع الحكومة لبذل مزيد من الجهود لضبط الأمن حتى لا يفقد الحزب الحاكم مكانته في الانتخابات الرئاسية القادمة، لا سيما وأن النيجيريين عليهم الاختيار مرة أخرى بين الرئيس الحالي "جودلاك جوناثان" والحاكم العسكري السابق "محمد بوهاري" خلال الانتخابات. يسيطر على حملة انتخابات الرئاسة النيجيرية 2015 تمرد بوكو حرام في شمال البلاد، حيث يستغل مرشح المعارضة، الجنرال المتقاعد محمدو بوهاري، الاضطراب الأمني الذي تشهده البلاد جراء هجمات بوكو حرام المتكررة والتي فشلت الحكومة في ردعها حتى الآن، في تعزيز فرصته بانتخابات الرئاسة القادمة، خاصة وأنه يحاول كسب أصوات شمال نيجريا التي يعاني أهلها من هجمات الجماعة الإرهابية. محمد بوهاري هو القائد العسكري السابق للدولة الذي قاد انقلاب ضد حكومة الرئيس "شيهو شاجارى" في ثمانينيات القرن الماضي، وعمل لمدة تقل عن عامين رئيسا للبلاد، ويتمتع بشعبية جيده نظرا لمواقفه السابقة ضد الفساد، خدم بوهاري كرئيس للصندوق الاستئماني للبترول وهي الهيئة التي أنشئت من قبل حكومة الجنرال أباتشا، والممولة من العائدات الناتجة عن زيادة أسعار المنتجات البترولية، لمتابعة المشاريع التنموية في جميع أنحاء البلاد، مثل المستشفيات والطرق، وهي واحدة من الأشياء الرئيسية التي تضمن استفادة الناس من تلك الموارد . وفي هذا السياق؛ نقلت صحيفة "دويتش فيله" عن "الحسيني عبده" أحد منظمي حملة "بوهاري" الانتخابية "أعتقد أن بوهاري ظل دائما منافسا كبيرا لجميع المرشحين للرئاسة، ويؤكد ذلك نتائج الانتخابات، ففي عام 2003 كان هو المنافس الرئيسي ضد الرئيس أوباسانجو، وفي عام 2007 كان هو المنافس الرئيسي ضد يارادوا، كما لديه دعم قوي وخاصة في الجزء الشمالي من البلاد لا سيما في الشمال الشرقي والشمال الغربي حيث الجزء الأكبر من السكان الذين يصوتون له وسوف تعقد لأول مرة الانتخابات مع معارضة قوية، أعتقد بصرف النظر عن عام 1999، لم يكن هناك مسابقة رئاسية فعلية ، ولكن الآن بعد اندماج معظم أحزاب المعارضة التي اندمجت قبل عامين ربما تحدث تغييرا في ديناميكية الانتخابات والسياسة الانتخابية في البلاد، وبالطبع نحن نعلم أنه من الصعب في معظم البلدان الأفريقية هزيمة الرئيس الحالي". وتابع الحسيني أن النيجيريين يخشون عجز المعارضة عن طرح بديل قوي للقيادات السياسة الحالية، ولذا فهذه الانتخابات سوف تعمل على ثلاث قضايا رئيسية، الأولى هي الأمن في البلد؛ والثانية الفساد، في محاولة لرؤية ما قامت به القيادة الحالية في مكافحة الفساد وما الذي يمكن أن تقدمه المعارضة في مكافحة الفساد، أما القضية الثالثة ستكون البنية التحتية، ومرة أخرى سيكون التركيز على أداء الرئيس، وخاصة فيما يتعلق بالكهرباء وأتمنى أن لا يلجأ الفريقين سواء الحكومة أو المعارضة لإستخدام الدين في لعبة السياسة. وأضاف "الحسيني" معقباً على الوضع الأمني في شمال نيجيريا خلال الفترة الراهنة، أنه من الصعب جدا ضبط الوضع الأمني في شهرين، نحن لم نستطع إدارة ذلك الوضع خلال خمس سنوات فكيف سيكون ذلك في شهرين ولكني سأكون مندهشاً للغاية إذا حدث انعكاس كبير للوضع الأمني قبل الانتخابات، ففي العام الماضي، الوضع تدهور في الواقع، ورأينا بوكو حرام تكسب المزيد من الأرض، أعتقد أننا قد لا نكون قادرين على عكس هذا الوضع من الآن وحتى الانتخابات".