تخريب محرقة طبية تابعة لمديرية الصحة ب "سنورس".. وتعطيل أخرى ب "العدوة".. والمديرية تتفرج يبدو أن صحة المواطن الفيومي ليست ضمن أولويات وزارة الصحة، فتركته ضحية للأمراض الوبائية وعرضة للإصابة بالفيروسات الكبدية، بعد أن تراجعت الوزارة عن وعودها بإنشاء عدد من المحارق الطبية لنفايات المستشفيات الخطرة، والأدهى أن مديرية الصحة سمحت للبعض بالحصول على تلك النفايات وحرقها بمعرفتهم دون رقابة تذكر، واستبعدت شركات متخصصة في عمليات التخلص من تلك النفايات. القضية قديمة وليست وليدة اللحظة، وكشفها خلاف بين جمعية المحافظة على البيئة ومديرية الصحة بالفيوم، فالنفايات الطبية الخطرة الخاصة بالمستشفيات المركزية والمراكز الطبية والعيادات الخاصة ووحدات غسيل الكلى بالمحافظة تحرق في الهواء الطلق بعيداً عن المحارق المخصصة لهذا الغرض دون الالتزام بالاشتراطات البيئية، وبقرار قديم من وكيل وزارة الصحة الأسبق بالفيوم ضربت بقانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 والمعدل بالقانون رقم 9 وقرار وزير الصحة الخاص بحرق النفايات الطبية عرض الحائط. وحذر المتخصصون في مجال البيئة وحرق النفايات الطبية الخطرة من خطورة المشكلة، حيث إن تلوث الهواء يسبب أمراض السرطان لأهالي المنطقة، إضافة إلى تلوث المياه الجوفية في مكان الحرق؛ بسبب انبعاث غاز الدبوكسين وغازات أخرى تسبب السرطان وتنبعث من حرق تلك النفايات الخطرة. فقد حذر عبد العال السكري الخبير في مجال حماية البيئة من خطورة قيام مديرية الصحة بالفيوم بحرق المخلفات الطبية في الهواء المكشوف؛ مما يسبب كارثة بيئية خطيرة لانبعاث غازات ضارة جدًّا بالصحة العامة، وهدد بإخطار النيابة العامة لوقف هذه المهزلة. وأضاف أن إحدى جمعيات المحافظة العاملة في مجال البيئة حصلت على قرض من صندوق حماية البيئة بالقاهرة لتنفيذ وإنشاء محرقة للنفايات الطبية بمواصفات بيئية قانونية ولتجهيز سيارات خاصة بنقل تلك النفايات بطرق آمنة، وكذا موافقة صريحة من الجهات المختصة لتشغيل مشروع للتخلص الصحي الآمن من المخلفات الطبية بمنطقة الجبل بالعدوة على مساحة 1000 متر، وتم تجهيز المكان بالمعدات والالآت الخاصة بالحرق الآمن وتركيب آلة الترميد سعة 100 كيلو ساعة لحرق النفايات الخطرة، وتم معايرة تلك المعدات طبقاً لاشتراطات جهاز البيئة بالوزارة، وحصلت الجمعية على ترخيص من وزارتي البيئة والصحة يفيد بإمكانية الحرق، كما حصل العمال على دورات تدريبية متخصصة في هذا المجال، مشيرًا إلى أن الجمعية أخطرت مديرية الصحة بتاريخ 22 ديسمبر 2010 باستعدادها للقيام بحرق أي كمية من مخلفات المستشفيات الطبية الخطرة. في الوقت نفسه قررت مديرية الصحة بالفيوم ومن جانب واحد حرق النفايات الطبية بالمدفن الصحي بمنطقة كوم أوشيم بمركز طامية، وأرسلت مذكرة في 24 فبراير 2011 لمدير المدفن الصحي ممهورة بتوقيع عدد من الأطباء بالمديرية تخطره بقدوم فريق من مديرية الشئون الصحية مع السيارات الخاصة بالنفايات الطبية الخطرة ؛ وذلك للتخلص منها بالحرق بالمدفن الصحي مع اتخاذ اللازم وتسهيل مهمة الفريق الصحي. تخريب محارق النفايات الحكومية وأكدت مذكرة أعدها الدكتور أنور السويفى مدير إدارة الطب الوقائي بمديرية الصحة بالفيوم والدكتور مجدي السيد عبد الرحمن مدير إدارة صحة البيئة للعرض على وكيل وزارة الصحة بتاريخ 16 فبراير 2011 قيام بعض الأهالي بقريتي "الكعابى القديمة بسنورس – والعزب بمركز الفيوم" بحرق وتدمير المحرقة الطبية الأولى الموجودة بالوحدة الصحية لقرية "جرفس"، بينما منع أهالي القرية الثانية بالقوة المحرقة الثانية عن العمل؛ مما أدى إلى تكدس كميات كبيرة من النفايات الطبية الخطرة بالمستشفيات والمنشآت الصحية، الأمر الذي يدعو للخطورة والتلوث البيئي . وأوصت المذكرة بسرعة التخلص من تلك النفايات الطبية الضارة بالمدفن الصحي بكوم أوشيم عن طريق الحرق تحت إشراف إدارة صحة البيئة بالمديرية، وذلك لحين تشغيل المحارق؛ حفاظاً على الصحة العامة، واعتمد وكيل وزارة الصحة المذكرة، ودون عليها "لا مانع نظراً للظروف الطارئة". السير عكس الاتجاه وكشف إيهاب محمود إبراهيم عضو اللجنة الاستشارية العليا للبيئة ومدير جمعية المحافظة على البيئة أن مديرية الصحة بالفيوم تجاهلت محرقة رسمية معايرة من وزارتي الصحة والبيئة طبقاً للاشتراطات العالمية الخاصة بحرق النفايات الطبية الخطرة، وقررت منفردة لأسباب غامضة حرق النفايات الطبية بالصحراء وتلويث الهواء الطلق، وذلك عن طريق سكب مواد بترولية على النفايات ثم إشعال النار فيها، بالمخالفة لكل القواعد المنظمة لهذه العملية فى تحدٍّ سافر وفاضح للقيم الإنسانية. وقال إبراهيم إن الجمعية جهزت سيارة مقفلة ومبطنة بالصاج ومعزولة بطرق معينة لضمان النقل الآمن للنفايات من المستشفيات إلى المحرقة الآلية مباشرة، وإن محافظ الفيوم كان قد أصدر قراراً رقم 6 بشأن تشكيل لجنة تيسير لمشروع جمع المخلفات الطبية الخاصة بالجمعية برئاسة السكرتير العام للمحافظة الأسبق وبعضوية وكيل وزارة الصحة بالفيوم وبحضور الدكتور مجدي السيد مدير إدارة صحة البيئة بمديرية الصحة والمهندس عويس مخيمر مدير عام فرع جهاز البيئة بالفيوم؛ وذلك للاستعانة بمحرقة المخلفات الطبية الخاصة بالجمعية للتخلص من نفايات المستشفيات، ولكن تجاهلت مديرية الصحة الجميع، وفضلت حرق النفايات الطبية الخطرة بالصحراء التي لا تبعد سوى أمتار عن المناطق السكنية. وأوضح أن مديرية الصحة بالمحافظة أجبرت المستشفيات والعيادات الخاصة على تسليم نفاياتها الطبية للمديرية، وهى تعلم في الوقت نفسه أنها ليس لديها أي محرقة تعمل حاليًّا. وأشار عبد الهادي المحمدي إلى أن الخطورة تكمن في عدم وصول تلك النفايات كاملة إلى مدفن كوم أوشيم الصحى، بل يقوم بعض الأفراد بتهريب بعض الكميات من تلك النفايات لمتعهدي تجميع القمامة لبيعها بالكيلو كمواد بلاستيكية يعاد صهرها بأفران خاصة بالقاهرة، ثم يعاد تصنيعها كلعب للأطفال أو أكواب بلاستيكية وأطباق ومعالق وأدوات نظافة كمقشات وأواني. وأوضح أن النفايات الطبية لها سوق رائجة بالفيوم وتباع "عيني عينك" ببعض القرى التابعة لبندر الفيوم، حيث توجد مقالب كبيرة بها كميات هائلة من السرنجات وعبوات نقل الدم وأخرى تستخدم في جراحات المسالك البولية. وطالب عادل السيد صميدة بالتأكد من حرق النفايات وإخضاعها لرقابة صارمة؛ خشية انتشار الأمراض بين الأهالي بسبب الجهل والفقر.