تتوالى الضربات القاصمة، على "داعش"، الضربة تلو الأخرى فى زمن قصير، الجيش العراقى من جهة والبيشمركة من جهة أخرى، وحتى الميلشيات المُسلحة التى كونها الأيزيديين تحت اسم "الملك طاووس"، التى نجحت فى قتل 22 عنصر داعشى فى المواجهات الأولى التى بينهما، كل هذا يتم تحت غطاء جوي أمريكى، استهدف مناطق وشخصيات حيوية فى التنظيم، وتداولت أنباء عن إستيلاء أمير خزانة التنظيم على مبلغ 10 ملايين دولار وإختفاءه، وهروب قيادات الجماعة المتطرفة من العراق إلى سوريا، وهنا يكمن السر الأمريكى. إن الإنسحاب الداعشى التدريجى من العراق، يكون تجاه الحدود السورية، للعودة إلى دورها المرسوم من قبل الولاياتالمتحدة، بهدف تفتيت المنطقة والقضاء على جميع محاور المقاومة، عن طريق إستنزاف قواها، وعلى وجه الخصوص الجيش السورى، وهو ما يحدث بمباركة بعض الدول العربية الداعمه للتنظيم الإرهابى كالنظام السعودي، ظناً منها بأن إنهيار سوريا يكفيها خطر النفوذ الإيرانى، والذى يعتبر أكبر هواجسها. ولو دققنا النظر فيما شهدته العراق فترة التوغل الداعشى، لوقفنا على العديد من المحطات التى مرت عليها الأحداث، التى تؤكد أن "داعش" ما هى إلا أداة أمريكية، بداية من إستهداف الشيعة العلنى منذ عام 2006، ثم كارثة تهجير المسيحيين وفرض الجزية على من رفض ترك منزله وحياته، وما أعقبها من محاولة إبادة الطائفة الأيزيدية ومحاصرتها فى الجبال وسبى النساء وبيعهم فى سوق الجوارى، وإزهاق ما يزيد عن 700 روح فى نهار واحد، وفى كل تلك الأحداث لم يتحرك المجتمع الدولى، وكالعاده كان للعرب النصيب الأكبر من الصمت القاتل، حتى دخل الأكراد على خط المواجهة فى محطة محورية من محطات داعش، هنا قرر الغرب والولاياتالمتحدة التدخل وإيقاف التوغل الداعشى، تحت ذريعة حماية الأقليات. برؤية بسيطة بعيدة عن المصطلحات السياسية والإستراتيجية المعقدة، أستطيع القول بأن داعش قامت بدورها على أكمل وجه، وجاء الوقت لتعود إلى سيرتها الأولى على الأراضى السورية، كانت داعش هى عصا تقسيم العراق إلى ثلاثة دول ( شيعية وسنية وكردية)، وقد نجحت بكفاءة فى ذلك، فقد كانت المبرر الوحيد لعودة التدخل الغربى وخاصة الأمريكى فى الشأن العراقى، ما سوف يفرز عن ضرورة ترسيم حدود دولة كردية كمرحلة أولى للتقسيم، وبمزيد من الشحن الطائفى بين السُنة والشيعة، وما أسهله فى تلك الفترة التى يتبادل فيها الطرفان الإتهامات، سيطالب الطرفان أن يكون لكل منهما دولته. وعلى الجميع إدراك سبب مساندة واشنطن للأكراد، وسعيهم لإعلان دولة كردية مستقلة، وهو مساعدة الصهيونية فى التواجد بالقرب من بداية مشروعهم المزعوم "إسرائيل الكبرى" الذى سيبدأ من العراق، وبالتحديد من يهود كردستان، خاصة وأن "اليهود الأكراد" بدأوا منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003 بشراء الأراضي في المنطقة التي يعدونها "ملكية يهودية تاريخية"، وهما مدينة الموصل ومحافظة نينوى، أولى محطات داعش فى العراق، لعل الصورة قد تتضح قليلاً ونعى حقيقة المخطط. إن الوجود الداعشى فى المنطقة، أوشك على أن تزول أسبابه، الذى عززته القوى الغربية والصهيونية، وقد تشهد الفترة القادمة، خلق سيناريو بديل للسيناريو الداعشى، بعد أن أوشك على الإنتهاء والتلاشى، على الأراضى العراقية ومن بعدها السورية.