أقام فنانون فلسطينيون من غزة معرضاً فنِّياً على أعقاب برج الباشا الذي دمرته طائرات الاحتلال الاسرائيلي خلال عدوانها الأخير على قطاع غزة تحت عنوان "نبض الركام" والذي نفذته مجموعة جسور التي تعمل ضمن فرق جمعية ميلاد لتنمية القدرات الشابة، وقد امتلأ المكان بلوحات ورسومات شارك بها عددٌ من الفنانين والموهوبين الفلسطينيين الذين يحاولون تجسيد الواقع الذي يعايشونه بريشتهم، وبألوانهم التي يرون من خلالها الحياة. الفنان ماجد مقداد من مدينة غزة شارك بعدد من اللوحات التي عبر من خلالها عن إصرار الغزيين على الحياة رغم كل الظروف والأزمات التي تمر بها المدينة، وقد استخدم الفن المليء بعبارات التسامح والسلام، في إشارة منه على أنَّ الفلسطينيين يبحثون عن حياة خالية من الحروب ومن الاعتداءات التي لا تتواني دولة الاحتلال يوماً عن الاستمرار في تنفيذها بحق الفلسطينيين الآمنين في بيوتهم. هذه اللوحة كانت واحدةً من اللوحات التي رسمها ماجد، والتي قال أنها تحمل حالةً يعيشها كافة المواطنين في القطاع، وقد أشار مقداد في حديثه للبديل إلى الأثر الكبير الذي خلفته هذه الحرب عليه وعلى كافة الزملاء، قائلاً: "الحالة التي عايشها الفنان في غزة أثناء الحرب كانت استثنائية، فقد اختلطت المشاعر ما بين ألم ما عايشناه وعبء انحسار التعبير على مشاهد الخوف والموت والجراح وفقدان الأحبة؛ فتقلصت الحالة الإبداعية رغم زخامة الموقف، وبعد انتهاء الحرب بقيت آثاره عالقة في الذاكرة، وما تعرضت له غزة من دمار نشاهده كل يوم في الشوارع والحارات والأزقة هو شيء كبير، فهناك ذكريات تحملها هذه البيوت، وعلى تلك الأنقاض كان لابد لنا من كلمة تحكيها ألوان ولوحات" . وحول ما لحق بالفنانين الفلسطينيين زملائه، يضيف مقداد: "ولأنَّ العديد من الفنانين تأثر بشكل مباشر بما حل بغزة من دمار، فمنهم من استشهد ومنهم من جُرح ومنهم من قُصف بيته وتدمر مرسمه ومزقت القذائفُ لوحاته. كنا نود في تلك الحالة أن نقول أنَّ أسطورة العنقاء التي تخرج من الرماد تتجسد واقعاً في حالة أهل غزة الذين نفضوا غبار الركام وعادوا للحياة من جديد". يضيف مقداد إلى أنَّ الفكرة في رسم لوحات تعبر عن تلك الحرب والتحدي والصمود الذي ساد في وقتها تراود كلَّ فنان، لكن المبادرة جائت كبادرة من مجموعة جذور الفنية التي رعت الفعالية بالاشتراك مع رواسي للثقافة، وقد شارك في الفعالية مجموعة من فناني غزة ومن بينهم فنانين تعرضت منازلهم للقصف والدمار وقوبلت لوحاتهم بالخراب، وأشار إلى أنه قد كان هناك استجابة من الجمهور وتفاعل مع الشارع بشكل إيجابي مع هذه الفعالية . ويؤكد مقداد على أنَّ رسالة التحدي والاستمرار هي عنوانهم، مشدداً: "ما نسعى لتوصيله للعالم من فعالياتنا وفننا هو رسالة تحدي وصمود، رسالة حب للحياة وأمل في البقاء، الرسالة التي نسعى أنْ يفهمها العالم هي أننا أصحاب حق وأنَّ الشعب الذي صمد على عدوان المحتل يستحق الحياة بكرامة" . الفنانة ناريمان فرج الله كانت إحدى المشاركات في هذه الفعالية والتي قالت إن العالم يجب عليه أن يسمع، وأن ينظر إلى جرائم الاحتلال التي تنفذ بحق الأطفال الفلسطينيين الذين لا يملكون سوى أحلامهم، وأضافت للبديل: "سنقوم بالمزيد من الفعاليات مع طلبة المدارس والأطفال، والشباب أيضاً، من أجل إعلاء الحدث الفلسطيني وإيصال الرسالة إلى العالم بشكل أكبر وبصورة أوسع، كي يعرف الجميع الحقيقة". وقد نوَّهت فرج الله إلى أنَّ برج الباشا تحديداً يحتوي كثيراً من المكاتب الصحفية والمؤسسات الإعلامية، ما يعني أنَّ الاحتلال كان يقصد إخماد الأصوات التي تنقل الحقائق وتتابع الجرائم التي تقوم بها آلة الحرب الاسرائيلية، لذلك تم اختيار أنقاض برج الباشا تحديداً لتنفيذ هذه الفعالية. وفي ذات السياق، قامت جمعية ميلاد لتنمية القدرات الشابة بإحياء أمسية شعرية في المكان نفسه، وقد احتوت الأمسية على مجموعة من النصوص لشعراء وأدباء فلسطينيين، إضافة إلى الموسيقى، في إشارة إلى استمرار الحياة، الأستاذ آدم المدهون رئيس الجمعية قال لمراسل البديل إن هذه المبادرة تأتي ضمن مجموعة من المبادرات التي يقوم عليها الشباب المتطوعين في الجمعية، وتابع المدهون: "القائمين على هذه الفعالية هم مجموعة من الشباب من كلا الجنسين في فريق عمل الجمعية حيث أنَّ الجمعية تحتضن كادراً شبابياً مثقفاًو تعمل على تقديم أفضل الخدمات لهذا الكادر وللمجتمع". وحول ما تنوي هذه المجموعات تنفيذه مستقبلاً، يقول المدهون: "نملك العديد من الخطط المستقبلية والمرحلية والتي من خلالها تستكمل جميعية ميلاد إيصال رسالتها المحلية والخارجية بواسطة العديد من الأنشطة والفعاليات الثقافية والشبابية".