حصدت رواية «بعد القهوة»، للكاتب والروائي المصري عبد الرشيد صادق المحمودي، جائزة الشيخ زايد فرع الآداب، الصادرة عن منشورات مكتبة الدار العربية للكتاب؛ حيث يعد «المحمودي» المصري الوحيد الذي حصد واحدة من جوائز الشيخ زايد للكتاب، البالغ عدد فروعها 8 أفرع، وتنافسَ على جوائزها العشرات من الكُتاب من جميع أرجاء العالم العربي . تتناول «بعد القهوة» النسيج الاجتماعي والطبيعة الطبوغرافية والملامح الأنثروبولوجية للقرية المصرية في الأربعينيات من القرن الماضي، بحسب ما ذكرت لجنة منح الجائزة في حيثيات فوزها، مضيفة أن الرواية "تستلهم التقاليد السردية الكلاسيكية والعالمية الأصيلة وتبرز مهارة في السرد وسلاسة في الانتقال ودقة في تجسيد الشخصيات من الطفولة إلى الكهولة، بالاضافة إلى تجسيد دقيق للعالم الروائي ورسم فضاءات وتحليل الشخصيات في حالة تقلباتها بين الأمل والانكسار والجمع بين الواقعي والأسطوري في إهاب واحد "، وأنها على الصعيد الأسلوبي زاوجت بين فصحى السرد والحوار البسيط الذي يكشف عن طبيعة الشخصيات الروائية. في رواية «بعد القهوة» ثمّة نفس ملحمي طويل، عبر رحلة تمتد لأربعة عقود متتالية، وتستعرض مسيرة بطلها المغترب الذي وُلد ونشأ في إحدى قرى شمال مصر، وتلقى تعليمه الأول في الإسماعيلية، إحدى مدن القناة، لينتقل بعدها إلى أوروبا، في رحلة عمل دبلوماسية طويلة في بلد الموسيقى الكلاسيكية والسيمفونيات العالمية، النمسا، مسقط رأس بيتهوفن وموتسارت. الرواية التي تقع في 421 صفحة من القَطع المتوسط، أراد لها مؤلفها تقسيماً موضوعياًّ ملحمياًّ باعتبارها ثلاثية روائية متصلة، مكونة من ثلاثة أجزاء متضامة ومتضافرة، وكما وصفها عبد الرشيد الصادق المحمودي في العنوان الفرعي للرواية بأنها " ثلاثية روائية "، تدور أحداث الجزء الأول منها المسمى" قاتلة الذئب " في قرية " القواسمة " بمحافظة الشرقية في مصر، فيما تدور أحداث الجزء الثاني المسمى " الخروف الضال " في فضاء مدينتي الإسماعيلية في منطقة القنال، وأبوكبير في محافظة الشرقية، أما أحداث الجزء الثالث المسمى " البرهان " فتدور في فيينا عاصمة النمسا. ولا تخلو الرواية "ملحمية النفس والطابع" من النهل من التراث الفلكلوري والأسطوري العربي والعالمي، في إحالة إلى السرديات الكبرى والأساطير الخالدة التي شكَّلت وجدان البشرية واحتلت مكانها الخالد في مدونة الإنسان الإبداعية والفنية على مرّ العصور؛ فقد ضَّمن المؤلف في روايته إشارات إلى أن قصة يوسف مثلا، وبما يستدعي الوقوف عند المفاجآت المثيرة للدهشة التي دائمًا ما تنهل من روافد ثقافية متعددة؛ فهي – بالإضافة إلى الفلكور المصري – تتضمن إحالات صريحة أو ضمنية إلى الكتب السماوية الثلاثة، وإلى الأساطير اليونانية وبخاصة ما جاء في إلياذة هوميروس وأوديسته، وبصفة أخص قصة ضياع أوديسيوس وهو في طريقه إلى وطنه عائدًا من الحرب على طروادة، وإلى عدد من الروايات العالمية الخالدة مثل «الإخوة كارامازوف» لدستويفسكي، و«فاوست» لتوماس مان. مؤلف الرواية هو الكاتب والروائي المصري متعدد الاهتمامات عبد الرشيد صادق المحمودي، الذي شُهِر بكتاباته المرجعية عن عميد الأدب العربي طه حسين، وهو شاعر وقاص وروائي ومترجم وباحث في مجالات الفلسفة والنقد وتاريخ الأدب، نشر مجموعة شعرية وثلاث مجموعات قصصية ورواية، وتعد رواية «بعد القهوة» هي روايته الثانية. «المحمودي» درس الفلسفة في جامعتي القاهرة ولندن، وحصل على الدكتوراه في مجال دراسات الشرق الأوسط من جامعة مانشستر، وبدأ عمله مترجماً في منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، ثم أصبح رئيساً لتحرير الطبعة العربية من مجلة «رسالة اليونسكو». من أهم كتبه المؤلَّفة والمترجَمة في مجال الدراسات الأدبية والفكرية: «طه حسين من الأزهر إلى السربون»، «طه حسين بين السياج والمرايا»، «برتراند راسل.. فلسفتي كيف تطورت؟» الصادر عن المركز القومي للترجمة عام 2012، و«الموسوعة الفلسفية المختصرة» مع آخرين، مشروع الألف كتاب عام 1962، «طه حسين.. من الشاطئ الآخر»، كتابات طه حسين الفرنسية، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة عام 2008. كما حقق وقدم «طه حسين.. الكتابات الأولى»، الصادر عن دار الشروق، القاهرة 2002، «أدباء ومفكرون» (مقالات)، «محاكمة اليهودي المارق ومقالات أخرى»، «غربة الملك الضليل ومقالات أخرى». ومن أعماله الإبداعية والقصصية : «اللورد شعبان» ( مجموعة قصصية )، ديوان «حباًّ في أكلة لحوم البشر»، «ركن العشاق» ( مجموعة قصصية )، «زائرة الأحد» ( مجموعة قصصية )، ورواية «عندما تبكي الخيول».