للإنشاد الديني قيمة كبيرة لدى عشاق المدائح النبوية ومدائح العشق الإلهى تؤكدها كتب التراث، والذى كانت بدايته مع بداية الأذان حيث كان بلال المؤذن يجوّد فيها كل يوم خمس مرات، ويرتلها ترتيلاً حسنًا بصوت جميل جذَّاب، ومن هنا جاءت فكرة الأصوات الندية في التغني بالأشعار الإسلامية. ومع بدايات القرن العشرين أصبح للإنشاد الديني أهمية كبرى، حيث تصدى لهذا اللون من الغناء كبار المشايخ والمنشدين الذين كانوا يحيون المناسبات الدينية، وتطورت قوالب هذا الفن فأصبحت له أشكال متعددة وأسماء كثيرة تمجِّد الدين الحنيف، وتدعو لوحدة المسلمين، وتشجب الرذيلة، وتدعو إلى الفضيلة، وتمدح رسول الله (صلى الله عليه وسلم). وفي خطوة هى الأولى من نوعها منذ سنوات لاستعادة ريادة مصر في مجال الإنشاد الديني شهد مركز الهناجر للفنون مساء أمس الاثنين حفل تخرج الدفعة الأولي من طلبة مدرسة الإنشاد التابعة لنقابة الإنشاد الديني. حضرالحفل عدد من كبار المشايخ منهم الشيخ أسامة الأزهري والشيخ عبد الرحيم دويدار ووفود عربية من سفارات المغرب، الأردن، السعودية، وتونس ومجلس إدارة نقابة المنشدين ونقيبها الشيخ محمود ياسين التهامي، المخرج ناصر عبد المنعم رئيس قطاع الإنتاج الثقافي، المخرج عاصم نجاتي رئيس المركز القومي للمسرح، د. مدحت فهمي رئيس قطاع الفنون الشعبية السابق، د. ياسمين فراج، إضافة إلى عدد من المثقفين والمبدعين، منهم الكاتبان محمد بهجت وفاطمة ناعوت، وعائلة المنشدين السوريين الإخوة أبوشعر، وعدد من المنشدين من مختلف الأجيال وعدد من مشايخ الأزهر الشريف وأشراف الصعيد. وشهد الحفل الذي نظمه المركز القومي للمسرح والفنون الشعبية والموسيقي بالتعاون مع نقابة المنشدين تكريم عدد من كبار المبتهلين والمنشدين من الأساتذة المدربين بمدرسة الإنشاد وهم الشيخ إيهاب يونس مدير المدرسة وهو أحد أجمل الأصوات على مستوى العالم، الشيخ طه الاسكندراني، د. احمد عادل، المنشد علي الهلباوي وتسلمها عنه الشيخ احمد سعيد عمران، الفنان محمد عنتر. كما قدمت النقابة درعها لتكريم المخرج عاصم نجاتي، الذى أعلن عن دعم نشاط النقابة والذي أعلن بدوره عن تخصيص مقر ثابت لها في قصر الأمير طاز التابع لصندوق التنمية الثقافية لتنتهي بذلك الأزمة التي تعرضت لها المدرسة منذ إنشائها في إيجاد مقر لها حيث بدأت في بيت السحيمي ثم انتقلت منه إلى مقر مؤقت بشارع المعز بالحسين حتي تم تخصيص المقر الدائم الجديد لها. فيما أشار نقيب المنشدين الشيخ محمود التهامي إلى أن النقابة حرصت على إنشاء المدرسة لصقل مهارات المنشدين ولتكون أول مدرسة للإنشاد في الوطن العربي، لتستعيد الدور الذي قامت به كوكبة من الأصوات المصرية العظيمة التي كان لها الفضل في تصدير رسالة الفن الإسلامي للعالم. وقال:"الدراسة المصرية في الإنشاد دخلت في عصر الظل، وحان الوقت لاستعادة دورنا الحضاري خاصة في الوقت الذي ساد فيه العنف بلاد المسلمين بما يستوجب تقديم الفن الإسلامي للعالم ومدح الرسول لاستعادة روح وسماحة الإسلام". وشهد الحفل الذي قدمه الإعلامي ملهم العيسوي تقديم شهادات التخرج لأكثر من عشرين منشدا شابا وثلاثة منشدات هن آية وائل هلال حفيدة الشيخ محمد محمود الطبلاوي، شيماء النوبي ونيرمين محمود. مدير المدرسة الشيخ ايهاب يونس قال:"الدراسة استغرقت ثلاثة أشهر تدربوا خلالها على المقامات الموسيقية واللغة العربية وألوان الإنشاد الديني المختلفة ومنها التواشيح والارتجال والإنشاد الصعيدي. وفي الحفل قدم طلبة المدرسة عددا من التواشيح والابتهالات منها :"حيوا ربيب العلا"، "النبى غالى ومقامه عالى"، "قسما بنور المصطفى"، و"نسيم الوصل"، واختتم الحفل الشيخ محمود التهامي بعدد من أشهر المدائح منها رائعة "قمر سيدنا النبي" التي شاركه فيها المنشد والمقرئ مصطفى عاطف. كانت النقابة قد تأسست كنقابة عمالية بعد ثورة يناير بعد أكثر من عشرين عاما من الجهود على إنشائها كنقابة مستقلة منفصلة عن شعبة الإنشاد بنقابة الموسيقيين وتم إشهارها رسميا في شهر ديسمبر الماضي. وقد نظمت في يناير مهرجانها الأول للإنشاد الديني وتسعى حاليا لتنظيم مهرجان عالمي للإنشاد في محافظة الأقصر، وتضم النقابة حوالي ثلاثة آلاف منشد بينهم عدد من المنشدات وعشرون من المرنمين الأقباط حيث تفتح المجال لرعاية الإنشاد الديني بشكل عام.