تتوالى الجرائم الإرهابية التي يرتكبها تنظيم "داعش" باسم الدين والجهاد في سبيل الله، انتهاكات بحق الفئات الأكثر ضعفاً والأصغر سناً والأقل اهتماماً من قبل المجتمع الدولي الذي من المفترض أن يكون حماية لهم، أطفال كل ما اقترفوه من ذنب هو التواجد في مناطق تسيطر عليها "داعش"، فتبدلت حياتهم من البراءة إلى القتال، ومن اللعب بالدمى إلى اللعب بالرؤوس المقطوعة، ومن حمل الحقائب المدرسية إلى حمل السلاح، ومن التعليم إلى الجهاد، فأصبحوا بكل بساطة ينتمون ل"داعش". أطفال لم تتجاوز أعمارهم 10 أعوام، جندتهم الحرب في سوريا والعراق بفعل التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها "داعش"، فتعلموا حمل السلاح والقتال به ودخلوا مدارس أطلق عليها التنظيم الإرهابي "الجهاد" تم فتحها لتعليمهم قطع الرؤوس وعمليات التعذيب وحمل السلاح ودروسًا متطرفة يوميًا، فلم يعد الأمر يقتصر على الزج بهم في المعارك فحسب، بل يقومون بتدريبهم على العمليات الانتحارية والجاسوسية ضد الفصائل التي تحارب التنظيم. فتيان يحملون السلاح ويقفون عند نقاط التفتيش مرتدين أزياء سوداء رسم عليها شعار "داعش"، وآخرون في معسكرات تدريبية ودورات دينية قبل التوجّه للقتال، وغيرهم يعملون كطباخين وحرس في مقرات المتطرفين أو كجواسيس يبلّغون عن المواطنين في مناطقهم، هذا هو حال الأطفال في المناطق التي تسيطر عليها "داعش"، حيث يجندهم التنظيم للزج بهم في العمليات القتالية أو لإستخدامهم كدروع بشرية في المعارك، بعضهم بملء إرادتهم، والبعض الآخر يخطف من دون علم أهله، وعدد آخر يزج به أهله إلى هذا الجحيم مقابل حفنة من المال. اختيار تنظيم "داعش" الإرهابي فئة الأطفال لتدريبهم وإلحاقهم بالمدارس "الجهادية" وترسيخ فكرة "الجهاد ضد الكفار" في أذهانهم، لم يأت من فراغ أو بعبث لكنه مخطط بعناية، ف"داعش" تعطي أولوية للأطفال لأنها ترى فيهم وسيلة لضمان الولاء على المدى البعيد، والتمسك بفكر التنظيم، كما ترى فيهم كادرا من المقاتلين المخلصين ينظرون للعنف كوسيلة للحياة مستقبلا. مقاطع الفيديو المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت لمئات الأطفال الملثمين، وآخرون يهتفون لداعش، وغيرهم يعلنون مبايعتهم ل"أبو بكر البغدادي"، وينشدون أغاني ل"داعش"، ما هو إلا عينه بسيطة مما يحدث على أرض الواقع، فقد انتشر في الأونة الأخيرة مقطع يبين أطفالا ملثمين وعلى رؤوسهم شارات القاعدة السوداء ويرتدون قمصانا بيضاء كتب عليها "أشبال الخلافة الإسلامية"، وكان هؤلاء يركبون حافلة مرددين أغنية معادية للسلطات السورية، وفي مقطع آخر من الفيديو، ظهر طفل يتصدر مجموعة أطفال يرفعون أسلحة رشاشة، وهو يتلو على خلفية أعلام "داعش" رسالة وجهها "من أشبال الخلافة على أرض الشام إلى مشايخ الجهاد والأمير أبو بكر البغدادي"، تعهد فيها بالمضي على درب الجهاد وحمل السلاح، ومن ثم أظهر الشريط الأطفال مصطفين يتسلمون الرشاشات وقاذفات ال"آر بي جي" ومن ثم يتدربون على الرمي منها ومن المسدسات وعلى الاشتباك بالأيدي وكل ذلك برعاية رجل ملثم بالغ. عندما سيطر التنظيم على مدينة عين العرب "كوباني" السورية، تعرض الأطفال هناك للتعذيب وإساءة المعاملة أثناء احتجازهم، وقال شهود عيان منهم بعد فرارهم إلى تركيا طلباً للأمان، إنّهم تعرضوا للضرب المتكرر بخراطيم المياه والكابلات الكهربائية، كما تمّ إجبارهم على مشاهدة أشرطة الفيديو لقطع الرؤوس وهجمات داعش، في مدينة "الرقة" فبعد إغلاق المدارس والجامعات واتباع سياسة التجويع داخل المدينة، وبعد استخدام التنظيم طريقة الترغيب والترهيب، ضم الكثير من أطفال المدينة إلى معسكرات قتالية فخضع أغلب الأطفال والفتيان لمعسكرات تدريبية ودورات دينية وتدريبات في القتال، ومنهم تدرب على الجاسوسية والعمل كحارس أو أي شيء لخدمة داعش، وغالباً ما يخضعون في البداية إلى دورة تدريبية مدتها 45 يوما يتم خلالها غسل دماغه تماماً، وزرع التطرف وأفكار التنظيم فيه، ثم يؤخذ الطفل إلى معسكر حربي مدته 3 أشهر، يتم تدريبه خلالها على كافة أنواع الأسلحة والقنابل، ويقسم الأطفال إلى أقسام يختارها المدربون، منها قسم الانتحاريين، وقسم تصنيع القنابل، وقسم المقاتلين وهكذا، ثم بعد ذلك يؤخذ الطفل إلى الجبهات للقتال، ليجد نفسه في وسط ساحة المعركة.