منذ إعلان الإدارة الأمريكية بقيادة "باراك أوباما" عن السعي لتشكيل تحالف دولي لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي في العراق، أثيرت العديد من التخوفات حول تورط واشنطن مجددًا في العراق على غرار ما حدث عام 2003 الماضي. تقول صحيفة "هفنجتون بوست" الأمريكية: إنه مع استمرار الضربات التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد "داعش"، يتخوف البعض من أن تحمل هذه الضربات أصداء للحرب الأمريكية في العراق عام 2003، فبالإضافة لضرب الصواريخ الأمريكية على المدن العراقية، يشير المتخوفون من الحرب ضد داعش لأوجه تشابه أخرى بين ما يحدث الآن وما حدث في الحرب العراقية الماضية أبرزها الشرعية المشكوك فيها، وعدم موافقة مجلس الأمن الدولي، وخوف الأمريكيين الزائد من تزايد تهديدات الأمن الوطني. وتضيف الصحيفة الأمريكية أنه على الرغم من هذه التشابهات، هناك عدد من الاختلافات الأساسية بين الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، وعملية 2014 ضد التنظيم الإرهابي "داعش"، وهذه بعض الأسباب تثبت أن العملية الحالية تعتبر شيئًا أكبر بكثير من مجرد تكرار للتاريخ أو ما حدث عام 2003. وتبين الصحيفة أن الاختلاف الأول يتمثل في أن الآن دولة تستهدف ما ليست دولة، بعكس غزو 2003 كان يستهدف دولة معترف بها دوليًّا وهي العراق، وهذا على نقيض ما يحدث الآن، فالعملية الآن تستهدف تنظيم لا ينتمي للدولة بصلة على الرغم ما يطلقون على أنفسهم، ففي 2003 هاجمت الولاياتالمتحدة دول ذات حدود واضحة، فضلًا عن جيش يدافع عن الحكومة المركزية، لكن "داعش" ليست إلا مجموعة مقاتلين أجانب استولوا على مساحات واسعة من الأراضي تمتد عبر الحدود الدولية. أما الاختلاف الثاني فهو قوات برية ضد ضربات جوية، في 2003 كان هناك أكثر من 157 ألف أمريكي داخل الحدود العراقية، وهذا العدد لا يقارن ب1600 الحاليين المتمركزين في العراق، لكن حاليًا الولاياتالمتحدة تستخدم فقط الضربات الجوية ضد التنظيم، ولن ترسل بقوات قتالية برية إلى العراق أو حتى سوريا. الاختلاف الثالث يتمثل في الرأي العام، طبقًا لأحد استطلاعات الرأي فهناك حوالي 73% من الأمريكيين يؤيدون ضرب "داعش" بينما كانت البلاد مقسمة بين المؤيدين للغزو ومعارضيه عام 2003 حيث أيده نسبة ما بين 52 و59% والمعارضين قاموا بمظاهرات ضخمة مناهضة للحرب في المدن الأمريكية الكبرى. الاختلاف الرابع يكمن في الأهداف التي أعلنت عنها الإدارة الأمريكية والأسباب الحقيقية خلال تنفيذ غزو 2003 والعملية الحالية، فخلال 2003 كانت حربها لإسقاط نظام "صدام حسين"، خاصة وكانت أحد الأسئلة التي دارت بعد قرار الضربات الجوية هو كيف ستؤثر هذه الضربات على توازن القوى داخل البلاد الذي مزقته الحرب، وتظهر أن بعض المراقبين للشرق الأوسط بجانب المتمردين في سوريا يشعرون بالقلق من أن هذا سيكون له تأثير غير مقصود من تعزيز قبضة الرئيس السوري بشار الأسد بينما تستهدف الضربات أعداءه، لكن كان الوضع معاكس أثناء الغزو حيث كان هدف الأمريكان وقوات التحالف الإطاحة بحكم "صدام حسين" من العراق. وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أن السبب الخامس يتمثل في الحلفاء العرب فخلال 2003 شكلت الولاياتالمتحدة تحالف الراغبين الذي بالطبع لم يضم أي دول عربية سوى قطر، وهذا يقوض من شرعية العملية، مما جعل رأي الدول العربية متدني بدرجة كبيرة نحو أمريكا، لكن الضربات الحالية تختلف حيث تحظى بدعم خمس دول عربية وبعضها يشارك في تنفيذ ضربات جوية. وتختتم الصحيفة بأن الاختلاف السادس يكمن في القتال متعدد الجنسيات، حيث في 2003 كان معظم القوات في العراق ذا جنسية أمريكية، لكن حاليا هناك جهد كبير لتقاسم الأعباء والتكاليف بين الدول، وهذا له تحدياته الخاصة ويخفف من الأعباء على الإدارة الأمريكية.