مع نهاية الأسبوع قبل الماضي وبعد سبع ساعات من النقاش الحاد، وافق مجلس العموم البريطاني على تدخل لندن عسكريا ضد تنظيم داعش في العراق، بتأييد 524 صوتا مقابل اعتراض 43 نائبا، وبذلك أصبحت المقاتلات البريطانية من طراز "تورنادو" جاهزة للمشاركة في توجيه ضربات جوية ضد التنظيم في أي وقت من قاعدة "أكروتيري" بقبرص. ورغم هذه الأغلبية الساحقة في تأييد اقتراح الحكومة، إلا أن النواب تبادلوا النقاش حول مدى ضرورة تدخل بريطانيا للمرة الثالثة في الخليج بعد تدخلها عامي 1992 و2003، كما هيمن شبح الحرب التي تزعمها الرئيس الأمريكي السابق "جورج بوش" ورئيس الوزراء البريطاني السابق "توني بلير" ضد الرئيس العراقي الراحل "صدام حسين" على النقاشات. من جانبه، صرح رئيس الوزراء البريطاني "ديفيد كاميرون" قائلا "يجب علينا ألا نأخذ أخطاء الماضي ذريعة للتقاعس عن العمل" لافتًا إلى أن هذه المهمة لن تستغرق عدة أشهر بل سنوات". صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية أشارت إلى أن كاميرون لا يدّعى أن الضربات الجوية ستكون كافية وحدها لهزيمة داعش، ولكن إذا كان عدد من النواب يخشى تدخل حتمي على الأرض، فإن هذا الخيار غير مدرج على جدول الأعمال، وفيما يتعلق بعدم توجيه ضربات لسوريا، أدان وزير الدفاع السابق "ليام فوكس" ذلك واصفًا إياه بال "خطأ"، وقد تعهد كاميرون بالعودة إلى مجلس العموم إذا لزم الأمر. وترى الصحيفة أن موقف المعارضة العمالية إزاء تدخل بريطانيا في الحرب يستوجب حذر داوننج ستريت، فحزب العمال لا يزال يتذكر أكاذيب توني بلير لتبرير الهجوم على العراق، وفي العام الماضي، كان زعيمه "إد ميليباند"، بالتعاون مع عشرات المتمردين المحافظين، هو من قام بإفشال مشروع تدخل الغرب ضد نظام بشار الأسد. وإذا كان "ميليباند" يؤيد الآن فكرة المشاركة في عملية ضد داعش في سوريا، فإنه يطالب بقرار مسبق من الأممالمتحدة وهو ما يعد شرطًا غير واقعيًا بسبب معارضة موسكو وبكين. وأعربت عدد من النواب من جميع الأحزاب عن معارضتهم للعملية العسكرية، حيث يرى النائب عن حزب المحافظين "جون بارون" أنه يخشى "ألا تصبح هذه الضربات فعالة فحسب ولكن قد يكون لها نتائج عكسية" فقد يصير المواطنون المدنيون ضد الغرب. وقد ظهرت انتقادات تندد بعدم وجود استراتيجية حقيقية للقوى الغربية، وهو منطق قد "يقودنا من حرب إلى أخرى" وذلك بحسب ما قاله النائب بحزب العمال "جيريمي كوربين"، فضلا عن استقالة وزيرة التربية والتعليم في حكومة الظل البريطانية لرفضها مشاركة بريطانيا في الحرب على داعش بالعراق.