وأخيراً تنبهت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين الى الخطر الذي يحيط بهم من وجود الإخوان المسلمين بين ظهرانيهم مدعومون من دولة قطر "الشقيقة"، وبتشجيع من الولاياتالمتحدةالأمريكية التي لا تزال تأمل في أن يعود الإخوان المسلمون لحكم مصر مثلما يحكمون في تونس وليبيا ويعملون على تفكيك كل منهما إلى عدة أوطان صغيرة على أسس طائفية عرقية أو دينية أو مذهبية حسب مقتضى الحال. وفي هذا المنعطف من الإحساس بالخطر أقدمت الدول الثلاث على إعلان أن جماعة الإخوان المسلمين وكذا منظمة "داعش"، وأنصار بيت المقدس، وجبهة "النصرة" منظمات إرهابية، بل وسحبت سفرائهم من قطر. ورغم التقدير الذي حظى به هذا القرار الشجاع، إلا إنه وللأسف كشف عجز الدول العربية عن إتخاذ الموقف الجماعي المطلوب لمواجهة الخطر الذي يتهدد الأمة العربية حيث تكتفي كل دولة بمواجهة الخطرالذي يتهددها هي فقط، مع أن الخطر الذي يتهدد احدى الدول العربية ينسحب بالضرورة على بقية الدولة العربية نظرا للروابط التي تربط بينهم وتجعلهم أمة واحدة. كما كشف أيضا عدم قدرة حكام العرب على اكتشاف مكامن الخطر قبل وقوعه، حتى إذا ما وقع الخطر يبدأون في البحث عن كيفية مواجهته، بعد فوات الأوان. فمثلا لم ينتبه العرب للدستور الذي وضعته أمريكا للعراق بعد احتلاله واحتجوا عليه، والذي ينص على أن العراق "دولة فيدرالية" تمهيدا لأن تصبح كل فيدرالية دولة قائمة بذاتها في المستقبل، واحتمال تعميم هذا النموذج على بقية الدول العربية. ولم ينتبه العرب أيضا إلى فصل جنوب السودان عن شماله بمقتضى استفتاء أعدت له أمريكا (فبراير 2011)، مستندة في ذلك إلى إعلان الرئيس عمر البشير تطبيق الشريعة الإسلامية الذي أثار الحرب الأهلية. ومع ذلك يأتي الإخوان المسلمون للحكم في مصر ولا يتعلمون من درس السودان، فيعملون على تطبيق الشريعة لإثارة الفتنة والحرب الأهلية تمهيدا للتدخل الأمريكي. ولما نجح شعب مصر في إزاحة الإخوان من الحكم (3 يوليو 2013)، أشاعت الجماعة موجة من الرعب بين المصريين ازدادت وتيرتها بفضل دعم التنظيم الدولي للإخوان المدعوم أمريكيا فضلا عن قطر التي أصبحت الذراع الأمريكي في المنطقة. وعندما أعلنت الحكومة المصرية أن الأخوان جماعة إرهابية، لم تفكر أي دولة عربية في مشاركة مصر هذا الموقف لأن ما يحدث أمر خارج حدودها، وربما لأن أمريكا لم تؤيد هذا القرار. فلما شعرت هذه الدول الثلاث بالخطر داخل حدودها من نشاط الجماعات الإرهابية وأن أمريكا قائدة النظام العالمي الجديد تستهدف تقسيم البحرين بين الشيعة والسنة، وإعادة دولة الإمارات إلى حالتها الأولى قبل 1971 عندما كانت سبع إمارات تحت الحماية البريطانية، وأن السعودية مهددة بتقسيمها أيضا إلى أربع وحدات سياسية، وأدرك الجميع أن أمريكاوقطر تستخدمان الجماعات الإسلامية المتطرفة أيا كان إسمها، أسرعوا بإتخاذ ذلك القرار الشجاع. ومن عجب أن الدول العربية الأخرى لم تفكر في مساندة مصر وكذا السعودية والإماراتوالبحرين في هذا الموقف بسبب الغفلة التي يعيشون فيها أو انصياعا للموقف الأمريكي، وتلك هي المأساة. ويبدو أن العرب برغم كل ما حدث لا ينتبهون إلى ما يدور أمامهم علنا .. فهم غير منتبهين إلى مخطط التفكيك المقبلون عليه.. ففي ليبيا يتم العمل على إعادة ليبيا إلى ما كانت عليه قبل عام 1951 ثلاث ولايات: برقة في الشرق وطرابلس في الغرب وفزان في الجنوب، وتقسيم اليمن إلى ستة وحدات إدارية تمهيدا إلى أن تتحول إلى دول قائمة بذاتها مع عدم ذكر كلمة "فيدرالية" شأن العراق حتى يتم تعمية اليمنيين عما يراد بهم، والبقية تأتي. وهكذا يتم تنفيذ مخطط تفتيت كل دولة عربية إلى دويلات وكيانات عرقية ومذهبية على طريق إقامة "الشرق الأوسط الجديد"، والعرب لاهون عما يحيط بهم ولا ينتبهون إلا بعد أن يدق الخطر بابهم لأنهم يتبعون نظرية "جحا" في مواجهة الخطر.