تدخل تركيا حقبة جديدة في تاريخها بعد تولي "رجب طيب أردوغان" منصب رئيس البلاد، مما دفع العديد من المحللين بوصف تركيا خلال الفترة القادمة بأنها "تركيا أردوغان" نظرا لهيمنة رئيس الوزراء السابق على البلاد بشكل كبير، وذلك منذ عام 2003، كما أنه دفع بوزير خارجيته السابق "أحمد داود أوغلو" لتشكيل الحكومة الجديدة، وينظر إلى "أوغلو" على أنه أحد أهم عقول إدارة حزب العدالة والتنمية، وساهم من خلال بحوثه الأكاديمية في رسم توجهات جديدة للسياسة الخارجية لبلاده، ونقلها نحو لعب أدوار على المستوى الدولي إنطلاقا من القدرات التي تتوافر لها. الحكومة التركية الجديدة لم تختلف عن اختيار رئيس الوزراء، حيث تتضمن أشخاص مقربين من "أردوغان"، فقد احتفظ "أوغلو" بالأعضاء الأساسيين في الفريق الاقتصادي السابق في الوقت الذي عُين فيه الدبلوماسي الذي تولى إدارة علاقات أنقرة مع أوروبا وزيرا للخارجية في الحكومة الجديدة التي أعلنها يوم الجمعة، وتظهر هذه التشكيلة الحكومية استمرار هيمنة الرئيس التركي الجديد على الحياة السياسية. ويرجح أن يحتفظ "أردوغان" بنفوذه على الفريق الحكومي الجديد مع تعيين مساعده السابق "يالجين أقدوغان" و"نعمان كورتولموش" نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم نائبين لرئيس الوزراء. وقال "حسين يايمان" وهو كاتب عامود واستاذ في العلوم السياسية في جامعة غازي في انقرة إن "هذه الحكومة تحمل توقيع أردوغان". في حين يتسلم "فولكان بوزكير" حقيبة شؤون الاتحاد الأوروبي وهو رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان التركي وسبق أن تولى عددا من المناصب الدبلوماسية في أوروبا، واحتفظ نائب رئيس الوزراء "علي باباجان" المسؤول عن الشؤون الاقتصادية في الحكومة السابقة بمنصبه وكذلك وزير المالية "محمد شيمشك" ووزير الاقتصاد "نهاد زيبكجي" ووزير الطاقة "تانر يلدز". من جانبه يقول "سنان أولجن" وهو رئيس مركز دراسات السياسات الخارجية والاقتصادية في اسطنبول إن "هذه الحكومة محافظة بمعنى أنها لن تحيد عن مسار الفريق الاقتصادي السابق لأردوغان وخصوصا في ميدان السياسات الاقتصادية." وأضاف"هذا يظهر أن حكومة داود أوغلو تدرك جيدا الوضع الاقتصادي الهش في تركيا وبالتالي لن تقدم على أي مخاطرة." كما أدت التغيرات الأخيرة في سياسة "أردوغان" إلى احتفاظ رئيس الاستخبارات التركية "حقان فيدان" الذي كان مرشحا لتولي منصب وزير الخارجية بمنصبه وكذلك وزير العدل "بكر بوزداغ" ووزير الداخلية "افقان علا". وهذه الشخصيات الثلاثة من اللاعبين الأساسيين في معركة أردوغان على "الدولة الموازية" وهو التعبير الذي يستخدمه لوصف شبكة الموالين لحليفه السابق الذي تحول إلى خصمه اللدود المفكر الإسلامي "فتح الله جولن" المقيم في الولاياتالمتحدة، ويتهم أردوغان جولن بأنه اخترق مؤسسات الدولة بينها الشرطة والقضاء لاحكام قبضته على مفاصل سلطة الدولة. من جهة أخرى أوضح داود أوغلو إن عملية السلام مع الأكراد التي تهدف إلى إنهاء ثلاثة عقود من التمرد في جنوب شرق تركيا ستبقى أولوية للحكومة الجديدة. ويخشى خصوم أردوغان أن يرسخ وصوله إلى الرئاسة نظام حكم أكثر استبدادا وأن تؤثر جذوره الإسلامية بشكل كبير على الحياة العامة في البلاد.