أعلنت الحكومة منتصف نوفمبر الجاري، تثبيت نحو 50% من العمالة المؤقتة بالجهاز الحكومي وترقية نصف مليون موظف آخر، بنهاية العام الجاري؛ دون الإفصاح عن كيفية تدبير مصروفات زيادات أجور تلك العمالة على الموازنة العامة للبلاد، وتطبيقات الحدين الأقصي والأدنى للأجور وفروق الدرجات الوظيفية والعلاوات وغيرها، ليتوازى ذلك مع توجهات الدولة لإقرار قانون الوظيفة العامة الجديد، المتضمن إجراءات التعيين بالجهاز الإداري للدولة. وأعلنت جيهان عبد الرحمن، رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، في تصريحات سابقة، عن 347 ألف موظف، منذ ثورة 25 يناير، والانتهاء من التثبيت نهاية العام المقبل، بنحو 700 جهة حكومية، على بالرغم من عدم وجود أي بيانات دقيقة بشأن حجم العمالة المؤقتة بالجهاز الحكومي. وأدرجت موازنة العام المالي 2014/2015، نحو 207.243 مليار جنيه لمخصصات الأجور وتعويضات العاملين، والتي تشكل 26.3 من النفقات العامة بنسبة تجاوزت ربع الموازنة، منها 10.6 مليار جنيه للعلاوات الدورية و2.3 مليار جنيه لتثبيت العمالة المؤقتة على الصناديق الخاصة و30.2 مليار جنيه للوظائف الدائمة، بزيادة بلغت 4 مليارات جنيه عن موازنة العام الماضي. وأعلنت الحكومات المتعاقبة بعد ثورة 25 يناير، عن تعيين العمالة بالدولة، إلَّا أنها عجزت، وارتفعت معدلات البطالة إلى 13.6% حتى يوليو الماضي، ومعدلات التضخم السنوي إلى 11.8% خلال أكتوبر الماضي، لتصبح ما تصريحات الحكومة شو إعلامي. وعلق أمجد منير، رئيس قطاع مكتب وزير المالية: المادة التاسعة من قانون الموازنة العامة، تضمنت عدم جواز تخصيص مبالغ معينة لمصروفات معينة بأكثر من الاعتمادات المدرجة، ورغم ذلك لم يحدث خفض في أي من النففقات الأساسية سواء الأجور والخدمات الموجهة للفئات الفقيرة"، مضيفًا أنه لا سحب أي مخصصات لجهات معينة وتوجيهها للأجور، وينبغي تحمل الظروف الراهنة بصفة مؤقتة. وكشف منير عن المناقشات المستمرة مع الوزارات والجهات الخاضعة للموازنة العامة، بشأن إعداد مشروع قانون الموازنة عن العام المالي 2015/2016 المقبل، قائلًا: "المالية" تعمل حاليًا بالتنسيق مع 35 وزارة على الانتقال لموازنة البرامج، وتنفيذ الاستحقاقات الدستورية بواقع 10% من نفقات الناتج المحلي على قطاعات "التعليم، الصحة، البحث العلمي"، لتكون متوافقة مع الدستور، مضيفًا أن يتم النظر إلى إجمالي الناتج المحلي بالموازنة الجديدة، بما لا يقل عن نسبة الاستحقاقات الدستورية، حتى لا يتم رفضها من البرلمان المقبل لعدم دستوريتها. لكن مصادر بالوزارة، أكدت أن المرحلة السابقة لم يكن بها أي توفير لمصادر التمويل من موارد حقيقية، وسط تحديات حكومية ملحة، تتمثل في زيادة الأجور وخفض فاتورة الدعم وتوجيهها لمستحقيها، وتابعت: نعاني من أزمة في زيادة العمالة بالجهاز الحكومي، معلقة بأن المرحلة الأخيرة منح الموظفون علاوتين بنسبة 30% تضم إلى الراتب الأساسي منذ 5 سنوات، ما ساعد على زيادة معدلات التضخم عبر فترات طويلة الأجل، لكن هناك إصلاحات في الفترة الراهنة؛ لعدم ضم العلاوات على الأجر الأساسي وخضوعها للضريبة". وقالت المصادر: المشكلات الراهنة ستأخذ وقتًا لحلها، مؤكدًا أن الحكومة لن تعين موظفين جددًا بالجهاز الإداري للدولة، لكنها تعتمد على القطاع الخاص، وتوفير المشروعات للقضاء على البطالة بتهيئة المناخ الاستثماري، وذكرت أن الفترة الماضية شهدت ضخ موارد للاقتصاد لم تكن حقيقية وطبقت بشكل غير رشيد، ما ساهم في زيادة معدلات التضخم بجانب وجود التجار الجشعين لتطبيق زيادات في الأسعار، مشيرًا إلى أن الزيادات الموسمية السبب الرئيس للتضخم، خصوصًا في بند الخضروات والفاكهة، خلال أكتوبر الماضي، بجانب مصروفات المدارس. ووصف الدكتور صلاح جودة، المستشار الاقتصادي للمفوضية الأوربية، التصريحات الحكومية بالشو الإعلامي فقط، خصوصًا وأن ذلك السيناريو تكرر في بداية ثورة 25 يناير، ليخرج الدكتور سمير رضوان، وزير المالية في حكومة شفيق، ويعلن عن تعيين العمالة بالجهاز الحكومي منذ عام 1985، لنحو 7 ملايين موظف مؤقت، شريطة شراء استمارة للتعيين بقيمة 100 جنيه، بما يعني أن 700 مليون جنيه دخلت لخزانة الدولة، ولم يعيَّن سوى 7 آلاف موظف، مضيفًا: وتطرقت حكومتا الببلاوي ومحلب لذلك الملف، لتصرح جيهان عبد الرحمن، رئيس الجهاز القومي للتنظيم والإدارة منذ شهرين تقريبًا بتثبيت العمالة المؤقتة بدون أي إجراءات أو خطوات تنفيذية". وقال جودة: كيف تستطيع الحكومة تعيين العمالة المؤقتة، ولديها آلاف العمال والموظفين المثبتين بالمصانع المغلقة، لم تحسم مصيرهم حتى الآن، مشيرًا إلى أنه لم يطبق الحدين الأدنى والأقصى للأجور، بشكل حقيقي على أرض الواقع؛ لعدم وجود قرارات ملزمة أو رقابة من الحكومة. واستنكر جودة تصريحات وزير التخطيط والإصلاح الإداري والمتابعة، الدكتور أشرف العربي، قائلًا: التصريح بحاجة الجهاز الإداري إلى إعادة هيكلة، في ظل وجود 6 ملايين موظف ثابت مقابل 550 ألف آخر مؤقت، يتطلب الاعتماد على القطاع الخاص، ولكن من خلال تهيئة الفرص الجاذبة للاستثمار فلا يمكن أن يكون هناك آلاف المصانع المغلقة وتتذرع الحكومة بالاعتماد على ذلك القطاع"، مضيفًا أن هناك معوقات حقيقية للاستثمار، بداية من إصدار التراخيص وتوفير الأراضي وأزمة الطاقة، موضحًا أن حلها سيكون محفزًا لتوفير فرص العمل، والقضاء على معدلات البطالة، وزيادة معدلات النمو الاقتصادي، وما تم التصريح مجرد "كلام" لتهدئة الرأي العام فحسب.