ارتبطت أعياد المصريين منذ عهد الفراعنة بعناصر الطبيعة التي ترمز للخير والنماء، وبالنيل الذي قدسوه كرمز واهب للحياة. وفي جل احتفالاتهم، لم يغفل المصريون اهتمامهم بعناصر الطبيعة، مهما اختلفت طبيعة المناسبة التي يحتفلون بها. ومن هذه المناسبات، شم النسيم الذي يحتفل به المصريون غدا.. شم النسيم عند الفراعنة أطلق الفراعنة عليه عيد «شموش»، وتعني البعث للحياة من جديد، وأضيفت «نسيم» مع تطور السنوات والتسميات، بعد أن حرف الاسم إلى "شم" في العصر القبطي، حيث يعود نسبه إلى الجو العليل من نسمات الربيع في هذا الوقت. تاريخ الاحتفال يعود الاحتفال بعيد شم النسيم رسميًّا إلى عام 2700 ق. م.، أي في أواخر الأسرة الفرعونية الثالثة، وذهب بعض المؤرخين إلى أن شم النسيم كان معروفًا ضمن أعياد هيليوبوليس ومدينة "أون"، وكانوا يحتفلون به في عصر ما قبل الأسرات. وأخذ كثير ممن يحتفلون بأعياد الربيع في دول الغرب والشرق كثيرًا من مظاهر يوم شم النسيم ونقلوها في أعيادهم الربيعية. مظاهر الاحتفال يبدأ الفراعنة بالاحتفال في الليلة الأولى بمظاهر الاحتفالات الدينية، التي عرفت ب «ليلة الرؤية». التي ورد ذكرها في عدد من البرديات التي تُعلن مولد الزمان، ثم يتحول العيد مع شروق الشمس إلى عيد شعبي تشترك فيه جميع طبقات الشعب حتى فرعون نفسه وكبار رجال الدولة. ويخرج المحتفلون بعيد "شم النسيم" في جماعات إلى الحدائق والمتنزهات؛ ليكونوا في استقبال الشمس عند شروقها، حاملين طعامهم وشرابهم، ليقضوا اليوم في الاحتفال بداية من شروق الشمس حتى غروبها، فتتزين الفتيات بعقود الياسمين "زهر الربيع"، ويحمل الأطفال سعف النخيل المزين بالألوان والزهور، وتُقام حفلات الرقص على أنغام الناي والمزمار والقيثار، وتصاحبها الأغاني والأناشيد الخاصة بعيد الربيع. شم النسيم وفراعنة 2014 يأتي شم النسيم هذا العام في ظل ظروف سياسية وأمنية صعبة تمر بها البلاد، وتثير علامات الاستفهام حول إمكانية استمتاع المصريين بالاحتفال التاريخي. يقول اللواء محمد عبد الفتاح عُمر – الخبير الأمني، شم النسيم يأتي هذا العام بالتزامن مع ظروف عصيبة تمر بها مصر، ورغم ذلك فإن المصريين سينخرجون ويحتفلون بشم النسيم في الشوارع والحدائق العامة دون الخوف من أي إرهاب. وأوضح «عمر» أن وزارة الداخلية تعقد اجتماعات مكثفة حاليا؛ لوضع خطط التأمين والانتشار المحكمة، من أجل حماية المواطنين الذين سيحتفلون بشم النسيم في الأماكن العامة والحدائق. وعن رأي المواطنين في الاحتفال في ظل هذه الظروف، تقول منال أحمد – موظفة بوزارة التموين، إنها لن تغامر بأسرتها في هذا اليوم الذي تتوقع أن تستثمره الجماعات الإرهابية لتنفيذ هجمات تستهدف تجمعات المواطنين الأبرياء، مشيرة إلى أنها سوف تستبدل الاحتفال الخارجي بتجمع عائلي داخلي، حيث تنوي دعوة أشقائها وأقاربها لتناول الفسيخ والرنجة. فيما قال أحمد عبد النبي – موظف حكومي، إن الظروف التي تمر بها مصر حاليا لن تمنعه من الاحتفال هو وأسرته بشم النسيم، خاصة أنها إجازة ينتظرها أولاده قبل الدخول في جو الامتحانات والمذاكرة، مشيرًا إلى أنه سيذهب إلى إحدى الحدائق العامة للاحتفال.