حدة العلاقة بين الفنانين المستقلين ووزارة الثقافة لا تهدأ أبدا.. تتصاعد مع كل إعلان من قبل الوزارة ممثلة في مؤسساتها المختلفة، عن البدء في مراحل دراسة مشروعات جديدة لدعم فنون المستقلين.. وسط مطالبات بضرورة وضع معايير ثابتة ومستقرة ومعلنة من قبل الوزارة فيما يخص توفير الدعم المالي لفرق المسرح والموسيقي المستقلة، وكذلك مخرجي السينما بكافة أشكالها "الروائية الطويلة والقصيرة، والتسجيلية والوثائقية". "البديل" تفتح ملف العلاقة الشائكة والمرتبكة بشكل دائم فيما بين المستقلين والمؤسسة الحكومية.. في محاولة لرصد أبعاد الأزمة. الناقدة د. هدى وصفى، المدير الأسبق لمركز الهناجر للفنون، وصاحبة التجربة الأهم لدعم المسرح المستقل في مصر خلال ال 20عاما الأخيرة، تريأن دعم الثقافة للمستقلين لابد أن يتم على أسس سليمة، وحتي يتحقق له النجاح من الملح أن يتم العمل بشكل متجانس بين الطرفين، مع منح المستقلين متسعا من الحرية يتيح لهم اختيارما يتم طرحه من خلال أعمالهم. وتشير وصفي إلي تجربتها في مركز الهناجر للفنون وما منحته من فرص للمسرح المستقل دون التدخل في محتوى عروضهم التي ساهمت في إنتاجها، ومساندتها لأكثر من عمل رغم تحفظات الرقابة على ما قدمته بعض هذه العروض، وتؤكد وصفي أن دعم الهناجر للمسرح المستقل لم يقتصر علي توفير الدعم المالي فحسب ولكنه تعدي ذلك إلي توفير قاعات للبروفات والمسرح للعروض، وكل متطلبات الإنتاج الأخري. وعبرت المخرجة عزة الحسينى عن أسفها بسبب تقلص مبالغ الدعم التي تقدمها الوزارة للمستقلين، وتقول إن إدارة موسم الفنون المستقلة استطاع منذ تأسيسه فى عام 2008 الحصول على دعم مادى سنوى من وزارة الثقافة، ولكن هذا الدعم أصبح غير مناسب الآن مع زيادة أعداد العاملين بالفنون المستقلة الآن، وتري الحسيني أن أي فنان مستقل من حقه الحصول علي دعم وزارة الثقافة حتي يتمكن من تحقيق أهدافه، وهو ما نسعي إلي تحقيقه من خلال موسم الفنون المستقلة. د. نهاد صليحة، الناقدة وأستاذ الدراما بأكاديمية الفنون، ترى أن المستقلين يحصلون علي حقهم في الدعم المالي من وزارة الثقافة ب "القطارة"، وذلك بسبب تجاهل الدولة لهم وعدم الوعي بأهمية ما يقدمونه من فنون تستحق المساندة، وتقول صليحة إن ما يحصل عليه المستقلون من الدولة حقهم، لأنهم من دافعي الضرائب ومن حقهم لدي الدولة الحصول علي الدعم،وتؤكد أن الاستقلال يعني استقلال الرأي وليس الإنفصال عن الدولة،وما يجب أن تمنحه من حقوق لمواطنيها. وتطالب صليحة بضرورة وضع سياسات مستمرة وواضحة المعالم فيما يرتبط بدعم الفنون المستقلة،وليس كافيا أن يكون هناك مهرجانين أو ثلاثة لاستيعاب ما يقدمه المستقلين بينما يؤكد السينارست السينمائي والمخرج المسرحى محمد عبد الخالق أن ما يحصل عليه الفنانون المستقلون من قبل وزارة الثقافة ليس دعما ولكنها مساهمة محدودة للغاية من وزارة الثقافة التى لا تستطيع أن تفرق بين الهبة والشحاذة والدعم، فالعروض التى تقدم للمرة الأولى تحصل على 16 ألف جنيه فقط، وهو ما يدعونا للتساؤل عن كيفية إنتاج عرض مسرحي علي سبيل المثال بهذا المبلغ، فالوزارة تتعامل مع الفرق المستقلة على أنها اليد العلىا التى تمنح! وهو ما يعد استغلالا للظروف التي تمر بها الفرق المستقلة رغم جودة ما تقدمه من أعمال تفوق ما تقدمه الدولة نفسها من إنتاج، والدليل فوزها بمعظم جوائز المهرجانات الكبري التي تنظمها الوزارة نفسها. وفي سياق متصل عبر مؤسس فرقة حالة الفنان محمد عبد الفتاح عن استيائه لما يحدث للفرق المستقلة بمصر، مؤكدا علي عدم حصول فرقته علي أي دعم من قبل وزارة الثقافة منذ بداية عملها قبل عشرة سنوات، وذلك بسبب تعاملهم "السخيف" الناكر لأهمية الفنون المستقلة. ويقول عبد الفتاح إن الدعم الذي يحصل عليه المستقلون مقابل ليالي العرض ضمن الموسم المستقل لا يغطي أكثر من 20% من تكلفة الإنتاج، ولا يتمني أكثر من توفير الدولة لقاعات بروفات لاستيعاب مشروعات الفرق المستقلة. ويقول المخرج السينمائى ياسر شبانة إن دعم وزارة الثقافة لبعض المستقلين يقوم علي "المحسوبية والوساطة"، ويروي تجربة شخصية معه وقت محاولته الحصول علي دعم لإنتاج فيلمه "درويش الميدان"، الذي حصل علي موافقة المهندس محمد أبو سعدة "مدير صندوق التنمية الثقافىة" لدعمه وتم تنفيذه بالفعل وكتب علي تتر الفيلم أنه أنتج بدعم من الصندوق، ولم أحصل علي مبلغ الدعم حتي الآن.