علقت صحيفة "لوموند" الفرنسية على المواجهات العنيفة وأحداث الشغب التي وقعت الأسبوع الماضي في منطقة غرداية جنوبي الجزائر على خلفية عرقية ومذهبية بين مجموعتين من السكان، قائلة إن أحد النشطاء بجمعية أمازيغية لحقوق الإنسان بعث برسالة طلبًا للنجدة كتب فيها "غرداية تحترق". وأوضحت الصحيفة أن الناشط ويدعى "قاسم سوفغالم" أكد لها أنهم يرون الدخان في كل مكان وفي العديد من الأحياء، وأن الأسر تعيش حالة من الهلع، وقد ذكر مصدر طبي أن 60 جريحًا بينهم 12 من عناصر الشرطة، أصيبوا إثر تجدد المواجهات بين مجموعتين من الشباب، تنتمي الأولى إلى العرب وتتبع المذهب المالكي، وتنتمي الثانية إلى الأمازيغ ويتبعون المذهب الإباضي. وقالت إن المواجهات الجديدة اندلعت الأربعاء الماضي، دون أن يستطيع أحد الإشارة بوضوح إلى سببها مما دفع المدارس إلى إغلاق أبوابها، وما يزال الأمازيغ والعرب يتبادلون الاتهامات بالمسئولية عما حدث، وفي صباح الجمعة الماضي، تعرض ما يزيد عن 80 محلا إلى الحرق والنهب في غضون ساعات قليلة لاسيما في حي مليكة. ونقلت الصحيفة عن "سوفغالم" قوله "هذه المرة تم استهداف المحال بصورة أساسية وفقد العديد من أصحابها كل شيء"، لافتة إلى أن الأمازيغ، الذين لا يختلطون بالطوائف الأخرى، يعمل غالبيتهم تجار ورجال أعمال. وأضاف "سوفغالم" "أن السيناريو دائمًا يعيد نفسه، نحن نعيش في مأساة إنسانية"، بينما قال "بوحفص بوعامر"، رئيس مؤسسة الشعانبة، والممثل لطائفة العرب إنه "يجب على السلطات أن تجبر الناس على التحدث وأن يكون هناك حكم، نحن جميعًا مسئولون الآن عما يحدث في غرداية". وأشارت الصحيفة إلى أنه في يناير الماضي، حاول رئيس الوزراء السابق عبد المالك بن سلال التوفيق بين الأطراف مع إعلان تأسيس مجلس للحكماء يكون بمثابة "فضاء للتحكيم و الصلح"، إلا أن هذا المجلس لم يرَ النور، والآن ترك سلال منصبه للتفرغ لإدارة الحملة الانتخابية للرئيس بوتفليقة. ورغم استنكار العديد لأعمال العنف في غرداية، مرارًا وتكرارًا، كدليل على فشل الدولة الجزائرية، يستمر النظام في نفي وجود أي خلاف طائفي والتذكير ب "التعايش المتناغم والسلمي" الذي يسود وادي مزاب حتى الآن، ورغم ذلك يظل الوضع يتفاقم، واختتمت الصحيفة مذكرة بأن مناخ التوتر الشديد والمثير للقلق يسود الولاية التي تقع على أبواب الصحراء قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية.