فى لحظة ما أفاض الله بالوجود وعلى أفضل وأكمل وأجمل ما يمكن أن يكون وبشكل لا يمكن أن يتصور أفضل منه ثم جعل الإنسان رئيساً على كل هذا وككل رئيس له مرئوس أعلن الله أنه رئيس الكل بلا منازع وأن الحاكمية المطلقه له ولمن يمثله على الأرض وميز الإنسان بما يلزم تلك الرئاسه فوهبه عقلاً يدرك به ويفعل ما يناسب هذا الإدراك وجعل هذا فى ماهيته ثم جعله رجلاً وإمرأة وجعل لكل منهما حقيقة تختلف عن الآخر ومسالك تكاملية تختلف عن الآخر ومهام ومدركات تختلف عن الآخر فكل الموجودات كمالها أن تتباين وتحتاج الآخر لينسجم الخلق ويحصل العدل. الإنسان هذا الموجود بكل ما أودع فيه من قوة وقابل وضع على رأس الموجودات لغاية ما ليس للإنسان أن يعلم ماهيتها وحده، فهو يدرك أن له إمكانيات تتيح له التسلط ولكن ماذا بعد؟ هنا يأتى دور الوحى الإلهى الذى إصطفى أكمل الخلق عقلاً ويتواصل معه ليكلف الإنسانية بتكاليفها الإلهية فيعلم كل إنسان كيف يسلك فى هذه الدنيا وكيف يحقق كماله المعنوى والمادى ويكون كإلهه ويتحلى بصفاته ويفيض مثله بكل خير وعدل وحكمة ويكون فاضلاً ويبنى المجتمع الفاضل..مملكة الضمير والمجتمع الإلهى. دين الله الحقيقي هو التعاليم التى تنطبق مع الرؤية الكونية عن الإله الكامل صاحب الإرادة والعلم والحياة والقدرة مسلوب عنه العوارض والممكن، ونجد التعاليم تنطلق من هذه الرؤيه المبرهن عليها بما هو بديهى فلا نجده يغفل عن شق الإنسان المادى ويوصى بالمعنوى فقط ولا نجده يأمر بمنكر وينهى عن معروف ونجد كل تعاليمه تصب فى مسار الفضيلة والعفة والإعتدال والوسطية فهو يأمر بالعدل ورفع موانع الظلم ولا يميز عرق على آخر ولا جنس على آخر ويعتبر الجنس الإنسانى كله عرق واحد ويدعو للوحده وينبذ الفرقه والفتنه ويوصى بالتمسك بالفضائل وما يسمو بالنفس ويحذر من ما يفسدها ويفسد الجسد وما يفسد المجتمع، فالله يهتم بالإنسان وكل ما هو متعلق به حتى يحقق ما خلق له كما يجب أن يكون والمجتمع هو ما يحقق الإنسان نفسه من خلاله حيث أنه لم يفطر على التوحد وكما هناك ما يصون الإنسان هناك محددات لصيانة المجتمع لم يغفل الله عنها وأيضاً-الكثير سيصدم من هذا-العلاقات التى تخص السياسة الله يفهمها ويعلمها ووضع كلياتها فى ما أوحى به. هذا الذي تجده فى رسالة الله الحقيقية ولن تجده فى إدعائات البشر وإختراعاتهم. كل هذا وضع من أجل الإنسان، ليس أى إنسان بل الإنسان الإلهى رئيس الأرض وربها ومدبرها ومعمرها ووليها وحاكمها بما فصل الإله له فى الرسائل والكتب. أليس لهذا الإنسان أن يعتقد أن ليس كمثله شئ؟ أليس هو المصطفى من بين الأشياء لتسند إليه الخلافه الأرضيه من وحى الملكوت السماوى؟ الم يأن الوقت الذي يعرف هذا الإنسان قيمته وينتفض؟ هذا الإنسان لم يخلق ليكون طاغوتاً ولا عبد للطاغوت ولم يخلق ليكون مفعول به ومستغل وألعوبة بيد النفعيين عٌباد الصدفه والميوعة والسيولة. هذا الإنسان خلق ليكون عادلاً حراً شريفاً فاعلاً محرر الأمم منفذ للنواميس قائماً بالقسط، لا يضع إهتمام بالأمور الجزئية بل ينطلق من الكليات، لا يقول يسقط فلان بل ينادى بسقوط الطاغوت فى كل مكان وزمان وثورته مستمره ولا يهدأ حتى يقابل رئيسه ويرفع تقريره وينال رضا مولاه. إن إبراهيم عليه السلام لما بلغ السعى والغايات مع الله جعله للناس إماماً وقال له أنت إبراهيم أى أبو الكل أو أبو الأمم، لذا الإنسان الكامل كإبراهيم النبى هو من يكون أبو الكل، إمام للناس جامع لهم ناصحاً محققاً للإرادة الإلهية على الأرض.