تعتبر الأسرة حجر زاوية للبناء المجتمعى، فهناك فرد ثم أسرة ثم مجتمع، وفى الإجتماع نجد تكامل بين الأفراد فكل منهما لديه عند الآخر حاجة يلجأ اليه لطلبها وحتى تكون الضمانة لدوام سد الحاجة ينشأ إتفاق غير معلن بإستمرارية الإجتماع والعلاقات بدون وجود هناك حاجات وتوافر سدها عند الآخر لبطل مبدأ الإجتماع ولما كان هناك حاجة له. هذا المجتمع الكبير، فماذا عن المجتمع الصغير المسمى بالأسرة؟ نجد أنه لإنشاء أسرة يتطلب توافر عنصرين أساسيين وهما ذكر وأنثى وكونهما مخلوقين مختلفين يفتح باب الإحتياج والتبادل وهذا من عوامل إستمرار منظومة الأسرة كنا هى للمجتمع، فى المجتمعات الغربية لا نجد للأسرة أهمية كبيرة مثل مجتمعاتنا..فالمجتمعات الغربية تتكون بالأصل من الأفراد ثم يتجهون لإنشاء الأسر عندما لا يجدوا فعل آخر للقيام به ونجدهم يتقبلونه بكثير من العسر ونجد حتى الآباء يهجروا أسرهم أو الأمهات أو أن الرجل أو المرأة يجد فى الآخر شريك جنسى فقط ولا يجد له مهمة أخرى والعديد من مظاهر الإستقلالية الفردية التى لا تبنى مجتمعات متماسكة ونرى السبب يكمن فى طبيعة الرؤى الكونية لتلك المجتمعات فالمجتمعات الغربية هى مادية فى الأصل ليس لها غاية نهائية من الوجود بل هو فقط الإستهلاك فالرجل يستهلك المرأة والعكس وأما المجتمعات الشرقية هى إلهية الأصل فنجد لها غاية نهائية وغايات توصل لتلك الغاية ونجدها تتجلى فى أيدولوجياتها الدينية والنظم الأخلاقية، فعلى سبيل المثال إذا أرادت الرجل الإجتماع بإمرأة طبقاً لمفاهيم الحضارة الغربية يذهب الى النوادى الليلية أو مؤسسات المواعدة وكذلك تفعل المرأة أما فى مفاهيم الحضارات الشرقية نجد الزواج هو الرابط الوحيد الذى يمكن أن يجمعك بأى إمرأة أجنبية فلكى تصبح فرداً فى المجتمع وتساعده على إتمام غايته النهائية فعليك بالزواج وتكوين أسرة لتلتحق بالمنظومة الإجتماعية، فلكى يحدث الإجتماع لابد من ظوابط وقوانين وتعهدات على عكس الحضارة الغربية وبهذا الفارق نستطيع أن نحدد أى المجتمعات تحترم المرأة أكثر. حسناً جداً…الآن نستعرض بعض المقدمات الفلسفية لإستكمال موضوعنا هذا، طبقاً للنظام الأصلح نعرف أن هناك قوة عظمى أفاضت بالوجود على هذا العالم فهو لم يكن ثم كان وهذه القوة كاملة ثابته مطلقة كل أفعالها العدل بعينة وهذه القوة هى علتنا ونحن معلولاتها أى هى سبب ونحن نتاجها ولا فكاك بين العلة والمعلول لإنه بالفكاك لا يكون هناك نظام أصلح وتلك القوة لها الحاكمية والرازقية والأعلمية والغنى ولذلك نحن الفقراء نستكمل منها كل شئ على المستويين المادى والمعنوى هو مفهوم السعادة الذى ينحصر بين تحصيل المعارف والفيض بالأخلاق وإستكمال الحاجات الروحية وبين الإمتثال للتنبيهات الإلهية بخصوص ما يتعلق بالإستكمال المادى والجسدى وننتهى فى النهاية الى الغاية النهائية ألا وهو المجتمع الفاضل والإنسان الفاضل. الرجل والمرأة فى حقيقتهما ليسا متساويين، وعلى المطلق لا يوجد مخلوق مساوى فى الخلق لآخر، إذا لابد من التمايز والإختلاف للإحتياج كما أشرنا وهى من مظاهر هيمنة الإله على الموجودات، فنجد من الفوارق بين الرجل والمرأة أن عقل المرأة قادر على الخوض فى الجزئيات عن عقل الرجل ونجد الرجل قوته الجسدية أعظم ونجد إختلاف فى الأجهزه التناسلية تبين أن كلا الجهازين يحتاج الآخر ليستمر الخلق وأن المرأة مجهزه بما يجعلها مانحة الحياة والسكينة النفسية والرجل يتمتع بما يجعله يفيض بالقوة والحماية والرعاية والعديد من الإختلافات الجوهرية التى لا تكون نقصاً فى أحد أو إمتياز فى آخر بل طبقاً لمحكمية الخلق كل لما خلق له . كما أشرنا أن الإنسان يتشبه بالإله حتى يسعد، فكيف نجد منظومة الزواج فى النظام الأصلح؟ المنظومة الإلهية تعتمد على الترابط المعنوى والمفاهيم العقلية لإنها ثابته ومطلقة ولا تتخذ المبدأ المادى أولوية ففى البدأ يكون الإختيار فيختار المرأة والرجل شريك الحياة والأسرة والمجتمع فيختار طبقاً للمواصفات المعنوية المجردة وليست المادية بل المواصفات المادية يضع لها الإله ظوابط ومعايير إنما المعنوية هى مطلقة فمثلاً نجد فى التراث الدينى أظفر بذات الدين، وبعد الإختيار والتوافق لا يكون الإستعداد المادى عائقاً أمام إتمام الزواج بل التكليف الإلهى وصى بأقل التكاليف ووعد بمباركتها عن التكلف ثم أسند للرجل مهمة الرازقية والحاكمية وأعطى للمرأة الخالقية والربوبية وتعنى العمل فى المقام الأول مجبر عليه الرجل ولم يمانع عمل المرأة ولكن لابد من إعتبار المعايير والمرأة تخلق الأطفال تؤهلهم للإلتحاق بالمجتمع وتربيهم تربية إلهية فالمرأة وكل إليها مهمة صنع الإنسان مادياً ومعنوياً وهو الأهم وفى النظم الإلهية تعد مسألة تزكية الإنسان هى أصل كل شئ ودونها لا يصير لأى شئ أى معنى. فى التراث الدينى نجد عبى ذكر ترابط الذكر والأنثى النص على المودة وهى تمام الحب والسلوك الدال عليه وهو منشأ إلهى ونجد أيضاً الرحمة التى التغاضى عن الأخطاء والتى هو منشأ إلهى أيضاً. الإنسان يفيض بكل ما هو عدل، ذكر كان أو أنثى، وما من حركة إلا ونحن محتاجين فيها الى معرفة وهذه هو النظام الإلهى