قرر رئيس البيت الفني للمسرح إيقاف بروفات بعض العروض المقرر إنتاجها ضمن خطط الفرق المختلفة، لأسباب متعددة أبرزها "ضعف الميزانية"، ووسط تهديدات بالاعتصام، ووسط اتهامات متبادلة بين أطراف المشكلة، وتدخلات جهات أعلى داخل وزارة الثقافة، تنتهي الأزمة بتخفيض الميزانية ومواصلة الإنتاج. حول كيفية الحفاظ على حقوق «الفنان الموظف»، في ظل استشعار نقابة المهن التمثيلية "الحرج" في حالة تدخلها للتضامن مع أعضائها أمام مؤسسة "حكومية"، لها نظام عملها وقوانينها، بحثت "البديل" سبل عدم تكرار هذا النوع من الأزمات في مسرح الدولة.. يري المخرج طارق الدويري-الذي واجه أزمة مشابهة قبل افتتاح عرضه "المحاكمة" للجمهور خلال فبراير الماضي- أنه لا توجد أي ضمانات للحفاظ على حقوق فناني البيت الفني للمسرح، في ظل عدم وجود مصداقية تكفل للفنان العمل في أمان، وعدم اكتراث نقابة المهن التمثيلية بالأمر. بينما يؤكد المخرج سعيد سليمان، أنه لم يبدأ بروفات عرضه المسرحي "ماراصاد" قبل خمسة أشهر، إلا بعد موافقة مدير مسرح الطليعة وإجازة النص والمشروع، وقيام الفنان فتوح أحمد، رئيس البيت الفني للمسرح، بالموافقة الأولية على المشروع وميزانيته، إلي أن فوجئ قبل أيام بتراجعه وقرار إيقاف البروفات لعدم توافر ميزانية في الوقت الحالي، وهو ما دفعه لتصعيد الأمر للدكتور محمد أبو الخير، رئيس قطاع الإنتاج الثقافي، الذي وعد بإنهاء الأزمة، وتوفير المبالغ المالية اللازمة لإنتاج العرض من ميزانية القطاع مباشرة. ويقول الفنان محمد دسوقي، مدير مسرح الطليعة، أنه لا يصح أن تقوم إدارة البيت الفني للمسرح، باعتبارها واحدة من أهم مؤسسات الدولة المعنية بإنتاج المسرح، بإيقاف العروض الهامة بعد عدة شهور من البروفات وحصولها على الموافقات الممهدة لخروج العرض إلى النور، وهو ما وصفه «دسوقي» بإهدار جهود الفنانين، وعدم تقدير لمديري الفرق ومكاتبها الفنية التي أقرت خطة إنتاج الفرق المسرحية، وذكر إن نقابة المهن التمثيلية لا يمكنها التدخل لإنهاء هذا النوع من المشكلات، خاصة أن فرق عمل هذه العروض من العاملين بالدولة، ويكون دور النقابة أكثر فعالية في حالة مشكلات الأعضاء مع مؤسسات القطاع الخاص، وهو ما يتطلب أن تكون كلمة رئيس البيت الفني للمسرح ك"السيف" ولا يصح التراجع عنها بحجج تتعلق بالميزانيات. الفنان خالد الذهبي، مدير المسرح القومي، اقترح حصول مخرجي العروض على خطاب تكليف معتمد من الفرقة التي تنتج له العمل، بما يضمن حقه في حالة تعثر الإنتاج وتوقف البروفات، ويفضل «الذهبى»حل مثل هذه المشكلات داخليًا، من خلال إدارة الفرقة دون أي تدخل من النقابة أو غيرها حتى لا تتسع الأزمة بما يعقد طرق تجاوزها وحلها. في السياق، قال المخرج ناصر عبد المنعم، رئيس المركز القومي للمسرح – وأحد رؤساء البيت الفني للمسرح السابقين- إن التخطيط العلمي يقتضى تقسيم ميزانية الإنتاج على الفرق مع بداية كل سنة مالية، ويتم الارتباط المالي بمبلغ الإنتاج، وإخطار إدارة الفرقة التي يصبح عليها تخطيط الإنتاج للعام المالي وفقا للمبلغ المخصص، هذا ببساطة يضمن عدم بدء الفنانين في عمل مجهول المصير، إذن القضية تتعلق بالإدارة والتخطيط، أما موضوع تدخل النقابة فأنا لا أفضله لسببين الأول أن الفنان الموظف لا يتم التعاقد معه لأنه موظف بالفرقة وابن من أبنائها، وبالتالي ليس هناك صفة قانونية يمكن التعامل على أساسها، والسبب الثاني أننا نريد علاقة وطيدة وودية بين الفنان وفرقته حتى نعيد مفهوم الفرقة المسرحية التي ساهمت في نهضة المسرح خلال عقود سابقة. ويري «عبد المنعم» أن الشكاوى واللجوء للنقابة ستزيد الهوة بين الفنان وفرقته، وبين الفنان والبيت الفني الذي نريده أسما على مسمى، بيت للمسرحيين جميعًا، لذلك أرى الحل في التخطيط العلمي، وتجنب العشوائية وهبوط عروض من خارج الخطة تلتهم الميزانية وتؤثر على خطة الإنتاج، ولنتفق جميعًا "فنانون وإداريون"، أن لا تبدأ بروفة واحدة لعرض قبل أن يتم الارتباط المالي الخاص به احترامًا لوقت وجهد الفنان، لأن العمل لشهور ثم التوقف لعدم وجود ميزانية أمر مهين وغير مقبول. الفنان سامح الصريطى، وكيل نقابة المهن التمثيلية، ذكر أن الفنان هنا يمارس مهام وظيفية، وعليه واجبات وله حقوق تدار من خلال قنواتها الشرعية، مشيرا أن النقابة لا تمتلك فرض قراراتها على المؤسسات الحكومية، ولكنها تسعى جاهدة لتسوية النزاعات التي يكون الأعضاء طرفا فيها، لدعمهم ومساعدتهم في عودة الحق لأصحابه.